مر أسبوع على الضربة الأميركية التي قتلت زعيم تنظيم "الدولة"، أبو إبراهيم القرشي. المعروف بـ "عبد الله قرداش"، مرت هذه الأيام دونما تعليق من التنظيم، الذي يبدو أن نشاطه على الأرض لم يتأثر بمقتل قرداش، بل على العكس تُشعرنا بياناته المتزايدة عن عملياته التي تبثها وكالة "أعماق" أن معركة "انتقام للخليفة" قد بدأت على الأرض.
أميركا قتلت "أبو إبراهيم القرشي" في أطمة السورية
شنت القوات الأميركية في 3 شباط الحالي، إنزالاً جوياً على منزل بالقرب من بلدة أطمة شمال غربي سوريا، ودارت اشتباكات لمدة ساعتين تقريباً ثم انسحبت القوة المهاجمة.
وبعد ساعات من العملية، أعلن الرئيس الأميركي، مقتل "أبو إبراهيم القرشي" زعيم تنظيم "الدولة"، وقال بايدن في بيان: "بتوجيهات مني، نفذت القوات العسكرية الأميركية في شمال غربي سوريا بنجاح عملية لمكافحة الإرهاب لحماية الشعب الأميركي وحلفائنا، وجعل العالم مكاناً أكثر أماناً. بفضل مهارة وشجاعة قواتنا المسلحة، استبعدنا من ساحة المعركة أبو إبراهيم الهاشمي القرشي".
ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن عملية قتل القرشي نُفّذت على بعد 24 كيلومتراً من مكان مقتل زعيم تنظيم "الدولة" السابق، أبو بكر البغدادي.
"قرداش" ليس الزعيم الأول للتنظيم الذي تقتله أميركا
منذ اللحظة التي أعلن فيها الرئيس الأميركي، جو بايدن، قتل "عبد الله قرداش"، توقع كثيرون أن إزاحته عن المشهد لا يعني انتهاء التنظيم، مدللين على ذلك باستمرار التنظيم بنشاطه رغم فقدانه كبار قادته سابقا.
وهذا ما أكده مسؤولون عسكريون أميركيون، إذ قالوا إن وجود التنظيم مستمر في سوريا والعراق، وهو متصاعد، حتى بعد فقد زعيمه.
لكن اللافت في الأمر هو تأخر التنظيم أسبوعا -حتى الساعة- في إعلان مقتل أبو إبراهيم القرشي وتسمية من سيتولى منصبه، ما يشير إلى وجود أمور مستعصية داخل الحلقات الضيقة تؤخّر هذا الإعلان.
وسبق أن تأخر تنظيم "الدولة" 3 أيام حتى أعلن مقتل زعيمه السابق، أبو بكر البغدادي، نهاية تشرين الأول 2019، بغارة أميركية استهدفته في منطقة باريشا شمال غربي سوريا.
ووفق كثير من المتابعين فإن تسمية قائد جديد لتنظيم الدولة ليس أمرا مهما، لأن هذا المنصب بات شكليا منذ مقتل "أبو بكر البغدادي" (الزعيم السابق).
وفي هذا السياق يشير مركز "جسور للدراسات في تقرير له تحدث فيه عن تجنّب "تنظيم "الدولة" الإعلان عن مقتل زعيمه إلى أن التنظيم "انتقل إلى اللامركزية، ومنصب الخليفة أصبح منصباً رمزياً".
وخلص التقرير إلى أن ذلك "لا يعني أن التنظيم قد يتحفظ طويلاً على الإعلان عن مقتل زعيمه، لكنه ربما يُرفق ذلك بتنفيذ عملية نوعية جديدة ضد قسد أو التحالف الدولي".
وعلى الرغم من التقليل من أهمية معرفة اسم الزعيم الجديد، إلا أنه لابد من الإشارة إلى الأسماء المحتملة لتولي هذا المنصب، ووفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن "مسؤولين أمنيين" فإنه من المرجح أن يتم اختيار الزعيم القادم من ضمن دائرة ضيقة من الجهاديين العراقيين، ممن برزت أدوارهم في أعقاب الاجتياح الأميركي للعراق في العام 2003".
وتنحصر التوقعات بين القيادي في التنظيم في العراق أبو خديجة، وقائد التنظيم في الأنبار أبو مسلم، وأبو صالح وهذا لا يعرف عنه سوى القليل من المعلومات، لكنه كان مقرباً من البغدادي والقرشي، أما المرشح الرابع فهو أبو ياسر العيساوي، الذي تحوم شكوك حوله بأنه ما يزال على قيد الحياة بالرغم من أن التنظيم نعاه في السابق، وهو ذو مكانة مهمة جداً في التنظيم، لامتلاكه خبرة عسكرية طويلة.
ويتوقع مراقبون أن يكون القائد الجديد صاحب مؤهلات عسكرية أقوى من القرشي، الذي "كان من رجال الشريعة أكثر منه قائداً عسكرياً".
وكالة "أعماق" تتحول إلى ماكينة بيانات لعمليات التنظيم
وفق رصد أجراه موقع تلفزيون سوريا لوكالة "أعماق" المقربة من التنظيم، يمكن القول إن التنظيم زاد من نشاطه منذ مقتل زعيمه "أبو إبراهيم القرشي" بشكل لافت ووصل في بعض المناطق إلى مضاعفة عملياته إلى 3 أضعاف كـ محافظة دير الزور شرقي سوريا.
وقبل مقتل القرشي كان التنظيم ينشر بيانا أو اثنين على الأكثر بشكل يومي عن هجوم نفذته خلاياه في دير الزور، لكنه اليوم بات ينشر نحو 4 بيانات عن عمليات متزامنة تستهدف عناصر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، كان آخرها استيلاؤه على أسلحة وذخائر من مقر لـ "قسد" في بلدة الشحيل، وقد تبع هذه العملية مداهمات واسعة للتحالف الدولي و"قسد" في منطقة البصيرة القريبة.
كما نشرت وكالة "أعماق" اليوم الجمعة، إحصائية لعمليات التنظيم في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، وأشارت هذه الحصيلة إلى مقتل 115 عنصرا من "قسد" وتدمير 5 آليات عسكرية.
أما في العراق وإفريقيا، فقد تحولت "أعماق" إلى ضخ عشرات الصور والبيانات يوميا عن عمليات التنظيم في هذه المناطق، مع الإشارة إلى أنه في الأصل ينشط بشكل واسع فيها، لكن الأيام القليلة الماضية شهدت ازديادا واتساعا في تلك العمليات.
وقالت وكالة رويترز إن تنظيم "الدولة" توسع في منطقة الساحل بالقارة الأفريقية العام الماضي وربما يفتح الانسحاب الأميركي من أفغانستان الذي صاحبته حالة من الفوضى الباب أمام فرص لتدعيم وجوده في أراضيها.
وفي ساحة نشاطه الرئيسية بالعراق وسوريا أعلن التنظيم مسؤوليته عن مئات الهجمات في العام الماضي. وفي كانون الثاني شن عملية لاقتحام سجن غويران في شمال شرقي سوريا سقط فيها أكثر من 100 من حراس السجن وقوات الأمن قتلى.