كشف تقرير نشرته وكالة الأناضول أهمية الموقع الاستراتيجي لأذربيجان على خريطة أمن الطاقة في المنطقة والعالم، وبينت أن الهجوم الذي شنته القوات الأرمنية في الـ 12 من تموز الماضي على منطقة "توفوز" في أذربيجان يهدف إلى زعزعة أمن الطاقة في كل من أذربيجان وتركيا.
وأفادت أن منطقة "توفوز" الأذربيجانية تشكل ممراً لعدة مشاريع استراتيجية في مجال النقل ونقل الطاقة، أبرزها خط "باكو - تبيليسي - جيهان"، و "باكو - تبيليسي - أرضروم" لنقل النفط والغاز، بالإضافة إلى مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول "تاناب"، وسكة حديد "باكو - تبليسي – قارص"، واستهداف أرمينيا منطقة "توفوز" يشر إلى رغبتها في توسيع الصراع مع أذربيجان ونقله إلى خارج "قره باغ."
وأكدت تركيا أن أذربيجان البلد المصدر للنفط والغاز من منطقة بحر قزوين إلى الأسواق الدولية تساهم في شكل كبير بأمن الطاقة في تركيا.
أرمينيا تهدف إلى إضعاف النفوذ الأذربيجاني
مشاريع الطاقة الدولية، لها دور حاسم في تعافي أذربيجان من نفوذ إيران وروسيا في المنطقة، والتي هي حيوية للغاية بالنسبة لـ "باكو" على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
وبدأت أذربيجان التي حققت أرقام تصدير كبيرة خاصة من خلال خطوط أنابيب الغاز الطبيعي والنفط، في إظهار أداء اقتصادي أقوى مقارنة بالدول الأخرى في جنوب القوقاز، الأمر الذي دفع أذربيجان إلى توضع استراتيجيات فعالة "لتحرير أراضيها المحتلة"، بعد سنوات طويلة من فشل "مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، من تحقيق أي نجاح يضمن استرجاع الحقوق الأذربيجانية "المغتصبة" من خلال المفاوضات.
وأمام هذا الواقع الأذربيجاني سعت أرمينا التي تعاني من أزمات اقتصادية، إلى شن هجمات عسكرية على مواقع مهمة بهدف إضعاف النفوذ الأذربيجاني المتزايد في المنطقة.
الموقع الجغرافي الحساس لأذربيجان
تقع أذربيجان إحدى أهم المنتجين المهمين على مستوى العالم للغاز الطبيعي والنفط، في منطقة جغرافية حساسة لنقل الموارد الطبيعية من منطقة بحر قزوين إلى أسواق الطاقة الدولية، ومكنت خطوط أنابيب نقل النفط والغاز التي جرى تأسيسها بين تركيا وأذربيجان "باكو" من الوصول إلى الأسواق الدولية، لتتحول إلى لاعب مؤثر في القوقاز.
وكشفت دراسات التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية الجارية منذ عام 1994، امتلاك أذربيجان احتياطي كبير من الغاز الطبيعي في حقلي "شاه دنيز" و"أبشيرون" في بحر قزوين، هذه الاكتشافات أدت إلى تحول "باكو"، التي تمتلك ما يقرب من 1.7 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي وسبعة مليارات برميل من احتياطيات النفط، إلى أحد المنتجين المهمين للموارد الهيدروكربونية.
تمكنت أذربيجان من تصدير أكثر من 30 مليون طن من النفط وحوالي 11 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، أي أكثر من 90 بالمئة من صادرات البلاد، وركزت تلك الصادرات على الوصول إلى أسواق الدول الأوروبية المتعطشة للطاقة.
وبحسب الأناضول من المتوقع أن تنتج أذربيجان، التي تحقق تقدما كبيراً في إنتاج الغاز الطبيعي، نحو 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً بحلول 2040، وفقا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية، وبناء على الإحصائيات السابقة من المتوقع أن تصبح "باكو" لاعباً أكثر أهمية في الأسواق العالمية من خلال إرسال نفط قزوين والغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية بكميات أكبر.
