قال مسؤولون في الأمم المتحدة إن مناطق النظام ستواجه نقصا حادا في الخبز للمرة الأولى منذ تسع سنوات، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، وفرض عقوبات أميركية جديدة.
وستوثر الاضطرابات في دعم الخبز المعمول به في سوريا على السوريين المعتمدين اعتمادا كبيرا على القمح في وقت يدفع فيه التضخم الجامح أسعار المواد الغذائية للارتفاع.
وقال مايك روبسون ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في سوريا "ثمة أدلة بالفعل على أن الناس بدأت تستغني عن وجبات غذائية".
وأضاف "إذا ظلت العملة تحت ضغط فسيكون من الصعب الحصول على الواردات وربما تشهد الشهور التي تسبق محصول القمح لعام 2021 نقصا حقيقيا".
ويعاني الاقتصاد السوري من انهيار بسبب العمليات العسكرية التي يشنها النظام منذ سنوات، إضافة للأزمة المالية في لبنان التي تعمل على خنق مورد حيوي للدولارات.
وكان نظام الأسد يعتمد على الأموال التي تقدمها إيران من خلال "الخط الائتماني" قبل توقفه، وبحسب وكالة بلومبيرغ، "أنفقت ما بين عشرين إلى ثلاثين مليار دولار في سوريا لدعم بشار الأسد".
وخلال الأشهر الستة الأخيرة وحدها تشير بيانات برنامج الأغذية العالمي إلى أن عدد الذين يقدر أنهم "لا يشعرون بالأمن الغذائي" في سوريا ارتفع من 7.9 مليون فرد إلى 9.3 مليون فرد.
أزمة الخبز.. أسباب مالية
تعد روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم، وهي مورّد دائم للقمح إلى سوريا لكن حجم مساعدات القمح لا يلبي الطلب. وقال مصدر في قطاع القمح الروسي لرويترز إن "الإمدادات مستمرة ومع ذلك توجد مشكلات في السداد وفي توفر السفن المستعدة لتسليم شحنات لتلك الوجهة".
وحول أزمة الخبز في مناطق سيطرة النظام، أوضح الباحث الاقتصادي كرم شعار لـ موقع تلفزيون سوريا، أن السبب الرئيسي في الأزمة هو سبب مالي، لأن النظام كان قادر ا في السابق على شراء القمح من مناطق سيطرة المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وكان يدفع علاوة ويحفز المزارعين على بيع محصولهم، أما الآن فإن قسد تمنع الفلاحين من بيع محصولهم للنظام، وبالتالي لم يبق بيد النظام سوى ما تنتجه مناطق سهل الغاب ودرعا وهي لا تكفي لاستهلاك سوريا من القمح.
وأضاف "شعار" أن النظام لا يملك قطعا أجنبيا لشراء القمح من الخارج، مشيرا إلى أن هذه السلعة لا تشملها العقوبات، لكنها تؤثر بشكل غير مباشر على سعر صرف الليرة، وعلى رؤية المستثمرين للمستقبل، ما يدفعهم لادخار الدولار وبالتالي يرتفع سعرف الصرف.
وتابع قائلا" بالتالي الواردات أصبحت أغلى سعرا إن كانت قمحا أو رصاصا، العقوبات أثرت بشكل مؤكد على السوريين ولكن هنالك عوامل أخرى أكثر أهمية وهي توقف قسد عن بيع القمح للنظام وعدم توفر القطع الأجنبي والعقوبات".
ولفت أن "النظام اشترى مؤخرا 200 ألف طن من القمح الروسي بناء على السعر العالمي بمبلغ 43 مليون دولار وهو رقم مرعب بالنسبة للنظام وهذه الكمية لا تغطي حاجات النظام سوى 15 بالمئة من احتياجات مناطق النظام ".
وأشار إلى أن "النظام حاول الحصول على المحاصيل من خلال رفع الأسعار لـ قسد ورفع نسبة الشوائب، أي أنه قبل بنسبة جودة أقل ودفع سعر أعلى"، ولم يبق أمام النظام سوى عملية التقنين، إذ كثر الحديث مؤخرا عن مقترح لـ وزارة التجارة الداخلية مازال تحت دراسة مجلس الوزراء، وينص بحسب "شعار" على توزيع المواد المدعومة على المحتاجين فقط بعد تحديدهم، مشددا في الوقت نفسه على أن هذه العملية شبه مستحيلة لأن النظام لايملك البنية التحتية اللازمة.