تحديات ومخاطر التعافي المبكر في سوريا

2024.06.14 | 06:09 دمشق

445555555555555555551
+A
حجم الخط
-A

يعيش الشعب السوري في ظل حرب أسفرت عن دمار ومأساة لا تنتهي، فتلك البلاد التي كانت مهدًّا للحضارات ومركزًا للثقافة تبكي اليوم تحت وطأة الخراب والمعاناة.

وفي كل زاوية من أراضي سوريا، تنبت الآثار المدمرة للحرب التي شنها نظام الأسد ضد شعبه، وتتكشف القصص المؤلمة لمن عانوا من جراء هذا الصراع.
 تفصح العديد من التقارير والدراسات عن الوضع الراهن في سوريا، وتوضح معاناة الكثيرين من الفقر والحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية.
ففي دراسة أجراها منتدى السياسة العامة والتنمية الاقتصادية (PEP) أوضحت أن نسبة الفقر في سوريا ارتفعت بشكل كبير منذ بداية الحرب، حيث يعيش العديد من السوريين تحت خط الفقر المدقع.

ويكشف تقرير نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، أن الأطفال في سوريا هم من أبرياء الضحايا الأكثر تأثرًا بالحرب، حيث يعانون قلة الإمدادات الغذائية، ونقصاً في الخدمات الصحية الأساسية، وانعدام الأمان الشخصي.
وبينما لا تزال الحرب مستمرة، تتواصل الجهود الدولية والمحلية للتعافي المبكر في سوريا، حيث تهدف هذه الجهود إلى تقديم المساعدة الإنسانية وإعادة بناء البنى التحتية المتضررة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ومع ذلك، تزداد المخاطر التي يواجهها التعافي المبكر في ظل القلق المتزايد بشأن استغلال النظام السوري لهذه المشاريع بهدف تحقيق أجنداته السياسية. 
هذا الاستغلال المحتمل ينذر بالمزيد من القمع والانتهاكات ضد الشعب السوري، كما تشير تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش.

يمكن للنظام السوري استغلال عمليات التعافي المبكر لأهداف غير مشروعة، مثل غسيل الأموال وتسهيل تجارة المخدرات.

من أبرز المخاطر التي تنطوي عليها عمليات التعافي المبكر هو التهديد بانعدام الأمن والاستقرار. فالتعافي المبكر يواجه تهديدات أمنية مستمرة، حيث يسود القلق بشأن استمرارية هذه التهديدات بالإضافة إلى عدم الاستقرار، مما يجعل من التنفيذ الآمن والفعال للمشاريع وتقديم الخدمات صعباً جداً.
تتداخل التحديات التي تواجه جهود التعافي المبكر مع واقع الفساد وانعدام الشفافية الذي يعانيه النظام السوري، مما يشكل عقبة كبيرة أمام توزيع الموارد بشكل عادل وفعال ويؤدي إلى تدهور جودة الخدمات المقدمة وتأخر عمليات التعافي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للنظام السوري استغلال عمليات التعافي المبكر لأهداف غير مشروعة، مثل غسيل الأموال وتسهيل تجارة المخدرات. فتهرب الشركات المتورطة في أعمال غير مشروعة والموضوعة على قائمة العقوبات عبر التعامل مع المنظمات الدولية بما يعزز دورها ويفتح المجال أمام استمرارية أنشطتها المشبوهة.
جميع ماسبق يفتح الباب أمام النظام السوري لتعزيز نفوذه وسيطرته على المجتمع السوري بشكل أكبر حيث يمكن للنظام استخدام هذه الفرصة لتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية من خلال عدة آليات، بما في ذلك التحكم في التوزيع الاقتصادي والسياسي، وتعزيز تموضع النظام دوليًا، والتأثير على التوجهات السياسية في المناطق المتضررة، وتعزيز السيطرة الأمنية في تلك المناطق.
وفي ضوء هذه الإمكانيات، يمكن للنظام السوري استغلال عمليات التعافي المبكر لتحقيق مصالحه الخاصة وتعزيز سيطرته على المناطق المتضررة أيضاً، وبالتالي فإن تحديات الفساد وانعدام الشفافية تشكل تهديدًا حقيقيًا للجهود الدولية والمحلية لتحقيق التعافي المستدام في سوريا.

الطريق نحو التعافي المبكر في سوريا مليء بالتحديات، ولكن بالرغم من ذلك، فإن إرادة الشعب السوري لن تتراجع وسيظل يسعى دائمًا إلى الحرية والعدالة.

التوجهات المختلفة نحو التعافي المبكر في سوريا تتضافر مع تحديات الفساد التي تفتح الباب أمام النظام السوري لتعزيز نفوذه وسيطرته على المجتمع السوري بشكل أكبر، وهو ما يثير قلق المعارضة السورية التي برأيها يجب أن يتم التعافي بجدية وشمولية. وعلى هذا الأساس، تحدد المعارضة عدة جوانب مهمة لضمان التعافي الشامل.
أولاً، تركز المعارضة على الشفافية والاستقلالية في عمليات التعافي، حيث تعتبر أنه يجب أن تكون هذه العمليات خالية من أي تدخلات سياسية لضمان تلبية احتياجات الشعب السوري بشكل فعال وغير محسوب.
وثانياً، ترى المعارضة أن التعافي يجب أن يكون موجهًا نحو تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان المتضررين، وهذا يشمل توفير السكن والرعاية الصحية والتعليم، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
ثالثاً، تحث المعارضة على تكثيف الجهود الدولية لدعم عمليات التعافي في سوريا، وتقديم الدعم الاقتصادي والإنساني للمجتمعات المتضررة.
وأخيراً، تشدد المعارضة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وتحقيق العدالة لضحايا النظام السوري، وضمان عدم تكرار تلك الانتهاكات في المستقبل. وذلك ضمن إطار يشمل الشمولية والمساواة لجميع السوريين بما في ذلك اللاجئون والنازحون.

بالنظر إلى هذه المخاطر، يتضح أن الطريق نحو التعافي المبكر في سوريا مليء بالتحديات، ولكن بالرغم من ذلك، فإن إرادة الشعب السوري لن تتراجع وسيظل يسعى دائمًا إلى الحرية والعدالة، بينما يبقى التعاون الدولي ضروريًا لتجاوز هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل لسوريا وشعبها.