icon
التغطية الحية

تنامي القلق التركي من تطورات الوضع في سوريا.. ما الأسباب؟

2024.10.13 | 06:06 دمشق

778669
دورية للجيش التركي في سوريا (أ ف ب)
+A
حجم الخط
-A

لم تكن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال عودته من ألبانيا في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، التي حملت تحذيرات من "احتلال إسرائيل لدمشق" هي المؤشر الوحيد على تنامي القلق التركي من التطورات في سوريا، فقد سبقها إجراء قادة كبار في الجيش التركي زيارة ميدانية مطلع الشهر ذاته لتفقد القواعد العسكرية شمال غرب سوريا، على رأسهم قائد القوات البرية سلجوق بيرقدار أوغلو.

زيارة القادة العسكريون الأتراك تزامنت مع إجراء القوات التركية المنتشرة في الشمال السوري لاختبارات جاهزية مكثفة وغير معتادة.

النظام السوري يتحرك بالاتجاه المعاكس لأنقرة

قبيل توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية باتجاه الجنوب اللبناني، تكثفت الدعوات التركية للنظام السوري من أجل التفاهم حول الأوضاع في سوريا، مع التلويح بالاستعداد لسقوف مرتفعة منها اللقاء بين الرئيس التركي والأسد، وفقاً لتقدير موقف لدى مؤسسات الدولة التركية يرجح توسع الحرب في المنطقة، مع احتمالية أن تطال آثارها المصالح التركية، وبناء عليه أيضاً ازداد التنسيق التركي مع مصر والسعودية، تجسد بشكل أكبر في القرن الإفريقي ووادي النيل الذي تنشط فيه إسرائيل أيضاً.

وفي وقت تدفع فيه تركيا بقوة باتجاه استعادة "الدولة السورية" المركزية لدورها، ازداد حديث النظام السوري عن "اللامركزية" التي تشكل قلقاً بالغاً لأنقرة، حيث تحدث الأسد في كلمته أمام مجلس الشعب نهاية آب/ أغسطس الماضي عن جهود يتم بذلها من أجل إعادة توزيع الصلاحيات والمسؤوليات، وأهمية العمل بـ "اللامركزية" لنجاح الإصلاح الاقتصادي والإداري، وعاد للحديث عن الأمر ذاته خلال لقائه مع الحكومة الجديدة نهاية أيلول/ سبتمبر الفائت.

تصريحات الأسد ترجمتها أنقرة على الأرجح أنها محاولة إيجاد أرضية لاستيعاب قسد والإدارة الذاتية التابعة لها، وفق آلية ترفضها تركيا، حيث تطالب بحل التنظيم بالكامل، خاصة وأن قسد والنظام السوري تفاوضا طيلة السنوات الماضية، وأفصحت قسد مراراً عن مطالبتها للنظام بالموافقة على اللامركزية.

وفي بداية تشرين الأول/ أكتوبر الجاري نقلت وكالة تاس الروسية عن سفير النظام السوري في موسكو بشار الجعفري نفي إمكانية عدم لقاء بين أردوغان والأسد قبل تلبية مطلب "الانسحاب من الأراضي المحتلة"، ورسم خريطة طريق للانسحاب من الأراضي السورية و "الكف عن دعم الإرهابيين".

عودة وتيرة التنسيق الإسرائيلي الروسي

بقيت روسيا متفرجة على تكثيف إسرائيل لهجماتها على أهداف إيرانية منذ نهاية عام 2023، على الرغم من أن هذه الهجمات اقتربت كثيراً من قاعدة حميميم الجوية الروسية في ريف اللاذقية السورية، عندما استهدفت إسرائيل مستودعات أسلحة مشتركة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني مطلع الشهر الجاري.

وقبيل توغل قوات إسرائيلية جنوب سوريا في 12 الشهر الجاري، أعادت الشرطة العسكرية الروسية انتشارها في عدة نقاط.

وفي حال لم تعترض روسيا على المزيد من التوغل الإسرائيلي في سوريا سيكون هذا بمثابة مؤشر بالنسبة لتركيا على تراجع الموقف الروسي لصالح الغرب في سوريا، مراعاة لحسابات متعلقة بالمواجهات في أوكرانيا، وهذا لن يخدم المصالح التركية، حيث عولت أنقرة كثيراً على تناقضات المواقف الأميركية الروسية، وبالتالي قد تتراجع حماسة روسيا للاستمرار في ممارسة الضغوط على الوجود الأميركي شمال شرقي سوريا، حيث شكل هذا الموقف نقطة التقاء مهمة بين أنقرة وموسكو في الفترة الماضية.

الانعكاسات المحتملة لتوسع الدور الإسرائيلي في سوريا على أمن تركيا

إلى جانب اهتمام إسرائيل بالجنوب السوري الواقع على حدود هضبة الجولان، والذي تتمركز فيه مجموعات عسكرية مرتبطة في إيران، من المتوقع أيضاً أن تركز تل أبيب أنظارها على شمال شرق سوريا بوابة عبور السلاح والميليشيات الإيرانية إلى الأراضي السورية ثم لبنان، وبالتالي الاستفادة من النفوذ الأمريكي وقوات قسد المرتبطة بواشنطن.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2019 نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن قيادي في قسد لم تذكر اسمه طلبه من تل أبيب مساعدتهم للوقوف في وجه التوغل التركي شمال شرق سوريا، على خلفية تنفيذ أنقرة لعملية نبع السلام آنذاك، وكشفت تسريبات لاحقة أن تل أبيب فعلا مارست ضغوطاً لدى واشنطن لمنع استمرار التوغل التركي، كما تحدث تقرير نشرته صحيفة ميدل ايست مونيتور في آب/ أغسطس 2022 عن توفير إسرائيل دعما سياسياً وأمنياً لقسد.

وفي ظل هذه التطورات، من المتوقع أن تتمسك تركيا بشكل أكبر في استمرار وجودها العسكري على الأراضي السورية، بالإضافة إلى التركيز على تنظيم أكبر لفصائل المعارضة السورية تحسباً لأي طارئ، خاصة في ظل الحديث عن دفع النظام السوري بتعزيزات إلى شمال سوريا تابعة للفرقة 25 المدعومة روسياً.