هل ستشتعل الحرب؟

2024.06.30 | 07:03 دمشق

آخر تحديث: 30.06.2024 | 07:03 دمشق

اعتراض صواريخ أطلقها حزب الله على إسرائيل
+A
حجم الخط
-A

يشغل هذا السؤال أحاديث الناس اليومية، خصوصًا في سوريا ولبنان، قبل وخلال التخطيط للسفر من أجل العمل، أو اختيار أماكن قضاء الإجازات، بل إنه يشغل ساعات طويلة من حلقات تبصير المنجمين الذين ازداد سوق عملهم بسبب عجز المفاهيم الأرضية للسياسة المنطقية في تحليل ما يجري من تطورات وسياسات. فالتجأ الناس للمنجمين والبصارات علّهم يفهمون ما يجري.

لا أحد من هؤلاء وهؤلاء وجد جوابًا لسؤال الحرب الرهيب، الذي يبدو في بلادنا التي يتناهشها العنف والقهر منذ عقود طويلة، وكأنه سؤال مرح أو سؤال اعتيادي يومي. ما يرتدّ على الأهالي من هول الحروب يخفي خلفه ما يخفي من دسائس ومفاوضات وتنازلات وارتهانات. فمما لا شك فيه أن الحرب في الشرق الأوسط أضحت شأنًا دوليًا تتقاذفه السياسات الدولية وتحالفاتها، بما يشمل مواجهة الحلف الروسي الإيراني وميليشياته، مع حلف الناتو والغرب وعصاباته. ولكل طرف من هذه الأطراف حبائل وأساليب للشد والجذب والضغط، وأدوات وقوات على الأرض وإلى ما هنالك من فوضى.

ولكن، لِمَ تبدو الحرب مع حزب الله مهمة إلى هذه الدرجة؟ لأنها ببساطة تستكمل عملية رسم خرائط الشرق الأوسط الذي لم تنجح عملية رسمه من أول مرة في معركة غزة المستمرة. ولأن الحرب المتوقعة بين الحزب ومن خلفه ما يُسمّى بـ"حلف المقاومة" ستكون طاحنة ومدمرة لكل الطرفين وستستخدم فيها أسلحة تفوق الخيال، حيث توعد زعيم الحزب في خطاب متلفز من مخبئه، بأنه سيفاجئ القوات الإسرائيلية بهجوم من البحر والجو والبر. وهذه إشارة وتوعد جديد العهد، فالجميع يعلم بأن لبنان كدولة وكجهاز "مقاومة" لا يملك أي سلاح طيران، ما خلا طيران هليكوبتر دفاعي وتدريبي. فهل قصد حسن نصرالله بأنه سيشن حربًا بالمسيرات (الدرون) أم أنه يخفي سلاحًا جديدًا تم تصنيعه وتركيبه خصيصًا للمعركة؟ وجميعنا يذكر أن المقاومة الفلسطينية في السبعينيات استخدمت الطيران الشراعي في اختراق الحدود مرات عديدة.

رغم كل هذا، تستمر المفاوضات بين الطرفين عبر الوسطاء الذين يصرون على تجنب مثل هذه الحرب، التي ستجر إليها أكثر من طرف، ومن المحتمل أن تتوسع وتهدم كل ما شيّد من استقرار هش في المنطقة

على المقلب الآخر، تزداد وتيرة المفاوضات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول صفقة قنابل ذكية وخارقة تستطيع تدمير الحصون تحت الأرض بنجاعة وسهولة، وتخترق طبقات الخرسانة المعدة للدفاع بكل سهولة. ولكن واشنطن تتمنع عن الموافقة على هذه الصفقة في محاولة منها للجم نتنياهو عن الانفلات تجاه الشمال. فتسليح إسرائيل في هذه المرحلة بهذه القدرات القتالية يعني ضمنيًا دفعها لخوض حرب ستجر إيران وروسيا والغرب إلى أتونها.

من جهة أخرى، توعد حسن نصرالله جزيرة قبرص بتلقي ضربات في مطاراتها إذا ما انطلقت من أراضيها الطائرات لقصف مواقع حزب الله. حيث إن إسرائيل تدرك أن حزب الله سيقوم بدك المطارات التي تخرج منها أسراب الـ إف-35 الأفضل في العالم، وبأنه سيفعل هذا من أجل تحييد سلاح الطيران النفاث عن المعركة وليجبر قوات الجيش الإسرائيلي على خوض المعركة برًا. وفي هذا الملعب سيكون التفوق لصالح قوات الحزب المُعدة لمعارك العصابات التي تعرف أرضها جيدًا بعد أن شيّدت فيها الأفخاخ والخنادق والمتاريس السرية. وفي هذه الحالة سيغرق جيش الاحتلال في مستنقعات ستكون حاسمة ونهائية.

ولعل تهديد حسن نصرالله لقبرص قد فتح باب المواجهة الشامل بين ما يسمى "حلف المقاومة" وبين الاتحاد الأوروبي ومن خلفه حلف الناتو. حيث خرجت التصريحات المنددة من وزراء خارجية دول الترويكا ومن المفوضية الأوروبية التي ترى في قبرص جزءًا من الاتحاد، وبأن أي اعتداء عليها سيكون اعتداءً على الاتحاد برمته.

رغم كل هذا، تستمر المفاوضات بين الطرفين عبر الوسطاء الذين يصرون على تجنب مثل هذه الحرب، التي ستجر إليها أكثر من طرف، ومن المحتمل أن تتوسع وتهدم كل ما شيّد من استقرار هش في المنطقة.

على الجانب السوري، فإن سوريا التي تترقب الحرب بصمت خبيث اعتاد عليه ساسة دمشق، بعد صمت سياسي طويل على حرب غزة الدموية. ومن المتوقع أن تستقبل سوريا مئات آلاف اللاجئين اللبنانيين الذين سينزحون إلى شمال لبنان وإلى الداخل السوري، حيث أعدت إيران لهم الأرض لاستقبالهم في الزبداني وجنوب دمشق والقصير ومضايا.

ومن المتوقع دخول اللاجئين السوريين كذلك برفقة اللبنانيين إلى بلادهم. فهل تحتمل سوريا ولبنان تلك الحرب التي قد تقع لا سمح الله؟ لا أحد يعرف مآلات الأمور سوى من يدير هذا العالم وهذه المنطقة.