بدأ يطرح هذا السؤال بعد عملية الاجتياح البري التي قامت بها إسرائيل ضد سكان القطاع والتي أصبحت واضحة في همجيتها واستهدافها السكان المدنيين والمنشآت الطبية والحيوية، فضلا عن قطع الكهرباء والطعام والماء عن السكان منذ اليوم الأول من العملية العسكرية، كما أن القصف الجوي العشوائي لم يتوقف يوما عن إنزال القنابل بكل أنواعها ضد المدنيين بشكل لم يسبق له مثيل.
لكن السؤال ماذا تريد إسرائيل من كل هذا الخراب والتدمير، هل تتوقع إسرائيل القضاء على حماس كليا بعد هذه الحرب وهو ما يستبعده الجميع بسبب قدرة حماس على تجميع قواها، وعدم قدرة إسرائيل على الانتهاء من العملية البرية كما خططت من قبل.
لكن السؤال إذا متى سينتهي الصراع، وكيف ستكون نهاية هذه الحرب غير المتكافئة أبدا بين جيش كبير مدعوم من قبل الولايات المتحدة، ومنظمة عسكرية قوامها من المدنيين المدربين بشكل محدود، وهو ما قاله الرئيس أوباما أن مشكلة هذا الصراع أن أحد الطرفين يبدو قويا بشكل لا محدود والطرف الآخر يبدو ضعيفا بشكل لا محدود أيضا، لكن تجب الإضافة أن الطرف الأول يجد نفسه محميا من قبل القانون الدولي بدون أي رادع ومدفوعا بغرور القوة العمياء التي يمكن أن تبطش بدون أي توقف أو محاسبة.
إن نتيجة الحرب غير مؤكدة بالنسبة لإسرائيل فهي كما ذكرت لن تستطيع تحقيق نتائجها فيما يتعلق بالقضاء على حماس أو تحرير الرهائن بدون عملية لتبادل الأسرى بين الطرفين، وهو الهدف الذي وضعته حماس من الطرف الأول
بدت فظائع القوات الإسرائيلية على أشدها في قصف المستشفيات وحصارها وقطع الكهرباء عنها ووفاة الرضع الخدج في هذه المستشفيات، وقد قامت إسرائيل بحصار القطاع منذ اليوم الأول وقطعت إمدادات المياه والكهرباء والوقود والغذاء عن سكانها الفقراء البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
إن نتيجة الحرب غير مؤكدة بالنسبة لإسرائيل فهي كما ذكرت لن تستطيع تحقيق نتائجها فيما يتعلق بالقضاء على حماس أو تحرير الرهائن بدون عملية لتبادل الأسرى بين الطرفين، وهو الهدف الذي وضعته حماس من الطرف الأول.
بدأ الضغط الدولي من أجل وقف إطلاق النار يتصاعد من قبل الدول الأوروبية وداخل الولايات المتحدة التي ما تزال إدارة بايدن تتردد في المطالبة بوقف إطلاق النار، لكن الضغط عليها يتصاعد من قبل نشطاء السلام وأعضاء الحزب الديمقراطي داخل الكونغرس ولذلك أعتقد أنها مسألة وقت قبل الحديث عن وقف إطلاق النار.
وبالتالي هدف إسرائيل بـ "القضاء" على حماس مرة واحدة وإلى الأبد، ووعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ "هزيمتهم حتى الموت" لن يتحقق، والكل يدرك أنه مستحيل التحقق على الأرض.
تشير إسرائيل أنه لن تكون هناك عودة إلى الوضع الراهن المتمثل في أعمال العنف المتفرقة والهجمات الصاروخية والمناوشات والقتال قصير الأمد بسبب سيطرة حماس على قطاع غزة في عام 2007 بعد انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005. فقد أصبح إيقاع الصراع بين إسرائيل وحماس روتينيا على نحو متزايد، مع قيام حماس بعمليات عسكرية محدودة تليها أعمال انتقامية إسرائيلية يمكن التنبؤ بها وهو ما ترغب إسرائيل أن تنهيه، وهو ما يبدو مستحيل التحقق حيث زادت شعبية حماس بشكل كبير داخل القطاع وربما زادت نسبة التطوع العسكري داخلها بشكل كبير.
لكن التكلفة البشرية لمحاولة إسرائيل القضاء على حماس - نظراً لأن الفلسطينيين غير قادرين حالياً على مغادرة غزة – غير مسبوقة ولا أعرف إذا كانت إسرائيل كما في كل مرة يمكنها أن تتجاوز القانون الدولي بفضل الحماية الغربية لها.
إن إسرائيل تستطيع أن تبدأ الحرب لكنها لن تنتهي كما تتوقع وربما يكون الثمن الذي ستدفعه إسرائيل سياسيا في المستقبل مع تصاعد الاحتجاجات أكبر بكثير مما تخيلته قبل الحرب
لقد سويت أحياء بأكملها بالأرض في غزة بالفعل، مع بلوغ عدد الشهداء أكثر من 11 ألف شهيد وأكثر من 4000 طفل، وهو ما يبدو واضحا أن المدنيين هم من دفع الثمن الأكبر من هذه العملية العسكرية وأن الادعاء الإسرائيلي بتحييد المدنيين يبدو غير مطابق للواقع أبدا.
باختصار، إن إسرائيل تستطيع أن تبدأ الحرب لكنها لن تنتهي كما تتوقع وربما يكون الثمن الذي ستدفعه إسرائيل سياسيا في المستقبل مع تصاعد الاحتجاجات أكبر بكثير مما تخيلته قبل الحرب.