إن معركتنا من أجل حقوق الإنسان هي من صميم ثورتنا، ثورة الحرية والكرامة. قلوب السوريين كلهم عند إخوانهم وأخواتهم في سجون نظام الأسد لعلمهم أن هذا النظام الوحشي مارس كل أنواع التعذيب بحقهم، وقُتل من قتل تحت التعذيب، فالروايات والقصص التي حكاها الناجون من سجون هذا النظام لا تكاد تصدّق لفظاعتها وقسوتها، من قبل كائنات وحشية بهيكل بشري، مسلوخين من كل أشكال الإنسانية.
نأسف كسوريين وسوريات في هذا اليوم على عجز العالم والمجتمع الدولي في ردع أبشع منظومة تعذيب في العصر الحديث، رغم نداءاتنا المتكررة لهذا المجتمع الذي أغفلت معاركه السياسية لغة حقوق الإنسان التي يتحدثون بها، فهل يعلم المجتمع الدولي كيف ينظر الشعب السوري له؟!
شعب آمن بالحياة وانتفض في وجه الظلم ليلاقي قمعاً لا مثيل له عبر التاريخ الحديث، وتغافلاً دولياً وتخاذلاً ومماطلة زادت هول الحرب وأرخت الحبل للنظام الوحشي ليرتكب مزيداً من المجازر والانتهاكات على مرأى ومسمع العالم، الذي اكتفى بالإدانات ورسم الخطوط الحمراء الواهية.
أقرت الأمم المتحدة عام 1987 اتفاقية مناهضة التعذيب، ثم وثقت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة الكثير من جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، كان آخرها مجزرة التضامن. سنبقى نطالب ونعمل بكل الوسائل المتاحة في سبيل طرد هكذا نظام مجرم من أروقة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، نسعى ونطالب بفضح جرائم هذا النظام كخطوة في إخراج المعتقلين والمغيبين من سجونه التي شبهتها منظمات دولية وحقوقية بالهولوكوست، ووصفتها بالمسالخ البشرية.
إن حالات التعذيب والاعتداء على الكرامة الشخصية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية توجب تقديم مرتكبيها للمحاسبة والعدالة على مرأى العالم كلّه، والسؤال الذي نصرّ على أن نسمع له جواباً: إذا لم تحقق العدالة الدولية ضد نظام مدان بآلاف الجرائم فضد من؟! ولماذا أنشئت المحاكم الدولية إذا نجا هذا المجرم؟! إن الشعب السوري بكل أطيافه يطالب المجتمع الدولي بخطوات حقيقية تردع منظومة الأسد، منظومة التعذيب والقتل والتدمير، وأولى هذه الخطوات تبدأ بطرد هذه المنظومة من المجتمع الدولي ومحاكمة عناصرها في محاكم دولية وعودة الحقوق لأهلها، ولن يكون هناك سلام مستدام في سوريا من دون محاسبة مرتكبي جرائم الحرب ضد المدنيين.
يجب ألا يُسمح لمرتكبي جرائم التعذيب بالإفلات من العقوبة. عشر سنوات مرت ومر فيها أبشع أنواع الإجرام والتعذيب، هل على المجتمع الدولي انتظار قيصر ثان ليعاقب المجرمين والقتلة!
نقدر كلّ من وقف مع الشعب السوري وقام بخطوات مهما قلّت ضد نظام الأسد، من دول وشعوب ومنظمات، ولكن الشعب السوري وبعد سنين من التعرض اليومي للتعذيب الجسدي والنفسي وممارسة كل أنواع الجرائم ضده في بلده، والكثير من العنصرية والكراهية في بلاد اللجوء؛ يستحق أن ينصف، ولا بدّ للعالم أن يتحمل مسؤولياته تجاه إحدى أكبر مآسي هذا العصر، سيوصم هذا الزمان بالعار الأبدي لاستمرار منظومة إجرامية مثل نظام الأسد بممارسة القتل والتدمير بأريحية كاملة، تحت نظر العالم، بإعلامه ومنظماته الدولية وقوانينه الإنسانية، وقواه العظمى والصغرى، وإذا لم يتحرك الجميع لسوق هؤلاء المجرمين للمحاسبة والمحاكمة وتحقيق العدالة؛ فلن يبرأ أحد منهم من هذا العار والخزي.