تظهر أعراض اضطراب طيف التوحد على بعض الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة. وقد ينمو أطفال آخرون مصابون بذلك الاضطراب بشكل طبيعي خلال الأشهر أو السنوات القليلة الأولى من حياتهم، ولكن فجأة يصبحون انطوائيين أو عدائيين أو يفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها بالفعل. ويتميز كل طفل مصاب بـاضطراب طيف التوحد بنمط سلوكي فريد، ومستوى معين من حدة الاضطراب، يتأرجح بين انخفاض وارتفاع الأداء الوظيفي.
ما هو مرض التوحد؟
التوحد Autism هو نوع من أنواع الاضطرابات النمائية التطورية أي التى تحدث أثرا في نمو وتطور الأطفال، وتشخص الحالات غالبا في العام الثالث من عمر الطفل، وتحدث هذه الاضطرابات نتيجة خلل في الجهاز العصبي المركزي الذي يؤثر على بعض وظائف المخ، محدثا اضطرابات النمو والمشاكل السلوكية التي تميز مرضى التوحد. ويؤثر اضطراب طيف التوحد في كيفية إدراك الطفل للآخرين والاندماج معهم، ويتجلى هذا الاضطراب في جوانب أساسية من نموه، مثل التفاعل والتواصل والسلوك الاجتماعي.
أعراض التوحد عند الأطفال
أولا: ملامح عامة عن طرق التواصل والتفاعل مع الآخرين
- لا يستجيب عند مناداته باسمه، أو يبدو كأنه لا يسمعك في بعض الأوقات.
- يرفض العناق والملامسة، ويبدو أنه يفضل اللعب بمفرده، منسحباً إلى عالمه الخاص.
- لا يتواصل بصرياً، أو يكون تواصله ضعيفاً، وتغيب تعبيرات الوجه.
- لا يتكلم أو يتأخر في الكلام، أو قد يفقد قدرته السابقة على التلفظ بالكلمات والجمل.
- غير قادر على بدء محادثة أو الاستمرار فيها، وقد يفصح عن طلباته أو يسمّي الأشياء.
- يتكلم بنبرة أو إيقاع غير معتاد، فقد يستخدم صوتًا رتيبًا، أو يتكلم مثل الإنسان الآلي.
- قد يكرر الكلمات أو العبارات حرفيًا، دون أن يعي كيفية استخدامها.
- يبدو كأنه لا يفهم الأسئلة أو التوجيهات البسيطة.
- لا يعبر عن عواطفه أو مشاعره، ويبدو كأنه غير مدرك لمشاعر الآخرين.
- لا يدلّ على الأشياء، ولا يجلبها لمشاركة اهتماماته.
- تفاعله الاجتماعي غير ملائم، كأن يكون بليدًا أو عدائيًا أو مخرّبًا.
ثانيا: أنماط سلوكية تميز المصابين بطيف التوحد
- يقوم الطفل بحركات متكررة، مثل التأرجح أو الدوران أو رفرفة اليدين، أو قد يقوم بأنشطة تُسبب له الأذى، مثل ضرب الرأس.
- يعتمد أفعالاً روتينية أو طقوسًا معينة، وينزعج عندما يطرأ عليها أدنى تغيير.
- يتحرك باستمرار.
- يعاني من مشكلات في التناسق الحركي، فيتحرك بتهور مثلاً أو يسير على أصابع قدميه، ولديه لغة جسد غريبة أو متيبسة أو مبالغ فيها.
- قد ينبهر بتفاصيل جسم ما، مثل حركة عجلات السيارة، دون أن يدرك الصورة الإجمالية لهذا الأمر.
- قد يكون حساسًا بشكل مفرط تجاه الضوء والصوت واللمس، ورغم ذلك نجده غير مدرك للألم.
- لا ينخرط في ألعاب التقليد أو التمثيل.
- قد يكون غير متعاون أو يقاوم التغيير.
- قد يظل محملقًا بجسم أو نشاط ما بحماسة، أو بتركيز متواصل.
- قد تكون لديه تفضيلات غريبة من الأطعمة، مثل تناول القليل من الأطعمة فحسب، أو تناول الأطعمة ذات قوام معين فقط.
