icon
التغطية الحية

ما موقف الكيانات السياسية في حراك السّويداء من الانتخابات النّقابيّة المقبلة؟

2023.12.28 | 07:17 دمشق

آخر تحديث: 28.12.2023 | 10:29 دمشق

ما موقف الكيانات السياسية في حراك السّويداء من الانتخابات النّقابيّة المقبلة؟
ما موقف الكيانات السياسية في حراك السّويداء من الانتخابات النّقابيّة المقبلة؟
تلفزيون سوريا - حازم العريضي
+A
حجم الخط
-A

حاولنا البحث في كواليس عمل أحد عشر تجمّعاً نقابيّاً (المعلمين، الكتاب، العمّال، الحرفيين.. إلخ) في السّويداء، حضرت في مظاهرات ساحة الكرامة على مدار الأسابيع الماضية، وفي البال سؤال افتراضي: "هل تذهب التجمّعات أبعد من التّظاهر في السّاحة لتقود المشهد والسّاحة؟"

وقد استوجب هذا البحث تقصّي حقيقة ما يمثله حضور التجمّعات النّقابية في الساحة واستجلاء مواقف وآراء التيارات السياسية الناشئة مؤخراً في محافظة السويداء جنوبيّ البلاد، إضافة إلى الوقوف على تقييم مصادر "محامي السويداء الأحرار" لأفق التجربة المرتقبة، خاصة وأنهم خاضوا تجارب غنية في محاولتهم استعادة نقابة المحامين إلى دورها بوصفها منظمة عمل مدني حرّة مستقلّة.

ولا بد من الإشارة إلى إعلان مجموعة من التجمعات المهنية قرارها تشكيل "تنظيم نقابي واحد باسم التجمع المهني" في السويداء تزامناً مع انتهاء بحثنا وإنجاز هذا التقرير.

تجمع مهندسي السويداء

لا لانشقاق النقابات.. نعم لوحدة البلاد

للبحث فيما إذا كانت الكيانات السياسية الوليدة بعد تجدد الحراك السوري مؤخراً تناصر فكرة نشوء نقابات مهنية محليّة (منشقّة)، التقينا ممثل اللجنة الإعلامية في الكتلة الوطنية هاني عزام، وقد أكد أن الأمر "مرفوض بالمطلق لأنه يخدم سياسة المشروع الانفصالي"، على حد تعبيره.

من جهتها، تعلن الحركة الشبابية السياسية في مبادئها صراحة التزامها مبدأ "وحدة سوريا"، كما يؤكد التيار الشعبي للعمل الثوري على لسان منسقه العام أكرم فارس عريج حرصه على الوصول إلى "عمل نقابي يخدم النقابيين ويخدم المصلحة الوطنية بشكل عام"، حسب وصف عريج.

وكانت الكيانات السياسية الثلاثة التي خاطبناها (الكتلة، الحركة، التيار) أكدت مؤخراً على وحدة سوريا وعمقها العربي وكون سوريا دولة ذات سيادة تضمن لمواطنيها حياة كريمة، وذلك بوصفها مبادئ عامة للعمل والشراكة بينها.

ظاهرة كرنفاليّة أم مشروعٌ جاد

حضور التجمعات النقابية اللافت في المظاهرات أثار الإعجاب لدى نسبة لا يستهان بها، لكن كثراً من أصحاب التجربة المديدة في محاولات استعادة دور النقابات المهنية إلى دورها المستقل عن هيمنة الأجهزة الأمنية يرون أن العمل النقابي ليس بهذه البساطة، وقد أثبتت السنوات الماضية أن النظام يمتلك عدة أدوات للعرقلة، بل وقمع الأصوات المطالبة بذلك حد التهديد بالفصل من النقابة والتضييق الأمني وصولاً إلى الاعتقال التعسفي.

المنسّق العام للتيار الشعبي للعمل الثوري أكرم عريج يعدُّ "دخول النقابات إلى ساحة الكرامة بشكل منظم" إسهاماً مشهوداً أعطى "زخماً قويّاً للحراك" ويضيف عريج "التيار يراهن على دور النقابات".

بالمقابل، أبدى ممثل اللجنة الإعلامية في الكتلة الوطنية تخوّفه من تحوّل الحراك الشعبي إلى "حالة كرنفالية" بعد أن حقّق سقف "الأهداف المعلنة" كما يقول"يُخشى عليه (الحراك) أن يخسر جزءاً منها إذا استمر بنفس السّياق..".

من موقعه، بوصفه صحفياً متابعاً لتغطية الحدث على الأرض يوضّح مرهف الشاعر، مدير "مركز إعلام الانتفاضة"، أن الانتفاضة الشعبية "تشهد تركيزاً على الدور النقابي الحر المتمثّل بعمل وطني"، كما يبيّن الشاعر أن مشاركة التجمّعات النقابية في مظاهرات السويداء تمثّل خروجاً من "عباءة السلطة وتدجينها العمل النقابي لصالح البعث".

ويبقى للأيام المقبلة أن تثبت إن كانت التجمعات النقابية ومن خلفها التيارات السياسية الناشئة والتقليدية قادرة على تحويل الأقوال أفعالاً.

