ناتو شرق أوسطي.. ماذا لو نجحت إسرائيل في لم شمل العرب؟!

2022.07.06 | 07:05 دمشق

ناتو شرق أوسطي.. ماذا لو نجحت إسرائيل في لم شمل العرب!
+A
حجم الخط
-A

كثيرة نكت المرارة التي أطلقها العرب بشأن وحدتهم وتحالفاتهم، منذ حلف بغداد وحتى آخر قمة عربية، ولكن ماذا لو حدثت هذه المعجزة على يد عدوهم إسرائيل؟

هل تنجح إسرائيل في لم شمل العرب تحت يافطة ناتو شرق أوسطي؟ ستكون النكتة الأكبر في تاريخ تقارب العرب.. أليس كذلك؟

موضوع يبدو مجرد الحديث فيه يثير ألف سخرية واستهجان، ولكن يحدث في السياسة ما قد لا يحدث حتى في خيال روائي.

فظهور عدو بحجم حقد إيران، وبمعاداته للجميع وبعمله على التدخل في شؤون الجميع وسعيه، الذي لا يكل، لتغيير الخرائط السياسية لأغلب دول الإقليم، قد يصنع المعجزة أخيراً، والطريف على يد عدو العرب الأول إسرائيل!

يحدث في السياسة ما لا يحدث في أفلام هوليود!

إيران لا تكتفي بتهديد أمن ووحدة سيادة دول الشرق الأوسط، بل نجحت بالفعل، ومنذ سنوات في احتلال أربع دول عربية، وهي لا تتوقف ولا تدخر جهداً ووسيلة، في السعي لاحتلال باقي دول المشرق العربي، وهذا ما دعا ويدعو الدول العربية للتحالف مع الشيطان، من أجل درء التهديد الإيراني الذي لا يريد أن يقف عند حد.

المشكلة الآن ليست في التحالف مع إسرائيل، من حيث الجانب التاريخي والقومي في العدو الإسرائيلي، بل بسؤال ما الذي يجبر العرب على التحالف مع إسرائيل لمواجهة التهديد والأطماع الإيرانية في بلدانهم؟ هل هو يكمن في قوة الجيش الإسرائيلي وقدرته على ردع التغول الإيراني وقوة مخابراتها وأجهزة معلوماتها الاستخبارية أم هو في ضعف الجيوش العربية وعدم ثقة قادتها بها؟

وإذا ما كانت ظروف سياسية وأوضاع مختلة قد فُرضت وسمحت لإيران بالتدخل وفرض هيمنتها على العراق وسوريا، وبصورة مباشرة، فكيف تمكنت إيران من صناعة ميليشيا الحوثي في اليمن، لتتمكن هذه الميليشيا – وأقولها بكل مرارة – من هزيمة جيوش ثلاث دول عربية، اليمن والسعودية والإمارات العربية؟

ويحدث في الواقع ما يعجز عنه حتى خيال الأفلام الهندية: ميليشيا تهزم جيوش ثلاث دول!

فكرة الناتو الشرق أوسطي (هل عليّ أن أكون أميناً مع الواقع ومع نفسي وأسميه "ناتو عربي إسرائيلي"؟) ليست قديمة ولا تعود أصولها للتكتلات الإقليمية القديمة، بداية من حلف بغداد خمسينيات القرن الماضي، بل هي فكرة جديدة تفرضها مواضعات وأوضاع عربية مختلة بالذات، حقيقتها أن الدول العربية المجاورة لإيران سلمت، عقب حرب التحالف العربي مع ميليشيا الحوثي في اليمن، أن جيوشها عاجزة عن مواجهة إيران، وعليه صار لها أن تتحالف مع عدوها التاريخي لمواجهة عدوها الإيديولوجي – المذهبي، الذي أثبت لها، احتلاله لأربع دول عربية كاملة، أن جيوشها وأجهزة استخباراتها ومخابراتها عاجزة عن مواجهته وصده.

يا لمأساتكم يا عرب!

