اعترى الحزن الطبيبة ميري ديب، 26 عاماً، والتي تعمل لدى مشفى كينت بأميركا، على أبناء جلدتها من السوريين الذين عاشوا ويلات الحرب لمدة 12 عاماً، والآن فقدوا عائلاتهم وخسروا بيوتهم في سلسلة الزلازل التي قتلت أكثر من 48 ألف إنسان في تركيا وسوريا.
تتحدث الدكتورة ميري عن تلك المأساة فتقول: "اعتدنا على الأخبار السيئة، ولكن لم يخطئ أحد هنا، فالناس الذين أصابتهم الضربة كانوا يبنون حياتهم من جديد.. ولكن في غضون ثوانٍ معدودات خسروا أهلهم وكلَّ شيء يملكونه".
بيد أن تقديم المساعدات للمنطقة أمر بغاية الصعوبة، إذ احتاجت أول دفعة من فرق البحث والإنقاذ ليومين قبل أن تتمكن من الوصول إلى أشد المناطق تضرراً بسبب الزلزال، كما أن أعدادهم لم تكن كافية لتقديم المساعدة اللازمة، بحسب تقارير نشرت في صحيفة وول ستريت جورنال.
ولكن، على الرّغم من ذلك، بقيت الدكتورة ديب ترغب بالمساعدة، ولهذا توجهت لمعارفها في سوريا، ولزميلها في المشفى الدكتور جنان ذكار، وهكذا اجتمعت الدكتورة ديب مع ذكار والطبيبة لورا فورمان والدكتورة هديل زينة على مدار الأسبوعين الماضيين، وذلك حتى يطلقوا مناشدة لجمع التبرعات النقدية والعينية بهدف مساعدة ضحايا الزلزال.
ترعرعت ديب في دمشق، على الرغم من أن والدها تعود أصوله لقرية صغيرة في منطقة وادي النصارى التي لا تبعد كثيراً عن الحدود اللبنانية، وهكذا تواصلت ديب مع أبيها وأقربائها وأصدقائها عبر البريد الإلكتروني والواتساب والهاتف، لتقدر مدى تعاسة الوضع وكم الاحتياجات هائلة، وعن ذلك تقول: "إن كل ما لديهم هناك هو الاعتماد على بعضهم البعض، والآن حرموا حتى من ذلك"، في إشارة لمن يعيشون في تلك المنطقة التي مزقتها الحرب.
كان الدكتور ذكار والدكتورة فورمان في الطليعة حيث عملا في السابق على تنظيم الحملات الإغاثية، إذ سبق أن قاما بإغاثة الهند عندما تفشى فيها كوفيد-19، ومن خلال ما بذلاه من مجهود جمع المشفى حينها مليوني دولار تنوعت بين مستلزمات طبية عينية بالإضافة إلى مبلغ 85 ألف دولار كتبرعات نقدية وذلك لدعم عمليات تعليب ونقل لوازم الإغاثة من كوفيد إلى الهند. ولقد أدرك كل منهما بأنه من الصعب ضمان وصول التبرعات لمن يحتاجها دون أن تمر على من يمكن أن يسرقها من الأفراد أو المنظمات التي قد تبيعها وتستفيد منها.
استوعبت ديب ذلك الاحتمال، ولهذا استعانت بوالدها الذي تمكنت من خلال مساعدته من التواصل مع بطريركية أنطاكية للروم الأرثوذوكس التي تدير عمليات فرقة عمل هيئة الإغاثة البطريركية.
وهكذا نشر ذكار في البيان الصادر عن المشفى ما يلي: "بمجرد أن نقوم بجمع المسلتزمات الضرورية، سيتم شحن المساعدات الإنسانية بطائرة شحن إلى مطار بيروت، بعد ذلك ستصل المساعدات إلى الإرشمندريت ملاتيوس شطاحي مدير دائرة العلاقات المسكونية والتنمية في سوريا، والتي تعتبر أكبر هيئة إغاثية سورية محلية خارج تلك التي تطلقها الكنائس والمنظمات الصغيرة بحسب ما تعرفه د. ديب التي تخبرنا بأن النقص في الاحتياجات الأساسية التي تشمل حليب وحفاضات الأطفال قد تفاقمت بسبب الزلزال، ولهذا جمعت تلك المجموعة من الأطباء المسلتزمات الطبية إلى جانب إعداد قائمة ضمت حليب الأطفال المخصص لحديثي الولادة، والملاءات والخيام ومنتجات العناية بالصحة والمعلبات والمراتب الهوائية.
وحول عمليات التسليم، يخبرنا ذكار بأنه يمكن للتبرعات الفردية أو تلك التي تقدمها منظمات صغيرة أن تقدم عند المدخل الرئيسي للمشفى، وأضاف بأنه يمكن إجراء ترتيبات لجمع تبرعات أكبر أو نقلها إلى مستودع حيث يمكن تعليبها ضمن رزم صغيرة قابلة للنقل بسهولة حتى تصل إلى الجهة الشريكة التي تتمثل بشركة الخطوط الجوية التي ستقوم بنقلها.
يدرك هذا الطبيب بأن عملية جمع التبرعات هي أسهل جزء بالموضوع في حين تصبح عملية نقلها وتوزيعها على الأرض الجزء الأعقد من العملية، لكنه يثق بالدعم الذي تقدمه الشركة الناقلة من خلال شحنها المجاني، كما تحدث إلى العاملين في البطركية وهو مطمئن إلى أنهم فريق ميداني جيد.
يذكر أنه من خلال الجهود الساعية لتوزيع المستلزمات الطبية الخاصة بكوفيد في الهند، والتي شملت أجهزة تنفس وسوائل وريدية ومعدات الوقاية الشخصية والمجازات والأدوية، تمكن ذكار وفورمان من جمع مواد احتاجت لأربع طائرات حتى تنقلها.
ولهذا يأمل ذكار أن تتكون لديه صورة كاملة حول ما جمعوه بنهاية هذا الأسبوع، كما يتمنى أن يتم شحن أول دفعة من التبرعات بالطائرة إلى بيروت بعد مرور ثلاثة أسابيع أخرى.
المصدر: Cranston Herald