البث المباشر
تتزاحم السيارات في شوارع إدلب لكن بعضها يلفت الأنظار من دون غيره، ليس بسبب حالتها المتردية نتيجة الحرب، وإنما بسبب العبارات المميزة التي تكتب على زجاجها الخلفي، والتي تبدو كأنها تصريحات موجهة لكل القارئين في الشارع.
تتميز عبارات السيارات بتنوعها بين عبارات التندر المضحكة، أو الحكم العميقة، أو حتى التفاخر والتحدي والغزل، الأمر الذي بات يطلق عليه اسم "أدب السيارات".
وتشكل هذه الظاهرة متعة للمشاة والراكبين وهواية في متابعة السيارات وعباراتها الفريدة، على سبيل المثال "الزواج لو مو جريمة ما كان حطولها شهود"
"لا تسأل مجرب ولا تسأل حكيم سوي اللي براسك والله كريم"
"يلي مستني وقعتنا جبلك كرسي وقعود قصتنا طويلة"
"الحياة ما علمتني شي ببلاش دفعتلها أيام عمري كاش"
"ليش بتشيل هم بكرا يمكن بكرا الله ياخدك"
ووصل الأمر ببعض المهتمين بهذه الظاهرة إلى مشاركة هاشتاغ (#أدب_سيارات_الشمال) لعرض العبارات المميزة التي تمر أمامهم، من خلال تصويرها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أقيمت حسابات خاصة لتجميع تلك الصور، وأصبحت كدليل يستخدمه الراغبون باختيار عبارات مميزة على سياراتهم أيضاً.
#ادب_سيارات_الشمال#عفرين#لاتلحقني_مخطوبة😂😁 pic.twitter.com/EoN0RMdM0Q
— أدب سيارات الشمال (@idlib_2) March 23, 2022
نوع من التعبير
يعمل مجد وتد بمهنة تزيين السيارات منذ 17 عاماً، وبحسب ما يرى فإن رواج الكتابة على السيارات الخاصة لم يبدأ سوى قبل نحو عامين، إذ كانت من قبل تلك العبارات محدودة بسيارات النقل العمومية ومحدودة الانتشار، إلا أنها تحولت شيئاً فشيئاً إلى مجال للتصريح العام عن كل ما يشغل بال السائق.
"العبارات كل فترة يزيلها صاحبها، حينما يريد التبديل أو عندما ينتهي الهدف منها، في حال كان يريد إيصال رسالة لشخص ما ووصلت الرسالة بالفعل"، بحسب مجد.
وأضاف مجد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن السائقين غالباً ما يختارون ما يعبر عن ثقافتهم أو قناعاتهم، لذلك تنتشر عبارات التحدي إضافة للعبارات الدينية.
تطور أسلوب الكتابة على السيارات من التخطيط اليدوي، الذي كان والد مجد من قبله بارعاً فيه، إلى استخدام الحواسيب وماكينات الطباعة والقص.
تبدأ العملية مع اختيار العبارة وتنسيقها عبر الحاسوب، مع اختيار لونها وخطها، ويحدد القياس المطلوب قبل طباعتها ثم تفريغها يدوياً ولصقها، ويتراوح سعر العبارات، حسب حجمها والجهد المطلوب لإعدادها، ما بين عشرة إلى 50 ليرة تركية.
رسالة طريفة
استبدل باسل بصيص العديد من السيارات منذ تعلمه السواقة، وكانت العبارات التي تزين سياراته تتبدل معها أيضاً، برأيه فإن الكتابة على السيارة هي وسيلة لإيصال رسالة للمجتمع المحيط، ويستمدها دوماً من الزمن الحاضر الذي يكون فيه.
من "السواقة فن وذوق وأخلاق"، إلى "خليك بدربك دربنا صعب عليك"، وحتى "أقسى من الفراق شوفتك بالصدفة"، و"إذا رأيت كل شيء جميل اعلم أنك سكران"، يقول باسل ردود فعل الناس على العبارات التي أكتبها جيدة لأنني لا أكتب شيئاً مسيئاً، لكن كل ما أكتبه ضمن الأصول ويعبر عن الوقت الذي أنا فيه.
بدوره، محمد العلي اختار عبارة "السواقة فن فن مو عن عن" ليكتبها على سيارته الأولى، وقال لموقع "تلفزيون سوريا"، اخترت الكتابة على السيارة لشكلها الجميل والعبارات الجميلة التي توضع لتوجيه رسالة معينة لصديق أو لغيره، مثل رسائل العشاق لبعضهم، ما يجعلك تشعر أن كل رسالة مكتوبة تخاطبك أنت.
وبحسب رأي محمد فإن العبارة المكتوبة إن كانت مميزة فقد تزيد من سعر السيارة بتقديره، مشيراً إلى أنه كثيراً ما يشاهد صورة سيارته على مواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي يسره ويبهجه.
وقال "ردود أفعال الناس جميلة، منها الضحك، والنشر، وأحب أن أبدل العبارات بحسب المواقف التي تمر معي أو مع أحد من أصدقائي"، وأضاف أن عبارته الأخيرة موجهة لكل من يقود سيارته بتهور في المنطقة.
