بيان بائس أصدرته شركة أجنحة الشام لكي تدفع التهمة عنها بنقل آلاف السوريين إلى بيلاروسيا، التسبب بمأساة إنسانية جديدة للحالمين بمغادرة الوطن التعيس نحو الحلم الأوروبي، والوقاحة الفائضة عند مالكيها ومشغليها وصلت إلى وضع عنوان دامع لرحلتها التي نفذتها لإعادة نحو 100 سوري عالق على الحدود المتجمدة بين بيلاروسيا وبولندا "في مبادرة إنسانية لافتة.. أجنحة الشام للطيران تنفذ رحلة جوية مجاناً لإجلاء السوريين العالقين في مينسك – بيلاروسيا وإعادتهم لوطنهم".
ليس غريباً هذا السلوك الوحشي لهذه المنظومة التي تحكم سوريا منذ خمسين عاماً فهي وحدها من تأخذهم إلى الجحيم ومن ثم تعيدهم إليه على أنه الجنة الموعودة، وإذ تريد الظهور بهذا الإحساس الإنساني الوطني الكبير ليس من أجل حياتهم المهددة بالخطر بل فقط لتقول للعالم إنها بريئة من موتهم، وإنها لم تساهم بالدعاية لهذا الحلم البعيد عبر شبكاتها المحلية، وأنها لم تشارك في زجهم بمؤامرة مكشوفة مع الروس لإقلاق الحدود الأوروبية. هي ليست سوى مبادرة أخلاقية مجانية.
البيان البائس يفضح نوايا كاتبيه، إذ تقول الشركة: "كما أن هذه الخطوة تمثل مؤشراً مهماً في دحض المزاعم والادعاءات التي توجهها دول الاتحاد الأوروبي للشركة بأنها كانت تقوم بنقل السوريين بهدف الهجرة غير الشرعية عبر بيلاروسيا إلى تلك الدول"، وتنفي تماماً المساهمة في نقل طالبي اللجوء فهي فقط: "أجنحة الشام للطيران كانت قد قامت بتشغيل رحلاتها إلى بيلاروسيا لأغراض تجارية وتنشيطاً لحركة التجارة والتبادل الثقافي والسياحي بين البلدين سوريا وبيلاروسيا والتي تربطهما معاً علاقات صداقة تاريخية ومتينة تعود لعشرات السنين، إضافةً لأهمية الخط الجوي في خدمة ونقل العديد من الطلاب السوريين الذين درسوا وما زال كثير منهم يدرس بجامعات ومعاهد بيلاروسيا حتى الآن".
عن أي علاقات تجارية تتحدث أجنحة الشام وعن أي سياحة متبادلة؟.. أليست بيلاروسيا وسوريا من منظومة مقاومة الإمبريالية الغارقة في الاستبداد والجوع والحروب، وسوريا بالذات التي لم تخرح حتى الآن من مواتها السياسي والاقتصادي بسبب حماقات النظام وداعميه أليست إحدى أهم منافذ الخراب والبؤس في العالم حيث يعيش الإنسان على ساعة كهرباء في اليوم و30 دولاراً في الشهر؟؟ فعن أي علاقات وسياسات تثرثر أجنحة الشام المتورطة في أبعد من شحن اللاجئين؟.
سوري خرج مع ابنته عبر هذه الشركة بعد أن باع حصته من منزل العائلة في دمشق وترك وظيفته من أجل عيون الحلم الأوروبي الذي ساقه إليه إخوته الذين صدعوا رأسه بالراحة واليوروهات المتراكمة في جيوبهم، والكرم الألماني، الرجل الذي وصل العاصمة البيلاروسية حاول مرات عبور الحدود لكنه لم يستطع بعد أن استولى المهربون على أمواله مما اضطره أن يناشد معارفه وأقاربه بأن ينجدوه من أجل محاولة جديدة للعبور كلفتها 4 آلاف دولار ولكنه ولتاريخه ما زال يتأرجح بين خيبة العودة إلى عتمة الشام وثلوج الحدود التي تفصله عن لوثة ما بعدها.
تنهي الشركة بيانها بالخظاب البعثي البليد نفسه كما لو أن كاتبه أمين فرقة بعثية حديث المنصب: "هذا ولن تتردد أجنحة الشام للطيران في تنفيذ رحلات جوية مماثلة إلى بيلاروسيا فور ظهور طلبات جديدة من السوريين الراغبين في العودة إلى وطنهم الأم، وبذلك تترجم الشركة وبشكل لايدع مجالاً للشك، استراتيجيتها في العمل المجتمعي والإنساني والانتماء الوطني".
هي اللغة البغيضة نفسها التي طالما سمعها السوريون من الإعلام البعثي الذي باعهم واشترى بهم كرسي البقاء على صدورهم، وهاهم اليوم يدفعون أموالهم وأرواحهم من أجل الهروب من ظلمته ولكن لا مناص ففي كل مرة تشاء الأقدار أن يجدوا أنفسهم محكومين باليأس والبسطار.