icon
التغطية الحية

أسعار خيالية لنجوم كرة القدم.."كونتا كنتي" يعود مع أديداس وبوما

2021.02.12 | 16:48 دمشق

byaybabtllb.jpg
محمود أبو حامد
+A
حجم الخط
-A

معظمنا يتذكر (كونتا كنتي)، الشخصية الرئيسية في مسلسل "الجذور/ ROOTS" المأخوذ عن رواية المؤلف الأميركي "أليكس هيلي"، المنشورة عام 1976، واكتسبت إشادة واسعة من الجميع. وشُيّد لـ كونتا كنتي نصب تذكاري وسط مدينة أنابوليس.

وحسب الرواية تم اعتقال كونتا كنتي عام 1761م وكان عمره 18 عاماً، ثم تم ترحيله إلى أميركا وبيعه كعبد لعائلة برجوازية بقيمة 750 دولاراً كأعلى سعر، كونه يتمتع بقوة جسدية مكنته من العمل والإنتاج وتحمل الصبر والجلد.

صفقات متجددة

عاد مسلسل "الجذور" إلى الظهور في شهر فبراير 2020 حين وُجهت إلى رجل من ولاية أيوا الأميركية تهمة التحرش والاختطاف بعد احتجازه امرأة وإجبارها على مشاهدة مسلسل "الجذور" لتتمكن من فهم عنصريتها بشكل أفضل.

لكن في الواقع كونتا كنتي يعود كل يوم، وإذا كان سعره قد تبع لعمره وقوته الجسدية في "الجذور"، فإنه على الأقل، كان يحرث الأرض ويزرعها ويجني محصولاً يساهم في القطاعات الإنتاجية.

أما كونتا كنتي الحالي الذي يرتدي ثيابه الرياضية من"أديداس" أو "بوما" فهو يتمتع بقوة جسدية من أجل المتعة والتنافس والمقامرة، وإرضاء جماهير كرة القدم، ورغم أنه يعيش في رفاهية مخملية وبذخ خيالي، لكنه يباع ويشترى تماماً كالعبيد، وقد تمت أول صفقة بيع قبل صدور رواية الجذور، إذ تعود لعام 1893، حيث تم انتقال اللاعب "ويلي غروفس" من نادي "ويست بروميتش ألبيون" إلى نادي "إستون فيلا" بقيمة 100 جنيه إسترليني، أي بقيمة شرائية تعادل، اعتباراً من يوليو 2016، نحو 13,250 جنيهاً.

اقرأ أيضاً: مارادونا.. كيف بات أسطورة سياسيين وفنانين وأدباء وأناس بسطاء؟

ومنذ ذلك التاريخ تتالت الأسماء والأسعار مع مرور السنين بشكل لا يصدق، وتجددت صفقات النوادي الخاصة ببيع لاعبيها، ففي عام 1996، انتقل البرازيلي رونالدو من نادي آيندهوفن إلى برشلونة بما يعادل 29,500 ألف جنيه، وبعد نحو عام انتقل من نادي برشلونة إلى إنتر ميلان بما يعادل 42,350 ألف جنيه. وفي عام 2001 انتقل زين الدين زيدان من نادي يوفنتوس إلى ريال مدريد بسعر يعادل 75 مليون يورو، وفي عام 2009 جاء كريستيانو رونالدو إلى ريال مدريد، قادماً من مانشستر يونايتد، بقيمة تعادل 94 مليون يورو، وتعتبر صفقة بيع برشلونة للبرازيلي نيمار جونيو، إلى نادي باريس سان جيرمان، هي الأغلى في تاريخ كرة القدم لحد الآن، إذ وصلت إلى 222 مليون يورو.

وجاء الخبر الطازج من صحيفة "ماركا" الإسبانية تحت عنوان: كومان ينشّط 300 مليون يورو في برشلونة. ليؤكد التعامل السلعي العبودي الواضح مع اللاعبين، إذ يشيد الخبر بالعمل الكبير الذي يقوم به رونالد كومان، المدير الفني لبرشلونة، كونه نجح في استعادة مستوى الثلاثي "أنتوان جريزمان وعثمان ديمبيلي وفرينكي دي يونج" الذي كلّف خزائن النادي ما يقارب 300 مليون يورو.

