"المهم أنَّنا لا نخون، ولا نبيع وطننا ولا قضيتنا ولا شرفنا، ولا نفتخر بتدمير بلدنا لأجل إسقاط رئيسنا..."، هكذا ردَّ المعلِّق الرياضي الجزائري حفيظ دراجي الذي يعمل في شبكة بين سبورت (beIN Sports) على الإعلامي فيصل القاسم مقدِّم برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة، بعد أن غرَّد الأخير ساخراً من النظام الجزائري الذي يشترط حضور النظام السوري القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر لهذا العام.
وقال القاسم في تغريدته: "نظام يتآمر مع إثيوبيا ضدَّ مصر، نظام يتحالف مع إيران ضدَّ العرب، نظام يعادي جاره العربي المغرب، يريد لمَّ شمل العرب في قمة عربية، تركت زوجها مبطوح وراحت تداوي ممدوح... صب عمِّي صب".
قد يعتقد البعض ومنهم الجمهور الرياضي العربي الذي اعتاد على رؤية دراجي خلف كبينة التعليق، وسماع صوته يعلِّق على مباريات كرة القدم بأنَّه رجلٌ لا يتعاطى السياسة، في حين أنَّ الواقع يشير إلى غير ذلك تماماً، حيث إنَّ المهنة الأساسية لدراجي هي الصحافة، أي معايشة الحدث السياسي وليس فقط الحدث الرياضي!
ومن المهم أن نذكر أنَّ دراجي عمل سابقاً في تقديم عددٍ من البرامج الاجتماعية والسياسية، مثل؛ حوار مع المجتمع، وبرنامج سهرة الأحلام، كما عمل مديراً للأخبار في التلفزيون الجزائري الرسمي بين عامي (2002-2003م)، ثمَّ عمل مساعداً لمدير الأخبار لعدة سنوات أيضاً، إضافة إلى إصداره مجموعة من الكتب ذات الطابع السياسي، فقد كتب (في ملعب السياسة) 2020م، وقبله (دومينو) 2013م، وكتابه الأول (لا ملك ولا شيطان) 2012م.
وكتبه عبارة عن مقالات جمعها في كتاب، تتحدَّث هذه المقالات في مجملها عن الرياضة والسياسة والمجتمع في الجزائر، كما يهاجم فيها دراجي رئيس النظام السابق في بلاده، ويدَّعي دراجي في كتابه (دومينو) أنّنا –العرب- محترفون في النفاق والنصب والاحتيال، ويضيف: "هناك أطراف كثيرة في الممارسة السياسية تحترف الكذب والاحتيال والابتزاز، وتتلوَّن كلَّ يوم لتقف مع (الواقف) دون قناعة خوفاً وطمعاً، فينتقلون من حزب إلى آخر كما ينتقل اللَّاعبون من نادٍ إلى آخر بحثاً عن الشهرة والمال، ويغيرون مواقفهم ومواقعهم حسب اتجاه الرِّياح والمصلحة الخاصة دون أدنى اعتبار للمبادئ والقيم والأخلاق".
زعم تأييده لثورات الربيع العربي، وحق الشعوب بالتخلص من المستبدين إلا أنَّه خالف آراءه ومواقفه في الآونة الأخيرة التي تشهد دعماً للثورات المضادة وعودة للدكتاتوريات بوجه مختلف
ويبدو أنَّ دراجي قد أعجبته هذه اللعبة فتقمصها تقمصاً تاماً، حيث يظهر التناقض الصارخ والحاد بين كتاباته ومواقفه، فقد زعم تأييده لثورات الربيع العربي، وحق الشعوب بالتخلص من المستبدين إلا أنَّه خالف آراءه ومواقفه في الآونة الأخيرة التي تشهد دعماً للثورات المضادة وعودة للدكتاتوريات بوجه مختلف كما هو الحال في تونس ومصر والجزائر كنموذج أوَّل، أو سياسة تفتيت الأوطان وشرذمتها كما في اليمن وليبيا والسودان كنموذج ثانٍ للثورات المضادة، أو اللجوء إلى كسر عظم الشعوب والإبقاء على الدكتاتور ذاته، لتكون درساً قاسياً للشعوب الثائرة أو التي تفكِّر بالثورة كما هو الحال في سوريا، حيث عادت بعض الأنظمة لتأييد بقاء رأس النظام في الحكم، على اعتبار أنَّه نصر يستحق الإشادة به، والتعامل معه، ورأت فيه بوابة لعودة العلاقات من جديد.
وقد أوعزت هذه الأنظمة لممثليها وإعلامها للترويج لهذه المسألة متناسين دماء الشهداء وملايين النازحين في الخيام والمهجَّرين في بلدان العالم، وقد كان موقف حفيظ دراجي مثالاً على هذه الأصوات الملمِّعة لصورة الدكتاتور القاتل المتشبث بكرسي الحكم القائم على حطام وطنٍ منتزع السيادة منهوب الموارد، والأمر ذاته دفع بالمجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد لزيارة رأس النظام في دمشق، لتشيد بجهوده الجبارة في محاربة الإرهاب، فيقلدها هذا الدكتاتور القاتل وسام الاستحقاق.
وعلى الرغم من محاولة دراجي لإصلاح الموقف في تغريدة لاحقة إلا أنَّه كما يقول المثل بدل (أن يكحِّلها عماها) حين التقم الطعم الذي رمته له الناشطة السورية السيدة ميسون بيرقدار، فقد كشفت ميسون التي دأبت على الاتصال الهاتفي ببعض الأشخاص المناوئين للثورة السورية وفضح مواقفهم أو بعض ممارساتهم إلى نشر تسجيل مكالمة هاتفية قد أجرتها مع دراجي، بيَّن فيها موقفه السياسي من رأس النظام السوري، وتأييده لاستمرار بشار الأسد في الحكم ورغبته الشديدة في حضور الأسد القمة العربية المقبلة في الجزائر، قائلاً: "سلمي لي عليه كثيراً، إن شاء الله نشوف السيد الرئيس في الجزائر... قولي له لك مني دعم مثل الدعم الذي تجده من الجزائر الدولة.. ونحن مع عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية"!!
هل ينجح السوريون مجدداً بالإطاحة بحفيظ دراجي ومنعه من التعليق على مباريات كأس العالم القادم في قطر 2022م؟
لقد نجح السوريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالضغط على مؤسسات إعلامية مرموقة، وحثَّها على الرجوع عن عدة قرارات اتخذتها لا تخدم الشعب السوري الحر، لإساءتهم المتعمدة، حيث تراجعت قناة الجزيرة القطرية عن قبول طلب المذيعة السورية رنيم خلوف المتقدمة لبرنامج الزمالة في صفوف طاقم القناة بعد أن نشر السوريون موقفها السياسي وشتمها لقطر وحاكمها مع بدء الثورة السورية، كما تراجعت قناة فرانس 24 عن قبول المذيعة السورية رانيا زنون للسبب نفسه، بل نفت تعاملها مع مذيعة موالية للنظام السوري، كما أوقفت قناة TRT عربي مذيعتها أحلام العجارمة عن العمل بعد تجنِّي المذيعة على السوريين وتلفيقها تهمة خطف ابنها الذي تبين أنَّه عند والده المنفصل عنها، فهل ينجح السوريون مجدداً بالإطاحة بحفيظ دراجي ومنعه من التعليق على مباريات كأس العالم القادم في قطر 2022م؟