تجمع الفلاحين

المشاركة في الانتخابات النّقابيّة

مواقف الكيانات السياسية الجديدة تباينت تجاه المشاركة في الانتخابات من عدمها، فلدى سؤالنا منسق التيار أكرم عريج أعلن المشاركة بالقول:"نعم، سنشارك في الانتخابات النقابية المقبلة مطلع العام القادم، وسنساند كل النقابيّين الأحرار الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية التّغيير"، مشيراً إلى وجود خطة عمل "قريبة التنفيذ" للتلاقي مع التجمعات النقابية أسوة بما تمّ في الاتّفاقية مع "الكتلة" و"الحركة".

وتتقاطع المعلومات في أن الانتخابات النقابية مطلع العام المقبل 2024 قد تشكّل امتحاناً جادّاً للتّيارات السّياسيّة النّاشئة وباباً لممارسة العمل السياسي على المحك. وخيار المشاركة من عدمها مرهونٌ بالقدرة على إجراء انتخابات بمعزلٍ عن سطوة "المساعد جميل" ومن خلفه انتهاكات الأجهزة الأمنية والفساد، وإلا فخيار المقاطعة إن لم يفرض الحراك شروطه.

 واللافت في هذا السّياق أن الفروع الأمنية لا تزال تتمركز في محافظة السويداء وتلتزم "الصمت المريب" حتى اللحظة، وقد كان ذلك جليّاً في عجزها عن منع المتظاهرين من إغلاق مقار حزب النظام (البعث) في شتّى أرجاء جبل العرب.

في ظل كل هذه المحدّدات وغيرها تشابه موقف "الكتلة" و"الحركة" في التّريّث قبل اتخاذ قرار المشاركة في الانتخابات النقابية.

ممثل اللجنة الإعلامية في الكتلة يوضّح أن القرار لم يناقُش بعد، ويرى أن الأمر سيفتح جدلاً داخلياً لدى جميع التيارات السياسية بين "المشاركة لأجل وصول مرشح معارض، وبين اللامشاركة في انتخابات يقودها النظام الحاكم".

وباعتبار الموقف من هذه الانتخابات امتحاناً للكيانات السياسية الجديدة ترى عضو المكتب السياسي للحركة راية سبيعي أنه "من المبكر تحديد ثقل عمل التيارات السياسية الناشئة أو حتى مقارنته بالعمل النقابي المنظم".

"المحامون الأحرار في السّويداء" نموذجاً

المستطلعة آراؤهم في هذا التقرير يُجمِعون على أهمية تجارب المحامين الأحرار منذ عام 2011، خاصّة وأنهم عملوا دائماً في إطار القوانين والتشريعات.

وتتفق الكتلة والحركة مع معظم المحامين على "استغلال جوانب من الدستور لخدمة أهداف الحراك".

المحامي أيمن شيب الدين يرى أنه حتى اللحظة لا يمكن تسمية وجود "مُشاركة داخل الحراك من أعضاء مُنتسبين إلى نقابات قائمة" بـ"العمل النقابي داخل الحراك"، ويضيف موضّحاً "حتى اليوم لم تُنجز تلك التجمعات أي عمل على صعيد نقاباتها من الداخل" وهو بيت القصيد.

هل التجمّعات النقابيّة مرشّحة لقيادة الحراك؟

وفي إشارة إلى إنشاء مجموعة من التجمعات النقابية "التجمع المهني" هذا الأسبوع يقول الصحفي مرهف الشاعر إن العمل النقابي بشكله الأوّلي يكرّس "مفاهيم مدنية" و يعبّر عن "قوة الحراك السلمي" كما "قدّم برامج عمل ومنها مبادىء سياسية بالتعاطي".

العمل النقابي والسياسي صنوان من منظور التيار الشعبي للعمل الثوري، ويرجح  منسقه العام فاعلية العمل النقابي في التغيير، كما يرى فيه نجاةً لعدم سقوط المؤسسات في "الفراغ والانهيار الشامل".

أمّا ممثل اللجنة الإعلامية في الكتلة فيرى أن "العديد ممن يشاركون في التجمعات النقابية ولاءهم الأول للتكتلات السياسية، فلن يكونوا بديلاً".

والكلمة الفصل هنا للواقع الملموس، إذ يؤكد المحامي أيمن شيب الدين أننا لا نستطيع تسمية المشاركة في ساحة الكرامة "حالة نقابيّة" ما لم يتغيّر الموقف الرّسمي للنقابات التي لا تزال تمتثل حتّى الآن موقف النّظام في دمشق وخطابه وسياسته، والسؤال الذي يطرح نفسه "ماذا تجسّد تلك اللافتة التي تحملها التجمعات المنتمية إلى النقابات الرّسميّة؟"، وذلك بحسب شيب الدين يتطلّب "إحياء نصوص قانونيّة وتفعيلها بالعمل النّقابي داخل النقابات.. وتقويض سلطة النّظام داخلها.. حيث لا تزال سلطة البعث والأمن قائمة".

 

"أُنتجت هذه المادة الصّحفية بدعم من منظّمة صحفيّون من أجل حقوق الإنسان الكنديّة وبرنامج الأمم المتّحدة للديمقراطيّة."