"البؤس الاقتصادي السوري: واقع الاقتصاد السوري 2011- 2022" كتاب صدر حديثاً للكاتب والخبير الاقتصادي السوري أسامة قاضي عن دار "الملتقى" للنشر، وهو الثاني في سلسلة تتكون من ثلاثة أجزاء يتناول فيها الخبير والمستشار الاقتصادي حالة البؤس الاقتصادي العالمي بصورة عامة، والاقتصاد البائس في سوريا بشكل خاص.
ويشرح الكتاب الذي جاء في 487 صفحة، معنى مؤشر البؤس لدى أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور (HAMI) "ستيف هانك"، من حيث مجموع معدلات البطالة والتضخم والإقراض المصرفي مطروحاً منه النسبة المئوية للتغير في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد، فإذا كانت معدلات المؤشرات الثلاثة الأولى مرتفعة أو "سيئة" فسيكون الناس أكثر بؤساً. وفي المقابل، إذا كان نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مرتفعاً والذي يُطرح من مجموع السيئات عندها سيكون الناس سعداء.
سوريا خارج التصنيف!
ويعدّ مؤشر HAMI مقياساً بسيطاً لبؤس الأمم اقتصادياً شمل 156 دولة خلال عام 2020، حيث جاءت سوريا خارج التصنيف من بين تلك الدول، إذ أن الواقع الاقتصادي السوري الكارثي هو في حالة من "البؤس" المفجع، وفق القاضي. والرقم الأعلى في المؤشّر يعتبر الأسوأ كونه يشير إلى درجة بؤس الدولة.
ويذكر الكتاب أنه في عام 2020، تصدرت فنزويلا (3827.6) ثم زيمبابوي (547) فالسودان (193.9) وفق مؤشر HAMI بحسب الدرجات الأعلى. ولو أجرينا حسابات تقديرية للبؤس الاقتصادي، لوجدنا أن سوريا تنافس زيمبابوي وفنزويلا على المكانة الأولى والثانية للدولة الأكثر بؤساً في العالم، ولن يكون الوضع أفضل على مؤشر "روبرت بارو" الاقتصادي في جامعة هارفارد (BMI) بل سيُظهر الاقتصاد السوري بؤساً أكبر.
هشاشة الدولة السورية
ووفق الكتاب، فإن السبب في ذلك البؤس الاقتصادي لسوريا يتجسّد في هشاشة الدولة/ النظام، بحسب مؤشر الدول الهشة (فراجايل ستيتس إنديكس). ويشمل تصنيف الدول الهشة 12 مؤشراً بما فيها الأمن والاقتصاد والحريات والتدخل الخارجي والخدمات العامة والضغوط الديموغرافية، وقد احتلت سوريا المرتبة 48 عام 2011 (قبل اندلاع الثورة السورية)، أي أنها كانت بمرتبة 48 كأفشل دولة في العالم منذ ما قبل "المؤامرة الكونية" التي يدّعيها النظام السوري.
ويقول المؤلف: "إن ذلك الوضع الاقتصادي المزري كان واحداً من أهم أسباب اندلاع الثورة في سوريا (آذار 2011) كما أشرت إليه في كتابي (الجذر الاقتصادي للثورة السورية)، حيث كانت سوريا الدولة 119 من أصل 189 دولة على مؤشر التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2011".
أما في عصر البؤس الاقتصادي بعد 2011 فقد ساء حال هشاشة الدولة السورية بشكل أكبر، و"تربّعت" في عام 2021 على المركز الثالث بعد اليمن والصومال فباتت ثالث أكثر حكومة هشّة وفاشلة في العالم. كما احتلت المرتبة 151 على مؤشر التنمية البشرية، والواقع يوحي يقيناً أن الواقع الاقتصادي والإنساني هو أسوأ من ذلك بكثير، بحسب القاضي.
أجزاء السلسلة الاقتصادية عن سوريا
وفي وقت سابق من العام الحالي، أصدر أسامة قاضي الكتاب الأول من السلسلة تحت عنوان "الجذر الاقتصادي للثورة السورية" تناول فيه حقبة ما قبل آذار 2011، موضحاً الفشل الاقتصادي الهائل منذ ذلك الحين، ما تسبب في إشعال ثورة السوريين على الظلم الاقتصادي والحيف الذي عايشوه في حياتهم اليومية ممزوجاً بالفساد والظلم والاضطهاد في ظل نظام الأسد الشمولي.
أما الجزء الثالث، فسيخصصه القاضي لتفنيد صور الانهيار المرعب الذي وصل إليه الاقتصاد السوري اليوم، وطرح سيناريوهات جدية للخروج من هذه الأزمة على ضوء تجارب دول العالم والاستفادة منها وطرحها كمشاريع سياسية بجرأة وشجاعة لإيقاف النزيف السوري.
أسامة قاضي
- خبير ومستشار اقتصادي سوري من مواليد حلب 1968. رئيس مجموعة عمل سوريا والمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، ورئيس المجلس السوري الكندي ورئيس كلية كونكورديا الكندية للعلوم الصحية والتكنولوجية والأعمال في كندا.
- درّس الاقتصاد في جامعة ميشغان الأميركية، وجامعات أميركية أخرى. حاصل على جائزة الإبداع العلمي لدار سعاد الصباح عام 1994، وعمل في سوريا مستشاراً اقتصادياً لهيئة مكافحة البطالة، وقدم مساهمة لحل مشكلة البطالة في سوريا قدمه لحكومة النظام السوري، كما ساهم في دراسة استشرافية مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة "استشراف مستقبل سوريا 2025".
- له العديد من الدراسات والمؤلفات منها: "الحوار والديمقراطية في الشرق الأوسط"، و"من أجل أخلاق أفضل في القرن الحادي والعشرين"، و"أزمة النظام الرأسمالي"، و"العقدة التنفيذية والصناعة السورية" (قبل 2011) باللغتين العربية والإنكليزية. بالإضافة إلى عشرات المقالات في الاقتصاد السياسي السوري.