icon
التغطية الحية

أطباء بلا حدود: الكوليرا تهدد منظومة الرعاية الصحية المتضررة في سوريا

2022.11.24 | 15:12 دمشق

منظمة أطباء بلا حدود ترعى مرضى الكوليرا في سوريا
منظمة أطباء بلا حدود ترعى مرضى الكوليرا في سوريا
Doctors without Borders - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تتمدد فاطمة التي تعود أصولها إلى حلب على سرير في وحدة معالجة الكوليرا التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود، وتحس تلك المرأة بوهن شديد ولذلك تساعدها ممرضة في شرب محلول الجفاف عبر الفم الذي تقدمه لها في كوب.

وقد صارت فاطمة في طور التعافي من المرض الذي لم يظهر في سوريا منذ 15 عاماً.

إذ بعد أن نجت من الحرب والقصف الذي طال منطقتها ابتداء من عام 2011، أتت لتزور ابنها الذي اضطر للنزوح إلى الرقة عقب قيام قتال في منطقته، إلا أنها مرضت بعد وصولها إلى هناك بفترة قصيرة.

باتت فاطمة اليوم على استعداد للقاء عائلتها من جديد، ولكن ذلك اللقاء لن يحدث بشكل شخصي للأسف، بل عبر مكالمة فيديو رتب لها المسؤولون في وحدة معالجة الكوليرا وذلك للحد من عدد الزوار ولمنع انتشار البكتيريا.

تعلق فاطمة على ذلك بالقول: "نقلني أهلي في البداية إلى المشفى الوطني في الرقة، فساء وضعي، إذ عانيت من صداع وإسهال شديدين وكنت أتقيأ طوال الوقت عندما وصلت إلى وحدة معالجة الكوليرا، ولم أكن أعرف سبب مرضي، ولكني شعرت بأني أموت".

مصدر المرض

تقدم منظمة أطباء بلا حدود استجابتها لتفشي جائحة الكوليرا بشكل مستمر في شمال شرقي سوريا بالشراكة مع الجهات الصحية المحلية.

فقد كانت وحدة معالجة الكوليرا في الرقة تستخدم كمشفى للمعالجة من كوفيد-19، ثم خيم عليها السكون لبضعة أشهر، مع هبوط عدد المرضى الذين أصبحت حالتهم حرجة، فلم تعد هنالك حاجة لتخصيص مبنى كامل لهذا الغرض. ولكن سرعان ما عادت الإنارة لذلك المبنى وصار فريق تابع لمنظمة أطباء بلا حدود يستقبل المرضى ويطمئنهم على صحتهم.

ظهرت الكوليرا في دير الزور بداية حيث عزيت لمياه نهر الفرات الملوثة، ثم انتقلت إلى الرقة فحلب قبل أن تجتاح كامل البلد بسرعة.

في تلك الأثناء، أجبرت موجة جفاف طويلة كثيرا من الناس على الحصول على الماء من مصادر معرضة للخطر مثل مياه الأنهار والقنوات المكشوفة.

ولذلك، هنالك تخوف اليوم من تفشي الكوليرا على نطاق واسع، ويزداد هذا التخوف بين أوساط منظومة الرعاية الصحية المحلية التي أنهكت بعد سنوات النزاع الإحدى عشرة.

الكوليرا في شمال غربي سوريا

في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي البلاد، وصل علاء حسان، 30 عاماً، وقد هدّه التعب والمرض إلى وحدة معالجة الكوليرا التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود، والتي تشتمل على 24 سريراً، وتعتبر تلك الوحدة الأولى من نوعها في تلك المنطقة.

وعنها يقول علاء: "في البداية، اعتقدت بأني أعاني من جرثومة عادية في الأمعاء، ولكني خلال ساعات صرت أتقيأ وزادت حدة الإسهال لدي، وكاد أن يغمى عليّ، كما هبط ضغط الدم لدي فجأة. كنت قد سمعت عن تفشي الكوليرا في سوريا، لكني لم أتوقع أن أصاب بتلك العدوى وأن أعاني من تلك الأعراض الخطرة".

تدعم منظمة أطباء بلا حدود ثلاث وحدات لمعالجة الكوليرا في هذه المنطقة، بالإضافة إلى نقاط معالجة الجفاف الفموي والتي تعتبر الخطوة الأولى لمعالجة المرضى الذين تظهر لديهم أعراض الكوليرا قبل أن يحتاجوا لأن ينتقلوا إلى المشفى.

تمت معالجة نحو 300 مريض حتى الآن في تلك النقاط، إلى جانب معالجة 220 مريضا في وحدات معالجة الكوليرا الموجودة بشمالي إدلب.

يصنف نحو 20% من تلك الحالات على أنها حادة، ويعود ذلك بشكل رئيس للتأخر في طلب العلاج.

حماية المجتمعات

أحمد علي من فريق الدعم الصحي بوحدة معالجة الكوليرا في الرقة، هو أحد العاملين في مجال حماية صحة المجتمع والذين يتحدثون إلى المرضى وأهاليهم حول مخاطر هذا المرض كما يجيبون عن أي سؤال يتعلق به.

يشرح هذا الفريق كيفية التعرف على العوارض الأولى للكوليرا، وماذا ينبغي علينا أن نفعله في حال شككنا بإصابة شخص من حولنا بهذا المرض.

MSF health promoters teach school children how to wash their hands and prevent catching cholera

فريق الدعم الصحي الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود وهو يعلم أطفال المدارس كيفية غسل اليدين لتجنب الإصابة بالكوليرا

يعلق أحمد على عمله بالقول: "يخبرني بعض الأهالي في ريف الرقة بأنهم يستخدمون الماء مباشرة من قنوات مكشوفة أو من النهر وذلك لأغراض الشرب أو الاستعمالات المنزلية، بيد أن تلك المياه ملوثة وغير آمنة، ولكن مع توقف مصنع المياه القريب، لا بد أن يبحث الأهالي عن مصادر أخرى بشكل طبيعي".

ولكن وكما يخبرنا أحمد فإن ضرر ما يفعله هذا المجتمع بات ملموساً، حيث يقول: "يصلنا وسطياً 25 مريضاً كل يوم، ولكن في شمال شرقي سوريا هبطت الحالات بشكل ملحوظ، بعدما تعلم الأهالي كيف يحمون أنفسهم وأهلهم من المرض".

مايزال الشمال السوري يترقب شتاءً قاسياً في ظل أوضاع أمنية غير مستقرة، بيد أن المجتمعات المحلية تفعل كل ما بوسعها اليوم لمنع تفشي الكوليرا ولضمان عدم إضافة تعقيدات جديدة على الوضع الإنساني المضطرب أصلاً.

المصدر: Doctors without Borders