لم يعد على رأسه ريشة.. بشار الأسد مجرم مطلوب للقضاء الفرنسي

2024.06.28 | 05:52 دمشق

آخر تحديث: 28.06.2024 | 05:52 دمشق

4656565656565656565656565
+A
حجم الخط
-A

في خطوة قانونية غير مسبوقة، هزت محكمة الاستئناف في باريس أركان الدبلوماسية الدولية بإصدارها مذكرة توقيف بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد وثلاثة من كبار مساعديه.

هذا القرار التاريخي، الذي يتهم الأسد بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية القاتلة التي وقعت في أغسطس 2013.، يمثل تحولاً جذرياً في مفهوم الحصانة الدبلوماسية لرؤساء الدول. هذا القرار جاء كنتيجة للجهود الحثيثة التي بذلها محامو الضحايا والمنظمات غير الحكومية، وهو يحمل دلالات قانونية وسياسية مهمة لا يمكن تجاهلها، لارتكاب الأسد جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية القاتلة عام 2013 في الغوطة الشرقية بريف دمشق والتي راح ضحيتها 1144 شهيداً ونحو ستة آلاف مصاب بالاختناق.

إن إصدار مذكرة الاعتقال الدولية بحق بشار الأسد و3 مسؤولين آخرين، منهم ماهر الأسد، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، يشكل ضربة قوية للنظام السوري. ورغم أن هذا القرار لن يؤدي إلى سحب الأسد من أذنيه إلى السجن، إلا أنه يضعفه ويحد من قدرته على التحرك بحرية. إذ لم يعد بإمكانه السفر بحرية أو أن يكون موضع ترحيب في الدول التي تحترم العدالة وحقوق الإنسان.

ولطالما اعتبرت حصانة رؤساء الدول حاجزاً منيعاً أمام المحاكم الوطنية. لكن هذا القرار الفرنسي الجريء قد كسر هذا الحاجز، مؤكداً أن الحصانة الشخصية لرئيس دولة في منصبه ليست مطلقة. إنها سابقة قانونية تتجاوز المادة 29 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، والتي طالما اعتبرت درعاً واقياً للرؤساء من الملاحقة القضائية.

ولعل الأهمية الكبرى لهذا القرار تكمن في كونه يفتح الباب واسعاً أمام إمكانية محاسبة رؤساء الدول على جرائمهم، حتى أثناء توليهم مناصبهم. فهو يرسي مبدأ مفاده أن المنصب السياسي، مهما علا، لا يمكن أن يكون غطاءً لارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

صحيح أن هذا القرار قد لا يؤدي إلى اعتقال الأسد فوراً، لكنه بلا شك يشكل ضربة قوية لنظامه ويضعف موقفه دولياً. فهو يضع عقبات إضافية أمام أي محاولات لتعويم النظام السوري أو إعادة تأهيله على الساحة الدولية. كما أنه يجعل من الصعب على الدول الأخرى التغاضي عن جرائم النظام السوري في سعيها لتطبيع العلاقات مع دمشق.

من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على الملف السوري برمته. فهو يعزز موقف المعارضة السورية ويؤكد على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. كما أنه قد يدفع المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في استراتيجيته تجاه سوريا، ويضع مزيداً من الضغط على النظام للانخراط في عملية سياسية جادة.

وعلى الرغم من أن البعض قد يرى أن تأثير هذا القرار نفسي أكثر منه عملي، إلا أن أهميته لا يمكن التقليل منها. فهو يمثل انتصاراً معنوياً كبيراً للضحايا السوريين وذويهم، ويؤكد أن العدالة، وإن تأخرت، لن تسقط بالتقادم. كما أنه يرسل رسالة قوية إلى جميع الحكام المستبدين مفادها أن الجرائم ضد الإنسانية لن تمر دون عقاب، مهما طال الزمن.

