icon
التغطية الحية

الرحلات السياحية.. نافذة السوريين للم شملهم مع أهلهم في الأردن

2021.11.26 | 05:09 دمشق

new-project-8.jpg
تركز المكاتب السياحية على التعاقد مع العائلات وكبار السن أكثر من الشباب لضمان عودتهم - Contributor
عمان - إياد محمد مظهر
+A
حجم الخط
-A

رغم حالتها الصحية الصعبة، أعباء السفر المرهقة، لم يكن أمام الحاجة أم مروان، التي تجاوزت السبعين من عمرها، إلا الوسيلة التي لجأ إليها ابنها الأصغر عبد الرحمن، وهي التعاقد مع أحد المكاتب السياحية في الأردن، لتلتقي به بعد غربة دامت نحو تسع سنوات، حيث سُمح مؤخراً لمكاتب السياحية في الأردن بإعادة تفعيل الأنشطة السياحية مع سوريا.

 

في نهاية تشرين الأول الماضي، أصدرت الحكومة الأردنية قرارات سهّلت بموجبها إجراءات دخول السوريين إلى أراضي المملكة، بهدف رفد الاقتصاد الأردني في كل ‏القطاعات، وخاصة القطاع السياحي.

وسُمح لحاملي الجنسية السورية بالدخول إلى المملكة، شريطة قيام المكاتب ‏السياحية بتقديم طلب لدى وزارة الداخلية حسب الأصول، وتعهد المكتب السياحي بالتزام هذه ‏المجموعات بالبرنامج السياحي المعد مسبقاً، والاحتفاظ بجوازات سفرهم لدى المكاتب السياحية التي نظمت رحلاتهم لحين مغادرتهم البلاد.

 

العائلات وكبار السن

عبد الرحمن، 32 عاماً، لم يستطع لقاء والدته منذ لجوئه للأردن قبل نحو تسع سنوات، يقول لموقع تلفزيون سوريا: "أنتظر هذا اللقاء بفارغ الصبر، فأنا غير قادر على العودة لسوريا كوني مطلوباً للخدمة العسكرية، وهذا حال الكثيرين مثلي، أتمنى أن يتحقق ما أريد وألتقي بوالدتي بعد كل هذه السنوات الصعبة، ولو كانت والدتي تمتلك من الصحة ما يكفي لدعوتها لزيارتي عن طريق المكاتب السياحية كلما سنحت الفرصة".

من جانبها، اعتبرت السيدة أمل، والتي تعمل لدى أحد المكاتب السياحية في العاصمة عمان كمشرفة على حجوزات الرحلات السياحية من دمشق، أن "الميزة الإيجابية الأبرز لقرار الحكومة الأردنية هي لم شمل العائلات مع أبنائهم".

وأضافت السيدة أمل، في حديثها مع موقع "تلفزيون سوريا"، أن المكتب الذي تعمل فيه "يركز بالدرجة الأولى على التعاقد مع العائلات وكبار السن أكثر من الشباب، لأن ذلك يضمن لهم عودة الزائرين والتزامهم بالمدة المسموحة، مما يحافظ على سمعة المكتب والتزامه أمام الجهات الأردنية الرسمية التي تمنح الموافقات للمكتب، الأمر الذي يجعل الفرصة سانحة أمام المكاتب للاستمرار بالعمل وتسيير رحلات قادمة بشكل دوري".

وأوضحت أن "الرحلة الأولى بعد أن أعلن عن إعادة افتتاح المعبر ستنطلق خلال هذا الأسبوع، وحصل المكتب على 90% من الموافقات للطلبات التي تم تقديمها، أما الرحلة الثانية التي اكتملت أعداد مشتركيها ستنطلق مع بداية الشهر المقبل، ويتم التجهيز لرحلة ثالثة ستكون في 25 كانون الأول".

ووفق شروط الحكومة الأردنية، أفادت السيدة أمل أن مدة الرحلة 15 يوماً، تشمل الذهاب والعودة، وفحص "كورونا"، والحجز الفندقي، والتنقل ضمن المناطق المدرجة في خطة الرحلة، في حين لا يجب على العميل البقاء في الفندق إلا في اليوم الأول والأخير من الرحلة، مشيرة إلى أنه "نحن نعلم أن الغالبية العظمى تأتي من أجل لقاء الأهل وليس من أجل السياحة، لكن الحجز الفندقي متوفر للجميع في أي وقت خلال أيام الرحلة".

 

إجراءات سهلة

ونشرت الشركات السياحية الأردنية والمواقع المتخصصة في القطاع السياحي أبرز الشروط والأوراق المطلوبة للاشتراك برحلاتها من سوريا، وللحصول على الموافقة من الجانب الأردني، يستلزم توافر الشروط التالية:

  • جواز سفر صالح لمدة ستة أشهر على الأقل.
  • وجود كفيل أردني أو سوري يحمل البطاقة الأمنية مع معلومات عامة عنه.
  • تعهد الكفيل بالالتزام التام بمغادرة الزائر عند انتهاء المدة المحددة للزيارة، إذ يمنع بقاء الزائر بعد انتهاء موعد الزيارة المحدد، مهما كانت الأسباب، ويتحمّل الكفيل المسؤولية القانونية كاملة.

