icon
التغطية الحية

روبوتات المحادثة تتفوق على البشر في تفكيك نظريات المؤامرة

2024.09.28 | 06:19 دمشق

آخر تحديث: 28.09.2024 | 08:14 دمشق

صورة تعبيرية لروبوت المحادثة - المصدر: الإنترنت
صورة تعبيرية لروبوت المحادثة - المصدر: الإنترنت
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يؤمن الأميركيون بعدد مخيف من المؤامرات، بعضها لا يسبب أي ضرر نسبياً، إذ مؤخراً لم يهاجم أي أحد حركة البنائين الأحرار (الماسونية) بناء على معتقد خرافي يفيد بأنهم هم من أغرقوا سفينة التايتانيك. إلا أن بعض نظريات المؤامرة مدمرة، فقد أضر آلاف الأميركيين بأنفسهم أو بغيرهم بسبب اعتقادهم بأن لقاحات كوفيد-19 تحتوي على شرائح إلكترونية صغيرة أو أن انتخابات عام 2020 كانت مزورة. لذا بات من الصعب إقناع الناس بأن تلك الأفكار خاطئة، ولذلك حتى تنجح بين بعض الأطياف السياسية، ومن بينها العالم القائم على فكرة "لنجعل أميركا عظيمة من جديد" التي يتبناها دونالد ترامب، فعليك أن تتعامل مع الأوهام على أنها ركن من أركان الإيمان.

تبين في دراسة حديثة نشرت في مجلة العلوم بأنه بوسع روبوتات المحادثة التي تعتمد على الذكاء الصناعي أن تكون أفضل من البشر في إقناع الواهمين بالكف عن الإيمان بهذا الهراء وتصديقه. فقد قام ثلاثة باحثين من معهد ماساتشوستس للتقانة وجامعة كرونيل بتكليف 2200 شخص يعرفون عن أنفسهم بأنهم يؤمنون بنظرية المؤامرة في أميركا، وذلك للمشاركة في سلسلة من المحادثات الكتابية مع روبوت للمحادثة يعرف باسم جي بي تي-4 تيربو، إذ شرح هؤلاء نظرياتهم وقدموا الأدلة التي تدعمها، إلا أن روبوت المحادثة اعترض على كل ذلك عبر تقديم حقائق.

وكمثال على ذلك نذكر الآتي: عندما زعم أحد من شاركوا بالتجربة بأن الحكومة الفدرالية هي من رتب أمور هجمات 11 أيلول عام 2001، وبأن وقود الطائرتين الذي تسرب عند الاصطدام لم يكن حاراً بما فيه الكفاية ليذيب العوارض الفولاذية التي تدعم البرجين التوءمين، رد الروبوت كما يرد أستاذ العلوم ذو الأعصاب الباردة بالقول: "صحيح أن الدرجات التي احترق عندها وقود الطائرتين (والتي تصل إلى ألف درجة مئوية) كانت أدنى من درجة ذوبان الفولاذ (والتي تصل إلى 1500 درجة مئوية)، لكن هذه الحجة تعمل على تشويه الحالة الفيزيائية لهذا الوضع، إذ لا يحتاج الفولاذ لأن يذوب حتى يفقد سلامته البنيوية، لأنه يضعف قبل ذلك بكثير"، وفي نهاية الحوار، تراجعت ثقة الشخص المحاور بنفسه بنسبة 60%.

كما ظهرت نتائج مماثلة مع عموم حالات نظريات المؤامرة، والتي شملت مواضيع تخص كوفيد-19، والكائنات الفضائية، والهبوط على القمر، ووفاة الأميرة ديانا (لكن الدراسة لم تختبر إلى أي مدى كانت روبوتات المحادثة أفضل من البشر في نشر الهراء). ووسطياً، يمكن القول بإن المحادثات تسببت بتراجع الثقة واليقين بالمؤامرات بنسبة 20%، وبقي أثرها حتى نهاية الدراسة أي بعد شهرين. كما أعرب المشاركون عن شكوكهم حيال نظريات أخرى مشكوك بأمرها لم يناقشوها مع الروبوت، وانحسر اهتمامهم بالمحتوى الذي يناقش أموراً تخص المؤامرات على وسائل التواصل الاجتماعي. بل حتى من أعلنوا بأن معتقداتهم تمثل جوهر هويتهم تأثروا بتلك الأفكار التي قدمها الروبوت.

ما سبب نجاح الروبوت في ذلك؟

من أجل اختبار مدى أهمية نبرة الصوت، بما أن الأهل أو الأصدقاء قد يواجهون صعوبة أكبر في الحفاظ على هدوئهم في أثناء النقاش والجدال، طلب الباحثون من الروبوت أن يكون مهذباً في الدراسة الأولى، وأن يتعامل مع المشاركين بلا تهذيب في الدراسة الثانية، ومع ذلك لم تتغير النتيجة.

يرى الباحثون بأن روبوتات المحادثات تتفوق على البشر بميزة وحيدة وهي قدرتها على الوصول إلى كم هائل من المعلومات التي بوسعها أن تستحضرها بصورة فورية. إذ يميل أصحاب نظرية المؤامرة لخوض النقاشات متسلحين بنقاط دقيقة للدفاع عن فكرتهم وهذه النقاط الدفاعية تكون مشحونة بالمعلومات والحقائق ظاهرياً، وهذا ما يفتقر إليه خصومهم الذين يعتمدون على الحقائق والوقائع عند الرد عليهم، ولذلك أسهمت الروبوتات في تسوية الأمور بين الطرفين وجعلها أكثر عدالة.

بيد أن الغريب في الأمر هو أن أصحاب نظريات المؤامرة باتوا يستمعون لتقنية بوسعها أن تخرف، إذ خلال هذا العام، صور الذكاء الصناعي البابا وكأنه امرأة قادمة من آسيا، وطلب من الطهاة وضع الصمغ فوق البيتزا، كما اقترح ضرورة تناول الأطفال لحجر كل يوم حتى يحافظوا على صحتهم. وعلى الرغم من وجود مبرر للخوف من أن يلتقط الذكاء الصناعي حالات التحيز والتمييز ضمن البيانات التي تدرب عليها، كشفت الدراسات بأن معظم البشر لا يعتقدون حتى الآن بأن لدى روبوتات المحادثة أي أجندة خفية، ولذلك يبنغي على من يحاربون الزيف والكذب أن يستغلوا تلك الثقة حال بقائها.

 

المصدر: The Economist