أما على الصعيد العربي، فمن المرجح أن يؤثر هذا القرار سلباً على جهود بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري. فهو يضع هذه الدول في موقف محرج أمام المجتمع الدولي، ويجعل من الصعب عليها تبرير أي خطوات تطبيعية مع نظام يلاحقه القضاء الدولي بتهم خطيرة.

هذا القرار يضيف زخماً جديداً للملف السوري على الساحة الدولية. فهو يعزز موقف المعارضة السورية ويدعم الجهود المبذولة لتحقيق العدالة للضحايا.

بمعنى أوضح، فإن هذا القرار قد يضع عائقاً أمام محاولات بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري. فالقرار يعكس موقفاً حازماً من المجتمع الدولي ضد أي محاولات لإعادة تأهيل نظام الأسد، ويؤكد أن جرائمه لن تُنسى أو تُغفر بسهولة.

ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن هذا القرار، رغم أهميته، لا يعني نهاية المطاف للأزمة السورية. فالطريق نحو تحقيق العدالة الكاملة وإعادة بناء سوريا لا يزال طويلاً وشاقاً. كما أن هناك تحديات عملية كبيرة تواجه تنفيذ هذا القرار، خاصة في ظل استمرار الأسد في السلطة وحماية حلفائه له.

ومثل كل السوريين داخل سوريا وخارجها، رحبت المعارضة السورية (هيئة التفاوض السورية في بيان) بهذا القرار المهم، معتبرة إياه خطوة ضرورية باتجاه محاكمة كل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري. وأعربت عن شكرها للمحاكم الفرنسية والمنظمات غير الحكومية التي عملت على هذا الملف، مؤكدة أن هذا القرار يثبت أن الحصانة الشخصية لرئيس دولة في منصبه ليست مطلقة.

وهنا يمكن الإشارة إلى أن هذا القرار يضيف زخماً جديداً للملف السوري على الساحة الدولية. فهو يعزز موقف المعارضة السورية ويدعم الجهود المبذولة لتحقيق العدالة للضحايا. كما يبعث برسالة قوية إلى المجتمع الدولي بأن محاكمة مجرمي الحرب في سوريا يجب أن تكون أولوية، وأنه لا يمكن إعادة تأهيل أو تعويم نظام ارتكب جرائم ضد الإنسانية.

يمكن القول إن هذا القرار القضائي الفرنسي يمثل نقطة تحول في التعامل الدولي مع الأزمة السورية. فالأسد، الذي طالما تصرف وكأن على رأسه ريشة، بات الآن مجرماً مطلوباً للعدالة الدولية. وعلى الرغم من أن هذا القرار قد لا يضع الأغلال الحديدية في عنقه فوراً، إلا أنه يضع قيوداً معنوية وسياسية وقانونية ستؤثر حتماً على مستقبله ومستقبل نظامه. وبمعنى أوضح كذلك، فإن هذا القرار يجعل من الصعب على المجتمع الدولي إعادة تأهيل بشار الأسد أو قبوله كزعيم شرعي. فالقيود القانونية والدبلوماسية التي يفرضها القرار تعزز من عزلة النظام السوري وتضعه تحت ضغط مستمر. كما أن الدول التي قد تفكر في التطبيع مع النظام ستجد نفسها في مواجهة انتقادات وضغوط دولية كبيرة. ورغم أن هناك من يرى أن التأثير النفسي هو الأكبر، حيث إن هؤلاء الحكام لا يهتمون بقرارات الدول الأخرى ولديهم أموال من تجارة المخدرات ويبقون في قصورهم ولا يسافرون، إلا أن القرار يحمل دلالات معنوية مهمة. إنه رسالة واضحة بأن الجرائم لن تمر من دون عقاب، وأن هناك عدالة ستطول المجرمين مهما طال الزمن.

