أبعاد تغيير قيادة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

2023.01.15 | 06:05 دمشق

أبعاد تغيير قيادة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
+A
حجم الخط
-A

في 11يناير 2023 تم تعيين رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف في منصب القائد العام للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بدلا من الجنرال سيرغي سوروفيكين الذي تم تعيينه منذ أشهر قليلة بأمل حسم الصراع، باعتباره يطبق سياسة الأرض المحروقة ويلقب بـ "جزار حلب"، لكنه فشل.  وتم تعيين ثلاثة نواب للجنرال غيراسيموف وهم:

  1.  الجنرال سيرغي سوروفيكين- يبقى قائدا مباشرا للعملية العسكرية في الأراضي الأوكرانية
  2. الجنرال أوليغ ساليوكوف- قائد القوات البرية سيهتم بإعداد القوات العسكرية كأفراد
  3. الجنرال ألكسي كيم- سيهتم بإعداد الخطط العسكرية

خلافات داخل النخبة الروسية

  • يسلط الهجوم على مدينة سوليدار الضوء على وجود خلافات داخلية بين مجموعات مختلفة للنخبة الروسية إذ سارعت عدة مراكز قوى في عرض هذا التقدم كإنجاز خاص لها.
  • وقد بدأت هذه الخلافات بين بعض مراكز القوى في النخبة الروسية بعد الخسائر التي مني بها الجيش الروسي في منطقة خاركوف ومدينة ليمان وبعدها تخليه عن مدينة خيرسون. وكانت أقطاب المشاغبة هم رئيس شركة فاغنر والعديد من الشركات النفطية والأمنية الملقب بطباخ الكريملين يفغيني بريغوجين حيث وجه انتقادات لاذعة لقيادة الجيش الروسي ووصل معه الأمر إلى أنه تحدث إلى بوتين متذمرا من أداء جنرالات الجيش. ورافقه في هذه الحملة رئيس الشيشان رمضان قاديروف المقرب والمدلل لدى بوتين، حيث وجه أسهم نقده للجنرال غيراسيموف رئيس الأركان ودعاهم لحمل السلاح والذهاب للجبهة.
  • ولا ننسى آراء محللين عسكريين وسياسيين مثل غيركين (ستريلكوف) وهو المعروف بأفكاره القومية وتأييده للانتصار في أوكرانيا وتوحيد روسيا الكبرى ولكنه بنفس الوقت يفتح النار على المقصرين من وجهة نظره وعلى رأسهم وزير الدفاع الذي يسميه بالكرتوني. ويدلي بآراء جريئة نقدية لكل القيادة العسكرية والسياسية بما فيهم بوتين.
  • وهناك من يرى أن هؤلاء المنتقدين بجرأة ليسوا بعيدين عن العمل تحت مظلة الكرملين.
  • وأصبح العديد من الخبراء يحذرون من تزايد نشاط المنظمات الخاصة غير الحكومية العاملة في أوكرانيا والتي بدأت تشكل خطرا على مستقبل السلطة في روسيا.
  • لذلك أعلن بريغوجين صراحة بأن قواته هي التي "حررت" كامل مدينة سوليدار، مشددا على تصفية كل الوحدات الأوكرانية التي رفضت الاستسلام ومتحدثا عن 500 قتيل بين صفوفها. لكن وزارة الدفاع شعرت بالإهانة وسارعت للرد على تصريحات بريغوجين بطريقة علنية، حيث قالت إن محاصرة المدينة جرت على يد قوات الإنزال الجوي بإسناد من القوات الجوية الفضائية.
  • وبدوره انزعج قائد الشيشان من تجاهل دوره فأصدر قائد قوة "أحمد" الشيشانية للمهام الخاصة علاء الدينوف، بيانا تحدث فيه عن سير المعركة في إشارة ضمنية إلى أنها تجري كذلك بإشراك عسكريين من الشيشان.

لماذا حدث التغيير في القيادة العسكرية:

  • الرئيس الروسي اضطر مؤخرا للاعتراف بأن الوضع صعب في بعض المناطق الواقعة ضمن المقاطعات التي ضمنها روسيا إلى أراضيها. (يقصد في دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون) ويبدو أن ذلك متعلق قبل كل شيء بمآلات العملية العسكرية الروسية الفاشلة.
  • ومن أسباب تغيير القيادة العسكرية الروسية في أوكرانيا:
  1. فشل جزار حلب- الجنرال سوروفيكين في تحقيق تحول نوعي في الجبهة الأوكرانية فلم يتمكن من تحقيق نصر عسكري، وحتى مدينة باخموت التي قاتل الروس من أجلها عدة أشهر لم يتمكن من السيطرة عليها بعد خسائر هائلة في الأرواح والمعدات.
  2. السعي لتوسيع النطاق الاستراتيجي للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
  3. ولمجابهة الدعم العسكري الجديد من الدول الغربية لأوكرانيا مثل تقديم دبابات ليوبارد من بولندا وألمانيا وكذلك صواريخ باتريوت الأميركية وغيرها من المساعدات بعدة مليارات.
  4. ومن جهة أخرى يرى بعض الخبراء بأن الرغبة الروسية بإجراء مفاوضات سياسية مع أوكرانيا وإيقاف الحرب لأنها تعتبر غير رابحة بالنسبة لها قد تكون بين الأسباب التي دفعت لتحفيض صلاحيات سوروفيكين.
  • ويبدو أن تعيين رئيس أركان الجيش الروسي غيراسيموف قائدا عاما للعمليات العسكرية في أوكرانيا وهو ثاني شخصية عسكرية في البلاد، لأنه يحق له أن يأمر جميع أصناف القوات المسلحة الجوية والبرية والبحرية ويتعامل مع أجهزة الأمن والحرس الوطني وكذلك يمكنه أن يتخذ قرارات في مجال الأسلحة وتسليح القوات الروسية بأصنافها العاملة في الجبهة.
  • وفي هذا السياق كثفت الدول الغربية مساعداتها العسكرية لأوكرانيا، حيث ستقدم فرنسا دبابات من نوع "AMX-10RC"، وبريطانيا دبابات من طراز "Challenger 2"، بينما تعهدت بولندا بنقل دبابات من طراز "Leopold 2". بالإضافة الى منظومة Patriot باتريوت الأميركية.
  • بينما القوات الأوكرانية، بعد حصولها على أحدث الأسلحة الغربية من وصواريخ ودبابات، كما تشير التسريبات الإعلامية، قد تبدأ هجوما عسكريا واسعا في منطقة زاباروجيا لتحرير مدن بيرديانسك وميليتوبل وماريوبول القريبة من بحر آزوف لقطع الطريق بين القوات الروسية وبين جزيرة القرم.
  • ينظر الكريملين إلى موضوع السيطرة الروسية على مدينة سوليدار الصغيرة كإنجاز سياسي ودعائي لكنه نجاح تكتيكي محدود، ولن يحدث تغيير جذري من الناحية الاستراتيجية لأن القوات الأوكرانية الأساسية تتمركز في محور مدينتي سلافيانسك وكراماتورسك، المعقلين الأكبر لأوكرانيا في دونباس، ولا توجد حاليا أي مؤشرات تدل على قدرة روسيا على اختراق هذا الخط الدفاعي الأوكراني في أي وقت قريب.