ثالثا: مستويات الذكاء والقدرة على التأقلم
يعاني معظم الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد من بطء في اكتساب المعرفة أو المهارات، وبعضهم لديه علامات على ذكاء دون الطبيعي. ولكن هناك من يراوح معدل الذكاء لديهم من متوسط إلى مرتفع، فيكون بإمكانهم التعلم بسرعة، إلا أنهم يجدون صعوبة في التواصل وتطبيق ما تعلموه في الحياة اليومية والتكيف مع المواقف الاجتماعية. وعدد قليل من الأطفال المصابين بذلك الاضطراب ممن يعدون موهوبين، وتكون لديهم مهارات استثنائية في الفنون مثلاً أو الرياضيات أو الموسيقا.
أسباب مرض التوحد عند الأطفال
ليس هناك سبب واحد معروف للإصابة باضطراب طيف التوحد، ونظرًا لتعقيد ذلك الاضطراب وتنوع أعراضه وحدّته، فمن المحتمل أن يكون له عدد من الأسباب، وقد يكون للعاملين الوراثي والبيئي دور في ذلك.
المشكلات الوراثية
يبدو أن هناك عدة جينات مختلفة ذات صلة بحدوث اضطراب طيف التوحد. وبالنسبة لبعض الأطفال، من الممكن أن يرتبط ذلك الاضطراب باضطراب وراثي، مثل متلازمة ريت أو متلازمة الصبغي X الهش.
وفي حالة الآخرين، قد تجعل التغيرات الوراثية الطفل أكثر عرضة لاضطراب طيف التوحد أو تخلق عوامل مخاطر بيئية. فضلاً عن ذلك، لا تزال هناك جينات أخرى قد تؤثر في نمو الدماغ أو طريقة اتصال خلايا الدماغ بعضها ببعض، أو قد تحدد مدى حدة الأعراض. ويبدو أن هذه المشكلات الوراثية قد تكون موروثة أو تحدث تلقائيًا.
العوامل البيئية
يحاول الباحثون في الوقت الحالي اكتشاف ما إذا كان لبعض العوامل، مثل العدوى الفيروسية أو حدوث مضاعفات خلال فترة الحمل أو ملوثات الهواء، دورٌ في تحفيز الإصابة باضطراب طيف التوحد.
علاج التوحد عند الأطفال
لا يوجد علاجٌ شافٍ بعد لاضطراب طيف التوحد، وليست هناك طريقة علاج واحدة تناسب جميع الحالات. والهدف من العلاج هو زيادة قدرة الطفل على أداء الأعمال بأكبر قدر ممكن من خلال الحد من أعراض اضطراب طيف التوحد ودعم النمو والتعلم لديه.
العلاجات السلوكية والاتصالية
تعالج عدة برامج مجموعة من الصعوبات الاجتماعية واللغوية والسلوكية المرتبطة باضطراب طيف التوحد. وتركز بعض البرامج على الحد من السلوكيات المثيرة للمشاكل، وتعليم مهارات جديدة. في حين تركز غيرها من البرامج على تعليم الأطفال كيفية التصرف في المواقف الاجتماعية أو كيفية التواصل مع الآخرين على نحو أفضل. وعلى الرغم من أن الأطفال لا يتخلصون دائمًا من أعراض اضطراب طيف التوحد، فإنهم قد يتعلمون كيفية أداء الأعمال بشكل جيد.
قد يستجيب طفل التوحد للبرامج التربوية |
العلاجات التربوية
غالبًا ما يستجيب الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد جيدًا للبرامج التربوية التي تتميز بدرجة عالية من التنظيم. وغالبًا ما يظهر الأطفال قبل سن المدرسة ممن يحظون بتدخلات سلوكية فردية مركزة تقدمًا جيدًا.
العلاجات الأسرية
يمكن أن يتعلم الآباء وأفراد الأسرة الآخرون كيفية اللعب والتفاعل مع أطفالهم المرضى بطرق تحفز المهارات الاجتماعية وتعالج المشكلات السلوكية وتعلمهم مهارات الحياة اليومية والتواصل.