يمثل قرار القضاء الفرنسي بالمصادقة على مذكرة اعتقال بحق بشار الأسد تطوراً بارزاً في المشهد القانوني والسياسي الدولي

كما أن هذه الخطوة القضائية الجريئة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في التعامل مع الأزمة السورية، مرحلة قد تشهد المزيد من الضغوط الدولية على النظام، وربما تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق العدالة التي طال انتظارها للشعب السوري. وفي كل الأحوال، فإن هذا القرار سيبقى علامة فارقة في تاريخ القضاء الدولي وفي مسار الأزمة السورية.

إن قرار محكمة الاستئناف في باريس يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة للضحايا في سوريا، ويؤكد أن المجتمع الدولي لن يتسامح مع الجرائم ضد الإنسانية. ورغم أن الطريق ما يزال طويلاً، إلا أن هذا القرار يشكل نقطة تحول مهمة في السعي لمحاسبة مجرمي الحرب وإحلال السلام في سوريا. لن يكون لبشار الأسد ريشة على رأسه بعد الآن، بل ستكون هناك أغلال قانونية ودبلوماسية تحد من حركته وتضعه أمام العدالة. وفي النهاية يمكن تلخيص تلك الضربة الفرنسية أو الصفعة الفرنسية برأس النظام السوري بالآتي: يمثل قرار القضاء الفرنسي بالمصادقة على مذكرة اعتقال بحق بشار الأسد تطوراً بارزاً في المشهد القانوني والسياسي الدولي، ويستحق تحليلاً دقيقاً لأبعاده المختلفة:

من الناحية القانونية

كسر مبدأ الحصانة: يشكل القرار سابقة قضائية مهمة في تجاوز مبدأ الحصانة الشخصية لرؤساء الدول أثناء توليهم مناصبهم. هذا يتحدى المفهوم التقليدي للحصانة الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.

توسيع نطاق الولاية القضائية: يعزز القرار مبدأ الولاية القضائية العالمية، حيث يسمح للمحاكم الوطنية بملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية مرتكبيها.

تعزيز العدالة الدولية: يمثل خطوة مهمة نحو مكافحة الإفلات من العقاب في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مما قد يشجع محاكم وطنية أخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة.

رغم أهمية القرار رمزياً، تبقى إمكانية تنفيذه محدودة طالما بقي الأسد في السلطة وتحت حماية حلفائه.

من الناحية السياسية

الضغط الدبلوماسي: يزيد القرار من العزلة الدبلوماسية للنظام السوري، ويضع عقبات إضافية أمام أي محاولات لتطبيع العلاقات معه.

تأثير على جهود التسوية: قد يؤثر القرار على مسار المفاوضات السياسية في سوريا، حيث يصعب تجاهل الاتهامات القانونية الموجهة لرأس النظام في أي حل سياسي مستقبلي.

تعقيد العلاقات الدولية: يضع القرار الدول الساعية للتقارب مع سوريا في موقف حرج، ويمكن أن يؤدي إلى توترات دبلوماسية بين فرنسا والدول الداعمة للنظام السوري.

دعم المعارضة: يمنح القرار دفعة معنوية للمعارضة السورية ويعزز موقفها في المحافل الدولية.

التحديات والتداعيات

صعوبة التنفيذ: رغم أهمية القرار رمزياً، تبقى إمكانية تنفيذه محدودة طالما بقي الأسد في السلطة وتحت حماية حلفائه.

تأثير على الحل السياسي: قد يؤدي القرار إلى تصلب مواقف النظام السوري وحلفائه، مما قد يعقد جهود التوصل إلى حل سياسي.

تحدي الشرعية الدولية: يثير القرار تساؤلات حول حدود سلطة المحاكم الوطنية في التعامل مع قضايا ذات أبعاد دولية.

في الختام، يمثل هذا القرار نقطة تحول مهمة في التعامل القانوني والسياسي مع الأزمة السورية، ويفتح الباب أمام تطورات جديدة في مجال العدالة الدولية والدبلوماسية. ومع ذلك، يبقى تأثيره العملي مرهوناً بمدى قدرة المجتمع الدولي على ترجمته إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع.