ما زال ترامب يسيطر على مقاليد الحزب الجمهوري بقوة، فقد نجح مرشحوه في الانتخابات التمهيدية في ولاية فيرجينيا وهذا الشهر في ولاية أوهايو، وقد أبدع المرشحون في التذلل لترامب وفي تبني مصطلحاته وعباراته وأهمها فوزه في الانتخابات عام 2020 وأن تزويرا حصل سمح للرئيس بايدن بالفوز بالبيت الأبيض وهو ما يطلق عليه الديمقراطيون "الكذبة الكبرى".
أما ترامب ذاته فهو يشترط على مرشحيه ترديد تلك العبارات والولاء الكامل له حتى يحصل على دعمه في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري، وفي حال لم يقم المرشح بذلك فإنه سيخسر دعم ترامب وهو ما يعني خسارته في الانتخابات التمهيدية، وهو ما يؤشر على مدى حضور ترامب وتأثيره الكبير في قواعد الحزب الجمهوري إلى اليوم.
كل استطلاعات الرأي وخبراء الانتخابات يؤكدون أن الحزب الجمهوري سيسيطر على مجلس النواب وسيحصل على الأغلبية هناك
لكن السؤال حتى ولو نجح مرشحو ترامب فهل يستطيعون الفوز في الانتخابات النصفية التي ستتم في تشرين الثاني /نوفمبر المقبل؟ كل استطلاعات الرأي وخبراء الانتخابات يؤكدون أن الحزب الجمهوري سيسيطر على مجلس النواب وسيحصل على الأغلبية هناك، لكن ما زالت هناك شكوك فيما إذا كان الحزب الجمهوري سيتمكن من السيطرة على مجلس الشيوخ وخاصة أن هناك صراعا على مقاعد مجلس الشيوخ في ما يسمى الولايات المتأرجحة كولايات أوهايو وبنسلفانيا وغيرها.
هناك طريقتان لفهم تأثير ترامب القوي على الحزب الجمهوري، تحليل تقني يقوم على التأثير والولاء الكبير لقاعدته على مستوى الحزب الجمهوري وهو ما يظهر تقريبا التحالف الذي صعد بترامب إلى سدة رئاسة الولايات المتحدة عام 2020. وهناك بكل تأكيد تحليل آخر تفسيري وهو يحاول الغوص في تفسير التأثير على مستوى القواعد الاجتماعية التي ما زالت مخلصة لترامب على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي في الولايات المتحدة وهو بكل تأكيد يختلف بشكل كبير طبعا لخلفية المحلل أو قارئ الأحداث ومن الصعب أن تتفق على رأي واحد بهذا الشأن بدليل التحليلات المتضاربة، لكن من المؤكد أن ترامب استطاع كسب ثقة عمال الطبقة الوسطى لوظائفهم، وأصبح يمثل رمزا في الدفاع عن مصالح الطبقة الوسطى وأهدافها خاصة في المقاطعات الريفية.
وقد كان هناك تحول كبير للناخبين دون شهادة الدراسة الثانوية، فقد صوت لترامب عام 2020 51٪ من حملة الشهادة الثانوية مقارنة ب 45٪. لكلينتون في حين حصل الرئيس أوباما على دعم 64٪ من هذه المجموعة مقارنة مع 35% لميت رومني عام 2012.
كما فاز السيد ترامب في التصويت في الريف بنسبة 62٪ إلى 34٪ والتصويت في الضواحي بنسبة 50٪ إلى 45٪، في حين فازت كلينتون في التصويت في المناطق الحضرية بنسبة 59٪ إلى 35٪.
يمكن القول إن القاعدة الانتخابية لترامب هي اقتصادية بشكل رئيسي وليست أيديولوجية بالرغم من تصريحات ترامب العنصرية تجاه الأقليات والنساء وغيرها من الطبقات
يمكن القول من كل هذه الأرقام إن ترامب ما زال قويا في الريف مع ذوي التعليم ما دون الجامعي وضمن الطبقات البيضاء حصرا دون الحصول على تصويت مرتفع من ضمن الأقليات مما يعني أنه اكتفى بالحصول على أصوات البيض دون أصوات الأقليات كالسود أو القادمين من أميركا اللاتينية أو المسلمين وغيرهم، وهذا كان كافيا بالنسبة لترامب كي يفوز بالانتخابات عام 2016 لكن هذه الأقليات هي من خسرته الانتخابات عام 2020، في النهاية يمكن القول إن القاعدة الانتخابية لترامب هي اقتصادية بشكل رئيسي وليست أيديولوجية بالرغم من تصريحات ترامب العنصرية تجاه الأقليات والنساء وغيرها من الطبقات، وعلى الرغم من أن بعض المحللين وضعه في خانة اليمين المتطرف فإنه في الحقيقة بعيدٌ عن هذا التصنيف وهو أقرب للشعبوية منه إلى أيديولوجيا اليمين المتطرف.
يمكن القول إذاً إن ترامب عائد في انتخابات عام 2024، وإن الانتخابات النصفية تمثل فرصة بالنسبة له لاستعراض قوته داخل الحزب الذي تمكن ترامب من قلبه رأسا على عقب.