الأدوية
ليس هناك أي دواء بإمكانه تحسين العلامات الأساسية لاضطراب طيف التوحد، ولكن هناك أدوية معينة تساعد في السيطرة على الأعراض. فعلى سبيل المثال، قد يصف الطبيب أحيانًا مضادات الاكتئاب الموصوفة لعلاج القلق، والأدوية المضادة للذهان لعلاج المشكلات السلوكية الحادة. وهناك أدوية أخرى قد توصف لطفلك في حال كان يعاني من فرط النشاط.
الفيتامينات والمكملات الغنية بالأوميغا 3 تحسن أعراض التوحد
أشارت دراسة تحليلية إلى أن تناول الأطفال المصابين بالتوحد مكملات غذائية وفيتامينات غنية بالأوميغا 3 قد يقلل من حدة أعراض المرض لديهم. وحلل الباحثون بيانات من 27 دراسة تجريبية شملت في الإجمال 1028 طفلا مصابا باضطراب التوحد.
وقسم الباحثون المشاركين إلى مجموعات تتناول مكملات غذائية متنوعة غنية بالأوميغا 3 ومجموعات تتناول دواء وهميا. وخلص الباحثون في الدراسة التي نشرت في دورية (بيدياتركس) إلى أن المكملات الغذائية المحتوية على الفيتامينات وأوميغا3 حسنت كثيرا من أعراض التوحد.
وأضافوا أن هذا التأثير كان بنسب مختلفة في الدراسات الأخرى، لكنه شمل تحسنا في مهارات اللغة، التفاعل الاجتماعي، الانتباه، النوم، التواصل، تقليل تكرار السلوك وسرعة الانفعال. وقال الدكتور ديفيد فراجواس، كبير باحثي الدراسة والباحث في مستشفى جريجوريو مارانيون العام وجامعة كمبلوتنسي بمدريد: "تشير تلك النتائج إلى أن بعض التدخل في الحمية الغذائية قد يكون له دور في إدارة علاج بعض الأعراض المتعلقة بخلل الوظائف لدى المصابين بالتوحد".
وأشار الباحثون في الدراسة إلى أن تحليلهم اعتمد على بيانات دراسات تجريبية محكمة لكنها اختبرت أنواعا مختلفة من المكملات، كما تنوعت طرق قياس النتائج، ما منع دراستهم من الخروج بنتيجة حاسمة عن نوع وكمية المكملات المناسبة للأطفال المصابين بالتوحد.
وأضافوا "الآليات الأساسية التي تقوم عليها الفاعلية المحتملة للتدخل بالنظام الغذائي في أعراض التوحد غير معروفة... ودراستنا لا تجيب عن هذا السؤال المهم والأبحاث الموجودة لم تصل لنتيجة حاسمة".
ووفقا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها يصاب طفل من بين 59 تقريبا بالتوحد. وعادة يتم تشخيص الإصابة بالمرض لدى الذكور أكثر من الإناث. وعلى الرغم من أن الدراسة الحالية أظهرت أن المكملات الغذائية تلك تساعد في ما يبدو الأطفال المصابين إلا أنه من السابق لأوانه توصية الآباء بالبدء في إعطائها لأطفالهم.
وتقول أكاديمية التغذية وعلم النظم الغذائية إن ما يعقد الأمور بالنسبة للأطفال المصابين بالتوحد هو أن كثيرين منهم يعانون من مشكلات متعلقة بالطعام أيضا، إذ قد تكون لديهم حساسية عالية لمذاق ورائحة ولون وملمس بعض الأطعمة أو يأكلون أنواعا مختارة فقط، كما قد تؤثر بعض الأدوية على شهيتهم.
وتنصح الأكاديمية بزيارة الأطفال المصابين بالتوحد لخبير تغذية متخصص قبل اتباع أي حمية للتأكد من حصولهم على كل العناصر الغذائية والسعرات التي يحتاجونها لنموهم.
ألعاب وأنشطة مناسبة لطفل التوحد
يوجد العديد من الأنشطة المختلفة التي يمكنك اختيارها لطفلك إذا كان مصاباً باضطراب طيف التوحد، وسنلقي نظرة على بعض هذه الألعاب التي يمكن أن تكون ممتعة وتعليمية.