القيمة والراتب

جاء في صدارة الأندية فريقا مانشستر سيتي وليفربول الإنجليزيان بقيمة سوقية للاعبين بلغت 1.08 مليار يورو لكل ناد

والمفارقة أن هذه الصفقات، التي تتم في السر عادة، قد لا تتناسب مع راتب اللاعب، ففي الوقت الذي كان فيه راتب مهاجم نادي برشلونة، ليونيل ميسي، هو الأعلى عالمياً، جاء في المركز الحادي والعشرين في صفقات بيع النوادي للاعبيها، بقيمة شرائية تعادل نحو 100 مليون يورو، ومنافسه التقليدي ومهاجم يوفنتوس، كريستيانو رونالدو، في المركز رقم 70 برصيد 62.8 مليون يورو، وعليه فقد بات سعر اللاعبين يحدد غلاء الفريق،  فقد كشف موقع " ترانسفير ماركت " وهو اسم على مسمى، قائمة أغلى 50 فريقاً من حيث القيمة السوقية للاعبيهم، وجاء في صدارة الأندية فريقا مانشستر سيتي وليفربول الإنجليزيان بقيمة سوقية للاعبين بلغت 1.08 مليار يورو لكل ناد.

واحتل نادي برشلونة الإسباني المركز الثالث بقيمة 878.7 مليون يورو، في حين جاء بايرن ميونخ الألماني في المركز الرابع بقيمة 876 مليون يورو. أما المركز الخامس فكان من نصيب نادي باريس سان جيرمان الفرنسي بنحو 858.8 مليون يورو، وحلّ سادسا ريال مدريد الإسباني بقيمة 855 مليون يورو. في حين يبلغ راتب ليونيل ميسي 8.5 ملايين يورو شهرياً، وراتب كريستيانو رونالدو 4.5 ملايين يورو ، ونيمار جونيور 4 ملايين يورو، ولويس سواريز 3 ملايين يورو، في حين يبلغ راتب كليان مبابي، صاحب أغلى صفقة نحو 1.5 مليون يورو شهرياً.

الفيفا والتسليع

قبل جائحة كورونا، بلغت ميزانية "فيفا" للفترة الممتدة من 2015 إلى 2018 نحو 5 مليارات دولار، وحقق الاتحاد خلال هذه الفترة إيرادات بقيمة 2,3 مليار دولار من التسويق وتذاكر المباريات، و2,7 مليار دولار من بيع حقوق البث التلفزيوني للبطولات التي ينظمها الاتحاد.

وإذا ما عدنا إلى الربح الكبير الذي كانت تمنحه الإعلانات للاقتصاد الرياضي، فهل تراجع التسليع أم أخذ أشكالاً مختلفة؟

في العام 2012 سمحت الفيفا للاعبات بارتداء الحجاب، بعد أن حُرم في 2011 المنتخب الايراني من اللعب أمام نظيره الأردني بسبب ارتداء لاعباته الحجاب ضمن تصفيات أولمبياد لندن 2012 في عمان، كما اعتبر خاسراً فيها (صفر-3)، وهذا ما سمح للدول العربية عامة والخليجية خاصة بالمشاركة، وضخ السوق الرياضي بأموال إضافية.. ولكن لم تتوقف طبيعة القوانين الخاصة بالمرأة على الحجاب وحسب، فثمة تراجع، ربما لأسباب دينية أو أخلاقية، عن لباس المرأة "للمايوه" داخل بعض الملاعب، كما في المباريات العالمية لكرة الطائرة، وكرة التنس، وحتى في السباحة.

اقرأ أيضاً: على رأسهم ميسي.. انهيار القيمة السوقية لنجوم كرة القدم الإسبانية

وأيضاً تدخلت بقوة الأسباب الصحية، ومنعت منعاً باتاً إعلانات التبغ وأي مواد أو سلع تتعارض مع الصحة العامة.. ومع كل هذا ظل التسليع في ازدياد والأرباح في تصاعد، وتدخلت التقنيات الحديثة لتنوّع في أساليب دعايات إعلاناتها، وحتى ولو خدعت المشاهدين، وصاروا يعتقدون أن على أطراف الملاعب إعلانات بلغتهم الأصلية، لكن للأسف يكون ذلك في الواقع عبر تقنية "DBRLive" وهي تقنية تقدمها شركة تدعى "Supponor" وتقوم بالاتفاق مع شركة التسويق الرياضي المسؤولة عن إدارة وتسويق اللوحات الإعلانية في الملعب، والتي بدورها تسوقها على الشركة المالكة لحقوق نقل المباريات، عن طريق وضع الإعلانات على الكاميرات الخاصة بنقلها لكل منطقة حسب لغتها.