وعن موضوع الكفيل، أوضح السيدة أمل أنه "لا ينحصر بالجنسية الأردنية، حيث يستطيع السوريون أن يكفلوا الزائر القادم من دمشق، بشرط الحصول على الموافقات اللازمة، وإبقاء جواز سفره مع المكتب المنظم للرحلة لضمان عودته".

وأشارت إلى أن "أفضل ما في الأمر أن الزائر القادم من دمشق لن يتحمل أعباء متابعة الحصول على الموافقات والتصاريح اللازمة، لأن المكاتب التي تنظم الرحلات تتكفل بإجراء كل المعاملات وتنظيم الأوراق الرسمية، والحصول على الموافقات للجميع"، مؤكدة على أن المكاتب السياحية "تتابع مع الزائرين طوال فترة الرحلة، وتذكّرهم بجدولها الزمني وموعد انتهائها".

 

تكاليف مقبولة

أما عن التكاليف، فقد أوضحت الشركات السياحية الأردنية أن كلفة الرحلة للشخص الواحد هو 350 دينارا أردنيا (نحو 500 دولار)، وتشمل أجور النقل من وإلى الأردن، وموافقة الدخول على الحدود الأردنية، وكلفة فحص "PCR" في سوريا، وقسيمة الخروج من الحدود السورية، بالإضافة إلى أجور المنصة الأردنية وفحص "PCR" عند المغادرة.

يقول عامر، وهو لاجئ سوري يقيم في الأردن، سبق له أن استقدم أهله من سوريا لزيارته، إن "التكاليف المالية مقبولة نوعاً ما"، ويوضح لموقع "تلفزيون سوريا" أن "رحلات المكاتب السياحية قبل أزمة كورونا كانت أغلى سعراً وأقل اهتماماً، فالرحلة التي تكلف اليوم 350 ديناراً لمدة 15 يوماً، كلفتني قبل ثلاث سنوات 400 دينار ولثلاثة أيام فقط".

ويضيف، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن المكاتب السياحية "لو التزمت بما تَعدُ به في رحلاتها الحالية فهذا شيء جيد، لأن الكثير من الشباب ليس بمقدوره العودة لسوريا ورؤية أهله لأسباب أمنية وعسكرية، ما يجعل فرص لم الشمل أسهل وأقرب".

وأوضح عامر أنه "عندما جاءت والدتي في الرحلات السابقة كانت المكاتب تعمل بشكل تجاري محض، فلم تكن الحجوزات الفندقية حسب الاتفاق، وتم تغيير برنامج الرحلة بحجة أن الزائرين لا يرغبون برؤية الأماكن السياحية داخل المملكة"، مشيراً إلى أنها "على الرغم من ذلك، إلا أنها كانت الحل الأفضل للم الشمل ورؤية الأهل".

في مقابل ذلك، يرى عصام الشامي أن مبلغ 350 دينارا ليس بالمبلغ البسيط، ولا يستطيع الجميع تأمينه، مضيفاً "أنصح السوريين أن يتقدموا بطلب زيارة لوزارة الداخلية، حيث استطاع كثيرون الحصول على الموافقة ورؤية أقاربهم".

ويضيف أن "كل ما يلزم هو تقديم طلب استقدام لوزارة الداخلية مرفقاً بجواز السفر وتصريح العمل وانتظار الرد، فلو أتت الموافقة تكون قد وفرت مبلغ 350 دينارا، الذي من الأولى إنفاقه خلال زيارة الأهل، وبالنسبة لأجور النقل فهي تتراوح بين 10 و15 دينارا، ومثلها في أثناء العودة".

وعلى الرغم من نصيحة عصام الشامي، قال عدد من السوريين إنهم قدّموا طلبات عدة مرات لوزارة الداخلية، لكن الرد كان بأن عليهم التوجه لأحد المكاتب السياحية، وتقديم الطلبات هناك، لأنها هي المخوّلة بالحصول على موافقات الزيارة.

 

نحن ندفع ثمن مواقفنا

يعيش السوريون في الأردن على أمل لقاء ذويهم الذين انقطعوا عنهم منذ سنوات طويلة، حيث تشدد السلطات الأردنية الإجراءات أمام دخول السوريين إلى أراضيها، فضلاً عن إغلاق دام لسنوات لمعبر جابر – نصيب أمام حركة المسافرين.

ويرى أبو سليم، وهو أحد السوريين المقيمين في العاصمة عمان، أن "كل ذلك كان بسبب مواقفنا الثورية ورفضنا القاطع للعودة تحت حكم الأسد"، مضيفاً "كلنا مشتاقون لأهلنا وأقاربنا، ولكن أرفض بشدة العودة إلى سوريا، فأنا لا أستطيع أن أبقى يوماً واحداً تحت مظلة نظام الأسد وأرى صور الديكتاتور في الشوارع والأحياء".

ويوضح أنه "على الرغم من وضعي المادي الصعب، إلا أني أفكر جدياً في التعامل مع أحد المكاتب السياحية لألتقي بأمي وأخي الصغير بعد غربة استمرت ثماني سنوات"، مؤكداً على أنه "أفضّل أن أدفع كل ما أملك للقاء عائلتي في الأردن، على أن ألتقي بهم في دمشق".