ولكن من أين تأتت ثقة دول المشرق العربي بقوة إسرائيل؟ من هجماتها التفجيرية والمخابراتية داخل العمق الإيراني، وضرباتها الساحقة الماحقة التي لا تخطئ أهدافها، للقطعات والميليشيات الإيرانية المنتشرة في سوريا ولبنان؟ ماذا تفعل وما هو دور جيوش ومخابرات الدول العربية إذا، وحكوماتها تصرف عليها مئات مليارات الدولات تدريباً وتسليحاً كل عام؟

ميليشيا الحوثي تهزم جيوش ثلاث دول وتحتل اليمن، وبضعة ميليشيات إيرانية (معظمها عراقي ولبناني) تحمي نظام بشار الأسد وتديم سلطته على الأراضي السورية. ميليشيا أقلية طائفية في لبنان تقيم لنفسها دولة داخل الدولة الأم وتهيمن على قرارها ومقدراتها، وعدد من الميليشيات تستقوي بإيران وتحكم العراق وتتحكم بمقدراته وبشعبه وبثرواته منذ عشرين عاماً، بل وتصدر فصائلها وجرائمها إلى باقي دول الجوار العربي.

كيف يحدث هذا وما الذي تمتلكه إيران أكثر منكم يا عرب؟

الحقيقة أن إيران التي قاتلها الجيش العراقي وحده لمدة ثماني سنوات وأجبر، في النهاية، قائد ثورتها الخميني على تجرع كأس سم الهزيمة، لا تملك غير سلاح طائفيتها المذهبية، فأين أجهزة مخابراتكم من محاربة هذا السلاح وإبطال أثره يا عرب؟ ألا تنشئ أجهزة المخابرات لمحاربة مثل هذا السلاح الواهن، في حقيقة الأمر، إلى جانب مهامها الأخرى، أم أنا لا أجيد الحساب في هذا الجانب؟

ستضعون ثقتكم في إسرائيل، من حيث كونها عدوة لعدوكم إيران، وتعقدون معها حلفاً أو ناتو لمواجهة التغول والاعتداءات الإيرانية، لن نعترض على هذا، لكن ثمة سؤال يطرح نفسه علينا وعليكم: ماذا سيكون دوركم في هذا الحلف، أقصد كجيوش وأجهزة استخبارات عسكرية ومخابرات؟ هل ستكتفون بتمويل الجيش والمخابرات الإسرائيلية وتقاتل هي بالنيابة عنكم؟ هل ستقاتل جيوشكم وأجهزة مخابراتكم؟ لما لم تقاتل التدخل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهو يهددكم من أول لحظة؟ هل يعقل أن أجهزة مخابراتكم ودوائركم السياسية ومستشاريكم ومراكز بحوثكم لم تخبركم أن من يسمح للعدو بأكل الثور الأبيض فإن مصيره الأكل ذاته؟!

ومجدداً، لماذا ستقاتل إسرائيل بالنيابة عنكم يا عرب، تحت يافطة ناتو الشرق الأوسط أو أي يافطة أخرى ومقابل ماذا؟

إسرائيل ليست ببلاهة صدام حسين الذي قاتل إيران، ثماني سنوات، بالنيابة عنكم يا عرب... تعرفون هذا... أليس كذلك؟ إسرائيل لن تطلعكم على خططها ولن تبوح لكم بأسرار عملها، بل ولن ترضى بدور أقل من القيادة العامة والتحكم بقدراتكم، لأنها متفوقة في كل شيء عليكم، وعليه، وهذا الحد الأدنى، لن تكونوا سوى تابعين لإرادتها لا شركاء ومن مواقع الندية، لأنها تعرف تماماً أن من يعجز عن حماية بلده ضد مجرد ميليشيا لن يصلح لأكثر من التحكم بقراره ومصيره.

ولكن ستكون لهذا الناتو حسنة واحدة ومن حيث لا نحتسب، إن تحقق طبعاً، وهي جمع شمل جزء من العرب وتوحيد قرارهم تجاه قضية مصيرية، رغم أنها لن تكون بإرادة وقيادة عربية للأسف.. فهل ستنجح إسرائيل حيث فشلت وحدة الدم واللغة والتاريخ والقومية والمصير وجامعة الدول العربية وجميع قرارات قممها في جمع العرب؟