التعاون التركي الأذربيجاني في مجال الطاقة
التعاون في مجال الطاقة بين تركيا وأذربيجان عبر خط أنابيب نقل النفط "باكو - تبليسي – جيهان"، وخط أنابيب الغاز الطبيعي "باكو – تبليسي – أرضروم"، تظهر الأهمية الكبرى التي تكتسبها مشاريع نقل الطاقة من أذربيجان إلى الأسواق العالمية عبر تركيا، الأمر الذي دفع البلدين إلى بناء مشروع جديد عرف باسم خط أنابيب الغاز العابر للأناضول "تاناب".
وتشير توقعات مؤسسة البترول التركية أن تبلغ حصتها السنوية 6.5 بالمئة، بطاقة سنوية لتصدير حوالي 50 مليون طن من النفط الأذربيجاني الخام، حيث حققت المؤسسة دخلاً كبيراً عبر نقل ما يقرب من 3.5 مليارات برميل من النفط منذ العام 2006.
وتلعب أذربيجان دوراً رئيساً في نقل النفط الكازاخستاني إلى ميناء جيهان عبر خطوط الأنابيب هذه، وكذلك دوراً مهماً في نقل موارد الطاقة في آسيا الوسطى إلى الأسواق الدولية، ووفقاً للاتفاقية التي أبرمتها أذربيجان وكازاخستان، فمن المخطط تصدير ما يصل إلى 21 مليون طن من النفط الكازاخستاني بعد بناء مرافق البنية التحتية اللازمة لذلك، بهدف نقل ثلاثة ملايين طن من النفط الكازاخستاني سنوياً عبر أذربيجان رغم معارضة روسيا وإيران إلى هذا المشروع.
تحولت أذربيجان من خلال هذه المشاريع إلى لاعب مهم في جنوب القوقاز، لاسيما مع المساعي الحثيثة لهذه الدولة في تطوير قطاعات اقتصادية واستراتيجية من خلال عائدات النفط، ولعبها دوراً مهماً في إنتاج النفط والغاز.
خط أنابيب الغاز الطبيعي "باكو - تبيليسي - أرضروم"، جعل تركيا تبدأ في التقليل من اعتمادها على روسيا وإيران، بالإضافة إلى مساهمته في زيادة أمن الطاقة في تركيا، بالإضافة إلى مساهمة النفط والغاز الأذربيجاني في تقليل فاتورة الطاقة التركية من الغاز الإيراني والروسي، وتمكنت تركيا من زيادة حجم الاستهلاك من هذه الموارد الحيوية، اعتبارا من 2020، مع بدء عمل خط أنابيب الغاز العابر للأناضول "تاناب".
"طريق الحرير للطاقة"
سوف يكون بقدرة تركيا التي وصلت نسبة اعتمادها على الغاز الأذربيجاني بنسبة 35 بالمئة، إلى إنهاء العقد طويل الأجل لاستخدام الغاز الروسي بحلول نهاية 2021، ومن المتوقع تراجع نسبة اعتماد تركيا على موارد الطاقة الروسية والإيرانية، بعد بدء "تاناب" العمل بالسعة الكاملة.
ويستحوذ خط أنابيب نقل الغاز العابر للأناضول "تاناب"، على أهمية خاصة في خريطة الطاقة العالمية، ما دفع الكثير من المراقبين إلى إطلاق اسم "طريق الحرير للطاقة" على "تاناب"، هذا الخط المزمع أن ينقل 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى تركيا والأسواق الدولية في المرحلة الأولى، و24 مليار متر مكعب بحلول 2023، و31 مليار متر مكعب في 2026، من زيادة استهلاك تركيا من مادة الغاز الطبيعي.
تبلغ الأرباح التركية من هذا المشروع أكثر من 40 مليار دولار بحلول عام 2045، وتحول خط "تاناب" الذي ينطلق من نقطة قرب ولاية أدرنة شمال غربي تركيا لنقل الغاز إلى خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر البحر الأدرياتيكي "تاب"، عبر اليونان وإيطاليا، إلى طريق مهم في خريطة إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا.