مع اقتراب الشتاء، يكتشف المواطن السوري مرة أخرى أن الحطب أصبح رفاهية لا تليق بالفقراء، إذ ارتفع سعره بنسبة 100% مقارنة بالعام الماضي. وكأن حكومة النظام أرادت أن تُذكرنا بأن التدفئة ليست حقاً بديهياً، بل امتيازًا لمن يملك القدرة على دفع أربعة إلى ستة ملايين ليرة مقابل طن حطب! أما المازوت فيبدو أنه أُعيد تصميمه ليُوزع بالقطارة، مع منحة سخية تبلغ 50 لترًا فقط لكل عائلة. لا تقلقوا، هذه الكمية كافية لتدفئة منزلكم.. لمدة خمسة أيام!
لكن لا داعي للهلع، فمدير الحراج في وزارة الزراعة، السيد علي ثابت، طمأن الجميع بأن الحكومة بصدد إصدار تسعيرة نظامية للحطب، وكأننا في سوق للترف، ننتظر فقط "التسعيرة النظامية" لتكتمل رفاهيتنا. الحكومة تأتينا كل شتاء بتسعيرة جديدة لتذكرنا أنه حتى الحطب بات ملكاً لأولئك الذين يستطيعون تجنيد جيش صغير ليحميهم من برد الشتاء.
باختصار، شتاء دمشق هذا العام سيكون معركة ساخنة.. لكن فقط لمن يستطيع دفع الثمن. أما البقية؟ فالدفء ليس لهم، والحطب ليس من نصيبهم.
أما أنتم يا فقراء دمشق، فلا داعي لأن تنظروا للغابات وكأنها الحل. حسب تصريحات السيد ثابت، الغابات ليست لتحقيق أهداف استثمارية أو اقتصادية! أرجوكم، لا تفكروا في تحويلها إلى مشاريع تجارية، أنتم هنا فقط لتحافظوا على "الأهداف البيئية والوقائية"، وكأنكم تخططون لتحويل الغابات إلى مصانع خشب عملاقة، لا مجرد البحث عن بعض الحطب لتدفئة أطفالكم في ليلة شتوية قاسية. فالغابات، مثلها مثل المازوت، لا تسخر مواردها لأصحاب البيوت الباردة.
ويبدو أن الحكومة فخورة أيضاً بانخفاض عدد التعديات على الغابات هذا العام. رائع! لقد انخفض عدد الضبوط من 2600 إلى 1300. كل شيء تحت السيطرة.. باستثناء طبقات الجليد المتراكمة على شبابيك الفقراء! فالخيار هنا أصبح واضحا: إما أن تدفع مليوناتك لتحصل على بعض الحطب الفاخر، أو تنتظر المازوت الذي سيأتي إليك بالقطارة، لتعيش تجربة الشتاء على الطريقة السورية.
وبما أن الوزير ثابت يؤكد أن الغابات ليست للاستثمار، فإن الحكومة أيضا ترفض استثمارها في إيجاد حلول حقيقية للمواطنين. فبدلاً من أن تفكر في تحسين توزيع المازوت، أو تسهيل وصول الحطب بأسعار معقولة، يبدو أن كل ما يشغل بالها هو التقليل من التعديات على الحراج، وكأن أضلاع الفقراء التي تتجمد كل شتاء ليست تعديا يستحق التفكير.
باختصار، شتاء دمشق هذا العام سيكون معركة ساخنة.. لكن فقط لمن يستطيع دفع الثمن. أما البقية؟ فالدفء ليس لهم، والحطب ليس من نصيبهم.
"من استطاع إلى الحطب سبيلاً.. والبقية؟ اصبروا فالحكومة تعدكم بالتسعيرة قريباً!"