قبل أيام قليلة توفي الشاب وليد حسو (26 عاماً) غرقاً في بحيرة ميدانكي بريف حلب أثناء سباحته في البحيرة ليضاف إلى قائمة طويلة من الضحايا هذا العام الذين غرقوا في المسطحات المائية في محافظتي إدلب وحلب.
الشاب العشريني حالة من بين عشرات الضحايا الذين قضوا غرقاً، في ظاهرة باتت لافتة في الشمال السوري أدت إلى وفاة أطفال وشبان ونساء من مختلف الأعمار معظمهم من النازحين إلى المنطقة.
وبحسب إحصاءات فرق الدفاع المدني السوري فقد توفي 45 مدنياً غرقاً في شمال غربي سوريا منذ بداية العام الحالي وحتى بداية شهر تموز، 15 منهم خلال شهر حزيران فقط، في حين أنقذت فرق الدفاع المدني وفق ما أعلنت 47 حالة غرق أخرى.
وتوزعت حالات الغرق على البحيرات والمسابح الشعبية والأنهار، حيث تعتبر بحيرة ميدانكي في منطقة عفرين واحدة من أخطر مناطق السباحة وأكثرها تسجيلاً لحالات الغرق.
ومن أبرز حالات الغرق التي سجلت هذا العام وفاة خمسة أطفال من عائلة واحدة في بحيرة ماء في قرية مورين شمال إدلب وذلك تزامناً مع أمطار وسيول شهدتها المنطقة منتصف شهر حزيران الفائت.
كما قضى طفل بعمر 12 عاماً في مسبح بمدينة سرمين وطفل آخر في مسبح بمدينة إدلب ، في حين توفي شقيقان نازحان من بلدة عنجارة بريف حلب أثناء سباحتهما في بحيرة ميدانكي.
وانتشلت فرق الدفاع المدني في إدلب جثة شاب غرق في عين الزرقا أثناء السباحة، كما غرق مدني يبلغ من العمر 45 عاماً في مياه نهر الفرات في ريف جرابلس.
وفاة الطفل "وليد محمد كوان " 16 عاماً، غرقاً اليوم الجمعة 21 آب، في نهر دير بلوط بريف حلب الشمالي، فرق الغطس في الدفاع المدني انتشلت جثته ونقلته لأقرب مشفى ليتم تسليمه لعائلته. #الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/4dn1lSKz8O
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) August 21, 2020
التهجير وغياب الوعي
وحول أسباب ارتفاع أعداد الوفيات بالغرق وجهود الدفاع المدني في الحد من أعداد الضحايا قال مصطفى الحاج يوسف مدير الدفاع المدني في إدلب إن السبب الرئيسي لزيادة هذه الحالات هو التهجير والنزوح حيث باتت هذه الأماكن في ظل الحر الشديد المتنفس الوحيد للنازحين والمهجرين الذين لم يعتادوا السباحة في هذه المناطق وخطورتها.
وأوضح يوسف لموقع تلفزيون سوريا أن بعض هذه المناطق خطرة بالفعل ومن لا يجيد السباحة بشكل كبير يمكن أن يتعرض للغرق، لافتاً أن الدفاع المدني وضع في هذه الأماكن لافتات تحذر من السباحة .
وأوضح "يوسف" أن قلة الوعي هي السبب الرئيسي لزيادة هذه الحالات لاسيما أنه من الصعوبة بمكان وجود فرق الدفاع المدني بشكل دائم في المنطقة والتدخل خلال فترة الغرق وهي لا تتعدى دقائق معدودة.
ونوه مسؤول الدفاع المدني إلى أنهم دربوا خلال الفترة الأخيرة فرقاً للتدخل السريع كما زوَّدوهم ببدلات غطس ومعدات إنقاذ وقوارب.
من جانبه عزا لؤي محمود وهو ناشط إعلامي في مدينة عفرين في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا أسباب زيادة الغرقى إلى طبيعة المسطحات المائية في المنطقة التي تنمو فيها الحشائش وتتمتع بأرضية طينية تسبب انزلاق السباحين.
وفاة الطفل "سليمان الفهد" 12 عاماً غرقاً،اليوم السبت 22 آب، بنهر دير بلوط شمالي حلب، وتمكنت فرق الغطس في الدفاع المدني من انتشال جثته بعد محاولات استمرت أكثر من ساعتين، ليرتفع بذلك عدد الضحايا الذين قضوا غرقاً في الشمال السوري منذ بداية شهر آب الحالي إلى 4 مدنيين.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/rDNeMq643Z
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) August 22, 2020
وأضاف محمود "للأسف معظم هذه الحالات هي لشبان وأطفال نازحين يجهلون طبيعة المنطقة والأماكن الخطرة، يضطرون للابتعاد عن خيامهم الحارة والالتجاء للسباحة للهرب من حرارة الصيف".
من جانب آخر تحدث الناشط الإعلامي في ريف إدلب أحمد الخليل عن غياب عوامل الأمان في المسابح الشعبية والتي سجلت فيها عدة حالات وفاة خلال الفترة الأخيرة.
وأشار الخليل إلى أن هذه المسابح في الواقع لا تحوي سترات نجاة ولا مدربين ، كما يعمد بعض الشبان للتسلق وإلقاء أنفسهم من أدوار مرتفعة وهذا يشكل خطراً حقيقياً على حياتهم.
أبو إسلام وهو نازح من ريف دمشق يقيم في مدينة عفرين بريف حلب ، توفي ابنه الذي يبلغ من العمر 13 عاماً قبل قرابة شهرين في بحيرة ميدانكي أيضاً، قال في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا :" نقيم في خيمة على أطراف عفرين لا تقي حر الشمس ، كنت في العمل عندما وصلني خبر وفاة ابني، كان مع رفاقه ولم يستطع أحد إنقاذه، هربت من القصف لإنقاذ عائلتي لكن آلام النزوح وأوجاعه أشد وطأةً من القصف".
الدفاع المدني يتحرك
وفي محاولة للحد من حوادث الغرق أطلق الدفاع المدني مؤخراً حملة توعوية على الأرض وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ، محذراً خلالها من السباحة في الأماكن المحظورة وداعياً في الوقت ذاته إلى التقيد باللوحات التحذيرية التي تم وضعها.
ودعا الدفاع المدني عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" إلى عدم القفز من مرتفعات عالية تفادياً للاصطدام بالأرض أو بأشياء حادة، وإلى عدم الابتعاد عن الشاطئ بشكل كبير وأخذ احتياط طريق العودة ضمن القدرة الجسدية.
ونبه الدفاع المدني إلى أخذ احتياطات الأمن والسلامة أثناء السباحة مثل اصطحاب دولاب وأدوات طفو وإلى عدم السباحة بشكل فردي وخاصة في الأماكن التي فيها تيارات قوية.
وسبق أن سجل الدفاع المدني 95 حالة وفاة سابقة في ريفي حلب وإدلب بين عامي 2018 و2019 عبر إحصاءات نشرها في موقعه الرسمي، مشيراً إلى أن بين الوفيات 23 طفلاً و12 امرأةً.