أسبوع كامل وأسواق اللاذقية شبه مغلقة، وفي سلوك غير اعتيادي تقرر وزارة المالية التابعة للنظام إعادة تخمين ضريبة الدخل السنوية بأثر رجعي يعود لعام 2015.
الإغلاق أسهل من الدفع
يقول ياسر محمد (صاحب محل سمانة) لموقع تلفزيون سوريا: "أنا ملتزم بدفع كل المبالغ التي تترتب عليّ ولم أتأخر أبدا عن السداد، علما أن الضريبة التي دفعتها العام الماضي كانت قرابة نصف مليون ليرة، وهو مبلغ كبير مقارنة بحجم محلي ومهنتي فأنا لست صناعيا ولا مستوردا ولا أملك مولا كبيرا، لأتفاجأ الآن بأن المالية ستعيد التخمين وسأدفع وفق التخمين الجديد عن ثماني سنوات مضت، لذلك أغلقت محلي بعد أن تبرعت بكمية قليلة كانت عندي من الألبان والأجبان للفقراء من أصدقائي وجيراني، باقي السلع لن تفسد بالوقت القريب وسأبيعها بسعر الكلفة وسأعرض دكاني للبيع أو للإيجار."
أما علي شبار (يملك مطعم شاورما ووجبات سريعة) يقول "28 مليون المبلغ المطلوب مني كما أخبرتني لجنة المالية التي دخلت لمطعمي،" يتابع "عندما سمعت المبلغ توقعت أنني إما سمعت خطأ أو أن اللجنة أرادت أن تمزح معي".
وأكد أيضا أن اللجنة امتصت غضبه وشتائمه على البلد وما يجري بها وقالوا له إن ما يحدث لا يقبله عاقل لكن الأوامر أتت لجمع أكبر قدر من المال لأن "الدولة أفلست".
وعندما سألناه إن كان سيدفع المبلغ المطلوب أكد أنه لن يدفع و"لو أغلقت المالية المطعم بالشمع الأحمر".
استياء في اللاذقية من سلوك مالية النظام
المحامي حسين منى قال لموقع تلفزيون سوريا إن "الإجراء المتبع من وزارة المالية فيه مخالفة دستورية صريحة، وإن تم توكيل محام ليرفع دعوى قضائية على وزارة المالية يمكن ربحها حتى لو كان القضاء غير مستقل والمحاكم مرتهنة للنظام"، وينصح "منى" برفع دعاوى حيث أثار هذا الإجراء التعسفي استياء في اللاذقية خاصة من قبل أصحاب المحال التجارية.
عمار صوفي يعمل لدى محل لبيع الدخان والمعسل والمشروبات الساخنة وينتظر انتهاء حملة التموين والجمارك ودوريات المالية ليفتح المحل ويعود إلى عمله، ويقول لموقع تلفزيون سوريا" كلما ارتفع سعر الدولار نواجه مع الزبائن مشكلات، لذلك قررنا إغلاق المحل حتى يعتاد الناس على السعر الجديد" ويضيف "أقسم أنه عندما أخبر الزبون بسعر علبة الدخان ينظر لي باحتقار وكأنني أنا من بعت الجولان".
ويوضح "يحيى بيازيد" اسم مستعار لموظف في المالية، أن التعليمات واضحة والوزارة تريد أكبر قدر من المال، ويتابع "كان المواطن المكلف ضريبيا يتأخر لسنوات عن دفع الضريبة وينتظر عفوا عن الفوائد، أما الآن حتى الذين دفعوا الضرائب سيتم تخمينهم من جديد وسيُطرح المبلغ الذي دفعوه ليدفعوا الباقي.. مثلا عندما دفع بائع تجزئة ضريبة عام 2015 المقدرة في حينها 50 ألفا وتخمينه الجديد تم تقديره 900 ألف فيلزم بدفع 850 ألفا عن عام 2015 هو شيء لا يصدق لكنه للأسف حقيقي".
ويضيف "أنا عملي مكتبي ولا أقوم بجولات في الأسواق لكنني علمت أن التعليمات الشفوية صدرت لدوريات المالية بألا ينفعلوا ويغضبوا إن أساء لهم أحد الباعة وأن يفهموه أنهم متعاطفون معه بالمختصر (ما يحكو معو من فوق)".
وقال أحد الناشطين السياسيين في اللاذقية (طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية) إن"خنق المواطن والضغط عليه سياسة النظام منذ خمسين عاما وإن اتخذت أشكالا مختلفة تتراوح ما بين قرارات تفيد الطغمة الحاكمة أو ممارسات قمعية مافيوية وما تقوم به المالية اليوم هو من النوع الثاني، يعد تعبيرا واضحا وجليا عن ظلم النظام وبطشه واستخفافه بالناس الذين هم رعايا بنظره لا مواطنون".
ويرى أن قرارت النظام الجائرة عززتها عودته إلى جامعة الدول العربية ويضيف قائلا: " وأنا أتوقع منه مزيدا من الجور والغي، وممارسات أخرى غير مقبولة في مدينة تعد منكوبة بعد زلزال 6 شباط، يفترض أن يعفى أهلها من الضرائب والديون والفوائد، ليتعلم قليلا من تركيا وكيف تعاطت الحكومة التركية مع مناطقها المنكوبة، هو لم يسرق المعونات فقط بل فرض ضرائب وخوّات في ظل ظروف مأساوية يعيشها المواطن اليوم".
وتابع قائلا "القرار ما هو إلا وسيلة للتشليح وباب للرشى وللفساد يفتح على مصراعيه، إضافة لشل حركة السوق التي هي أساسا بحكم المشلولة.. ولدي سؤال أود طرحه: صاحب بقالية في حي شعبي ضريبته بالسنوات الثماني الماضية 10 ملايين.. إذا كم ضريبة صاحب معمل كبتاغون؟".