أيام مضت على إعلان رئاسة النظام السوري وفاة لونا الشبل، المستشارة الإعلامية لرئيس النظام بشار الأسد، إثر حادث سيارة أدى إلى نزيف دماغي حاد وإدخالها إلى العناية المركزة في مشفى الشامي بدمشق قبل أن تفارق الحياة.
سبق إعلان الوفاة تكهنات حول مصداقية رواية النظام، بأن الحادث كان مدبرًا ورجّح البعض أنها عملية اغتيال بطرق أخرى، مؤكدين وفاتها قبل الإعلان عنها رسميًا من قِبل رئاسة النظام السوري.
هذه التكهنات جاءت بعد تحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وسبعة من مرافقيه، على رأسهم وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، ووفاتهم في تلك الحادثة، والتي تناولها البعض على أنها حادثة اغتيال مدبرة وفق معطيات تم الحديث عنها سابقًا.
بعد وفاة الرئيس الإيراني، وبحسب ما ذكر عضو الائتلاف السابق أحمد رمضان على تلفزيون سوريا، وما ذكره أيضًا موقع العرب، كشفت الاستخبارات الإيرانية شبكة تجسس في القصر الجمهوري بدمشق تتخابر مع إسرائيل وتعطيها معلومات لاغتيال تلك الشخصيات.
دهمت استخبارات الحرس الثوري الإيراني القصر الجمهوري واعتقلت ضباطًا سوريين منهم العقيدان جعفر الصالح من لجنة مكافحة الفساد ومنهل سليمان من الحرس الجمهوري التابعان لـ لونا الشبل بعد كشف تجسسهم لصالح إسرائيل والولايات المتحدة.
كما كشف الإيرانيون مراسلات مسربة للونا الشبل تتضمن معلومات مهمة ودقيقة عن الوجود العسكري الإيراني في سوريا وتوزعهم وخريطة مراكزهم وطرق إمداداتهم اللوجستية من إيران إلى العراق إلى سوريا ومن ثم إلى لبنان، ومعلومات عن عمل الميليشيات المسلحة في سوريا.
أثناء التشييع تفاجأ الجميع بالجنازة التي لا تليق بمستشارة في القصر الرئاسي، في غياب أي شخصية رسمية تمثل القصر والدولة.
حادثة تحطم مروحية الرئيس الإيراني جاءت بعد سلسلة من الاغتيالات لضباط ومسؤولين إيرانيين منهم من فُجّر منزله بدمشق أثناء وجوده فيه، وآخرون تم اغتيالهم بتفجير المبنى المحاذي والتابع للقنصلية الإيرانية بدمشق أثناء عقدهم الاجتماع، وكانت أصابع الاتهام موجهة إلى إسرائيل في جميع الاغتيالات الأخيرة.
سبق هذه الأحداث الأخيرة التي تتعلق بتصفية لونا الشبل، اعتقال أخيها ملهم الشبل الضابط بالجيش السوري برتبة عميد ومنعه من السفر لاتهامه بالعمالة لجهات أجنبية، وفصل زوجها عمار ساعاتي عن عمله وتوقيفه ومنعه من السفر قبل أسبوع من الحديث عن حادث السير المزعوم، حين كان متوجهًا إلى سوتشي الروسية حيث يقال إن زوجته تملك منتجعًا هناك أهداه إياها بوتين.
تناولت بعض المصادر الصحفية محاولته الهرب إلى سوتشي والكشف عن تحويل مبالغ مالية كبيرة إلى الخارج من خلال شراكات مشبوهة هو وزوجته، ولكن تم توقيفه في المطار ومنعه من السفر.
وما أكد فرضية الاغتيال منع أي أحد من دخول المشفى الموجود بها لونا من قِبل جماعات ملثمة، حتى زوجها المقرب جدًا لماهر الأسد وبشار الأسد أيضًا، عومل بطريقة مهينة ومُنع من رؤيتها. بالإضافة إلى احتجاز مرافقها وسائقها من جهة مجهولة لا وجود لأي معلومات عنهم حتى الآن.
أما أثناء التشييع تفاجأ الجميع بالجنازة التي لا تليق بمستشارة في القصر الرئاسي، في غياب أي شخصية رسمية تمثل القصر والدولة. لم يحضر إلا زوجها من المقربين وبعض الأشخاص من الممكن أن يوجدوا في المسجد لتأدية صلاة الظهر وخرجوا بالجنازة كما هي العادة.
لفت أيضًا عدم بث القنوات الإعلامية الحكومية تغطية الجنازة كما هي العادة للشخصيات الرسمية، وخصوصًا لمكانتها كمستشارة "إعلامية" لرئيس النظام السوري. جاء التشييع ليقطع الشك باليقين للعديد من التساؤلات حول مصرعها بحال كان قدرًا أم اغتيالًا، وبقي السؤال الوحيد عن الجهة التي قامت بتصفيتها.
بالعودة إلى وفاة إبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني أثناء التأبين، وعلى الرغم من حضور خمسين وفدًا أجنبيًا من رؤساء الدول ووزراء خارجية ومسؤولين آخرين، لاحظ العالم غياب بشار الأسد عن مراسم التأبين رغم عمق العلاقات الاستراتيجية والتحالف بين الدولتين. لم يمض يومان حتى أصدرت رئاسة النظام السوري بيانًا عن "خضوع أسماء الأسد لبروتوكول علاجي يتطلب شروط العزل وتحقيق التباعد الاجتماعي، وبالتالي ستبتعد عن العمل المباشر والمشاركة في الفعاليات والأنشطة كجزء من خطة العلاج" بحسب ما جاء حرفيًا بالبيان بتاريخ 19.07.2024. علمًا أن هذا المرض لا يستدعي التباعد الاجتماعي مما رجح بعض المحللين إبعاد أسماء الأسد عن المشهد السوري اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا في هذا الوقت، مشككين بحالتها المرضية.
هل ما قامت به لونا الشبل هو تكليف من بشار الأسد وبالتالي عمل الأخير على تصفيتها خوفًا من نتائج التحقيق الإيراني معها وفتح الصندوق الأسود.
أما عن لقاء الأسد بخامنئي بعد عشرة أيام من وفاة الرئيس الإيراني، فهو استدعاء من قِبَلِ خامنئي للاستماع عما حصل في القصر الجمهوري بدمشق وما تم اكتشافه من شبكات تجسس للدائرة المقربة لرئيس النظام السوري.
وبحسب محللين سياسيين بات مؤكدًا ضلوع لونا الشبل بالإدلاء بمعلومات عن الإيرانيين لإسرائيل، أما ما لم يتم تأكيده هو هل ما قامت به لونا هو اجتهاد وطموح لديها وهي من أصحاب السوابق بتجاوز الأسد في هذا النطاق وخصوصًا بعلاقتها مع بوتين وبعض الشخصيات من دائرته الضيقة، وبالتالي أصابع الاتهام متوجهة للإيرانيين. أم ما قامت به هو تكليف من الأسد وبالتالي عمل الأسد على تصفيتها خوفًا من نتائج التحقيق الإيراني معها وفتح الصندوق الأسود.
والسؤال الأهم بحال كانت الفرضية الثانية بضلوع بشار بتشكيل شبكة التجسس، وخصوصًا بعد فتور علاقاته مع إيران منذ عدة شهور ورغبة الأسد بأن يخرج من قوقعته والعودة إلى الحاضنة العربية والغربية والخلاص من العبء الإيراني المنهك أيضًا بالعقوبات الأميركية.
فهل تتجاوز إيران هذا الأمر وتبقي على دعمها للأسد، أم ستكون أول من يتخلى عنه؟