إعلانات ومكافآت

منذ التأسيس استغل الأخوان "داسلر" دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي افتتحها أدولف هتلر في برلين عام 1936، فصمما أحذية رياضية ذات مسامير في أسفلها خصيصاً للمتنافسين في الأولمبياد.

وللترويج لمنتجاتهما أقنعا العداء الأمريكي "جيسي أوينز" أن ينتعل أحد أحذيتهما، وقد حقق به أربع ميداليات ذهبية، مما شكل دعاية قوية للأخوين داسلر، وتهافت الرياضيون لشراء أحذيتهما ليبلغ الطلب نسباً خيالية.

وبدلاً من أن توطد الشهرة شراكتهما، حصل العكس تماماً بحلول الحرب العالمية الثانية، فدبت الخلافات بين الأخوين لتتحول فيما بعد إلى عداء أدى إلى ولادة شركتين جديدتين، إذ بعد انقضاء الحرب، أسس كل من الأخوين علامة تجارية خاصة به. فأسس "أدولف داسلر" شركة سماها "أديداس" وهي جمع اختصارين لاسمه "أدي" مع اسم عائلته "داس". في حين شكل رودلف شركة أطلق عليها اسم "رودا" في البداية ثم حولها إلى "بوما".

لم تتوقف الأرباح على تلك الشركات وحسب، ففي تبادل مدروس بينها وبين النوادي يتم تقاسم الإعلانات والمكافآت.

ومازالت أرباح الشركتين في تصاعد خيالي، فقد حققت شركة أديداس أرباحاً صافية قدرها 2.2 مليار دولار عام 2019، وحققت بوما أرباحاً وصلت إلى 1.32مليار يورو. في حين وصلت أرباح شركة "نايكي" إلى 1.1 مليار دولار في العام نفسه.

هذا ولم تتوقف الأرباح على تلك الشركات وحسب، ففي تبادل مدروس بينها وبين النوادي يتم تقاسم الإعلانات والمكافآت.. وتجني الأندية العالمية أرباحاً وعوائد مالية كبيرة من اتفاقيات تصنيع الملابس الخاصة بالفرق الرياضية وإعلاناتها، إذ تقدر قيمة عقد نادي ريال مدريد بنحو 110 ملايين جنيه إسترليني سنوياً مع شركة "أديداس" ويستمر حتى عام 2025.

وتبلغ قيمة صفقة برشلونة مع شركة "نايكي" نحو 100 مليون جنيه إسترليني سنوياً حتى عام 2028، مع إمكانية الحصول على مبلغ أكبر طالما كان ميسي ضمن صفوف الفريق. وتعد الصفقة التي وقعتها "بوما" مع نادي مانشستر ستي عام 2019 هي الأكبر في تاريخ الشركة، إذ بلغت قيمتها 758 مليون يورو، وتستمر لعشر سنوات.

وتجدر الإشارة إلى أن  هذا التبادل بين الاعلانات والأرباح ليس بين الشركات والأندية فحسب، فقد أظهرت إحصائية "إنستا ويلث" التي ترصد عائدات النجوم من إعلانات إنستغرام مثلاً، أن الدخل السنوي للاعب كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو، من أرباح الترويج على موقع التواصل الاجتماعي الشهير، يفوق دخله الرئيسي من نادي يوفنتوس الإيطالي.

واعتلى رونالدو قائمة الأعلى دخلاً في الموقع مقارنة بنظرائه الآخرين وأبرزهم ميسي، إذ حصد أكثر من 47 مليون دولار من 49 إعلاناً. وليونيل ميسي 23.3 مليون دولار من 26 إعلاناً، ويحصل رونالدو على 57.5 ملايين يورو من الـ بيانكونيري، بالإضافة إلى 1.5 مليون من الجوائز، و54 مليوناً من مختلف الرعاة. لكن ليونيل ميسي لا يُحصل نفس المبلغ من الرعاة، حيث يبقى وجهاً إعلانياً متوسط المستوى أمام رونالدو، لكنه يتقاضى من نادي برشلونة 87 مليون يورو في المجمل، بالإضافة إلى مبلغ 5.1 ملايين من المكافآت، و38 مليوناً فقط من الرعاة، وسيحصل من ناديه برشلونة على "مكافأة ولاء" قيمتها 83 مليون دولار، ولذلك فمن المرجح أن يستمر على قمة قوائم الثروة.