من الصعب على المرء أن يحترم أي مؤسسة غير قادرة على تنفيذ قراراتها فما بالك إذا كانت مؤسسة إقليمية تضع على رأس أولوياتها حفظ السلم في محيطها الإقليمي، هذا ينطبق تماما على جامعة الدول العربية فيما يتعلق بسوريا، فقد كانت الجامعة قد علقت عضوية سوريا في اجتماع طارئ عقده وزراء الخارجية العرب في القاهرة في نوفمبر 2011 اعتبارا من السادس عشر من نوفمبر 2011 لحين التزام الحكومة السورية بتنفيذ بنود المبادرة العربية.
كما أعلنوا فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ضد دمشق، وحثوا الجيش السوري على عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين المناهضين للنظام.
طالب القرار "الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق"، لكنه اعتبر ذلك "قرارا سياديا لكل دولة"، كما اتفق الوزراء على "توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية" على الحكومة السورية
وأكد القرار الذي تلاه رئيس الوزراء القطري حينذاك حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني "تعليق مشاركة وفد حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتبارا من 16 نوفمبر تشرين الثاني إلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها التي وافقت عليها بموجب خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية".
وطالب القرار "الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق"، لكنه اعتبر ذلك "قرارا سياديا لكل دولة"، كما اتفق الوزراء على "توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية" على الحكومة السورية.
وقرر الوزراء العرب كذلك "توفير الحماية للمدنيين السوريين وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية وفي حال عدم توقف أعمال العنف والقتل يقوم الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها الأمم المتحدة".
ودعا القرار "الجيش العربي السوري إلى عدم التورط في أعمال العنف والقتل ضد المدنيين".
كان قرارا تاريخيا حينذاك، بالطبع لم يلتزم النظام السوري بأي من بنود القرار أو الخطة العربية وكان رده بالاستهزاء من الجامعة والسخرية منها ومن قراراتها، بعدها سالت دماء سورية كثيرة لم تكن الجامعة قادرة على وقف هذا السيل من الأنهار بسبب البراميل المتفجرة والتعذيب واستخدام القنابل العنقودية المحرمة والأسلحة الكيماوية وغيرها من أساليب القتل التي تفنن بها النظام السوري بهدف إخضاع الشعب السوري لسيطرة الأسد ووقفت الجامعة موقف المتفرج تماما على رحلة عذابات السوريين في النزوح والتهجير القسري، والآن وبعد 11 عاما تعود الجامعة ذاتها كي تطوي صفحة ذلك القرار وإصدار قرار ينص على عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة، واستئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها، بعد غياب 11 عاما.
حيث أعلن وزراء الخارجية العرب المجتمعون في القاهرة أنه تقرر "استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتبارا من السابع من مايو/أيار 2023".
وأكد البيان الحرص على إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل "الأزمة السورية وانعكاساتها"، وضمنها أزمات اللجوء وتهريب المخدرات و"خطر الإرهاب".
الشيء الوحيد الملاحظ في القرار هو الإشارة إلى المخدرات حيث الأسد حول سوريا إلى مصنع للمخدرات على المستوى الإقليمي
وأشار إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة وفق مبدأ الخطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، بدءاً من السماح بإيصال المساعدات لمحتاجيها في سوريا، وفق الآليات المعتمدة في قرارات مجلس الأمن.
لم يلحظ القرار الجديد حجم التغيرات التي حصلت في سوريا على مدى 11 عاما حتى إن القرار لم يحل إلى قرارات جامعة الدول العربية ذاتها من الأزمة وكأنها لم تكن وكأن الجامعة ذاتها غير معنية بتطبيق قراراتها، الشيء الوحيد الملاحظ في القرار هو الإشارة إلى المخدرات حيث الأسد حول سوريا إلى مصنع للمخدرات على المستوى الإقليمي وكان طريفا حقا أن نجد هذا النص الذي يعد إهانة للأسد بالإشارة إلى سوريا بوصفها بلدا للمخدرات ويطلب التعاون الإقليمي في هذا الإطار.
المهم، أن قرار العودة لن يفيد النظام كثيرا سيهين الجامعة بكل تأكيد لكن مشكلاته السياسية والأمنية والاقتصادية لن تحلها مؤسسة إقليمية لا تستطيع احترام قرارتها.