1. صنع عمل فني
يميل معظم أطفال التوحد للفنون، ويجدون من السهل التعبير عن إبداعهم وموهبتهم من خلال الأنشطة الفنية، والأهم من ذلك، فإنّ العمل مع الألوان يعزز التطور الحسي لدى هؤلاء الأطفال، ويمكن للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات الرسم بأقلام التلوين وأقلام رصاص، بينما يمكن للأطفال الأكبر سناً التلوين بألوان مائية أو طلاء الأكريليك، وتذكر أن تقدر إبداعاتهم الفريدة، لأن هذا من شأنه تحفيزهم بشكل كبير.
2. القيام بعمل حرفي
يساعد العمل الحرفي أطفال التوحد على تحسين براعة أصابعهم، فالعمل الحرفي البسيط مثل صنع ملصق، أو حامل قرطاسية، أو فراشات ورقية، وما إلى ذلك، ليس من أجل إشراكهم به فقط، وإنما لمساعدتهم أيضاً على تطوير الصبر، ويمكنهم أيضاً العمل مع الطين لإنشاء أنواع مختلفة من النماذج والمجسمات.
3. قراءة قصة
القراءة هي نشاط تفاعلي مهم للأطفال المصابين بالتوحد، ويمكن قراءة القصص والقصائد عليهم، ويمكن تشجيع الأطفال على قراءة بعض الأسطر من القصص، كما يمكن تشجيعهم على حفظ القصائد مع الأحداث، ويمكن أيضاً إصدار قصص قصيرة من قبل مجموعات من الأطفال.
4. الموسيقى والأناشيد
لقد لوحظ أن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات طيف التوحد غالباً ما يتفاعلون بشكل إيجابي مع استخدام الموسيقا، وعندما يتم تدريسهم العزف على الآلات الموسيقية البسيطة، فإنهم غالباً ما يستجيبون بحماس؛ فالموسيقا تحفّز نصفي الكرة المخية كما تحفّز العمليات المعرفية، يحب معظم الأطفال أيضاً الغناء وتعلم أغانٍ جديدة والمشاركة في أنشطة الغناء بفعالية كبيرة.
5. ألعاب الطفولة
عندما تحاول أن تجعل الأطفال الذين يعانون من التوحد يكوّنون صداقات أو يصبحون أكثر اجتماعية، قد يكون من الأفضل اللجوء إلى الألعاب الشعبية الشائعة في بلدك، وهذه الألعاب ليست معقدة للغاية ويمكن أن تنفذ بالكثير من المرح، وقد تكون فكرة جيدة التركيز دائماً على المواهب الفريدة لطفلك حتى يلعب لعبة تبني ثقته وتجعله أكثر راحة.
6. تنظيم فريق رياضي
إن ممارسة الرياضة مع الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد يمكن أن تكون مهمة بسيطة، وقد يتطلب الأمر القليل من الضغط لجعلهم يمارسون رياضات تتطلب الاحتكاك الجسدي، وحاول إشغالهم بألعاب وأنشطة مثل الجولف والبيسبول أو حتى الألعاب المائية، وحاول تجنب الألعاب مثل كرة القدم لأن اللمس قد يخرجهم من منطقة الراحة الخاصة بهم.
7. الأنشطة الحسية
من المهم أن تختار ألعابا سهلة وحسية في الطبيعة مثل الغميضة، ويمكنك أيضاً تضمين ألعاب مثل التلاعب بالألفاظ ورابط الصورة والرياضيات الذكية.
8. الرحلات والزيارات
النشاط المثالي للطفل التوحدي هو زيارة حديقة المدينة أو حديقة الحيوانات أو حتى متحف حسب تفضيل الطفل، ولن يساعد هذا طفلك على أن يكون أكثر تناغماً مع محيطه وحسب، بل سيساعده أيضاً على تعلم شيء جديد.
هذه بعض الأنشطة العديدة التي يمكنك مساعدة الأطفال التوحديين على الانغماس فيها، وقد تساعد هذه الأنشطة طفلك على تطوير هواياته واختيار شيء لديه اهتمام كبير به، وتحلى بالصبر مع طفلك، واسمح له باستكشاف اهتماماته، ولا تتردد في السماح له بتجربة عدة أنشطة مختلفة، وتذكر أن التشجيع والتحفيز هما المفتاح لجعل هذا النشاط تجربة تعليمية ممتعة لطفلك.
المصدر: موقع صحتك