الخوف من عودة ترامب يدفع إيران وحلفاءها للتفاوض والتنازل

2024.07.20 | 06:24 دمشق

477777777777777777
+A
حجم الخط
-A

رغم أن كل المبررات والأهداف الحقيقية التي دفعت شابًا أميركيًا لمحاولة اغتيال دونالد ترامب ما تزال مجهولة، وقد تبقى مجهولة للأبد بعدما قُتل الشاب في اللحظة نفسها، إلا أنه ما من شك بأن ما حصل شكل صدمة كبيرة ومنعطفًا حادًا في مسار إحدى أهم الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة، وستترجم نتائجها خارجيًا وتحديدًا المرتبطة بمسارات الحرب الحاصلة في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر الماضي.

وبالتوازي مع حالة التعاطف الشعبوي التي رافقت العملية، وتحديدًا بعد خروج ترامب من العملية رافعًا قبضته مظهرًا تماسكًا كبيرًا بعد الحدث، إلا أنه لا بد من ملاحظة المواقف الهادئة التي صدرت على السواء من الخصمين التاريخيين بايدن وترامب، والتي خلت من أي تجييش أو اتهامات. وهو ما انسحب تدريجيًا على كبار مسؤولي الحزبين بعد المواقف الفورية التي غلب عليها التوتر والتجييش.

وخصوصًا أن العقل الأميركي ما يزال يحمل صورة الهجوم العنيف الذي شنه أنصار ترامب منذ سنوات على مبنى "الكابيتول هيل" واعتباره أن ترامب العنيف يهدد مؤسسات الدولة والهدوء السياسي العام.

تأثير الحادث على بايدن

بدا أن بايدن يعيش ارتدادات هذا الحادث، ما قد يسهم في جعله يقبل بالأصوات المعترضة على استمرار ترشيحه والانسحاب من السباق الرئاسي. فقبل ذلك كان بايدن ما يزال متمسكًا بقرار بقائه في المعركة. وفي آخر خطاب له في ديترويت قدم أقوى عرض له على الإطلاق منذ خطابه عن حال الاتحاد في شهر مارس الماضي. عدا عن أنه لم يرتكب أي أخطاء، إلا أنه بدا متماسكًا ومن دون أي أزمات.

أما ترامب، وعلى الرغم من كل النقاط السلبية لبايدن، فهو كان يعاني من صعوبة استمالة المترددين من أنصار الحزب الديمقراطي والليبراليين الذين يعارضون التجديد لبايدن بسبب مخاوفهم من أجندته الغامضة لطريقة الحكم والإدارة.

أكثر من 75% من الإسرائيليين يفضلون رحيل نتنياهو عن المشهد السياسي الإسرائيلي بسبب مسؤوليته عن تعاظم دور حماس وما أنتجته عملية "طوفان الأقصى".

نتنياهو والترقب الإسرائيلي

لكن الأهم من النقاش الأميركي الداخلي وانزياحاته الكبرى هو الملفات الخارجية. خصوصًا أن رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بات الأكثر ترقبًا لمآلات الأمور بعدما حصل، خصوصًا قبل أيام من زيارته إلى واشنطن، والتي يعول عليها لحشد التأييد ضمن الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وبدا أنه يرى فيما جرى مع ترامب فرصة مواتية له لاستكمال الحرب وإنقاذ نفسه بعدما بدأ يشعر بالضيق إثر الحصار السياسي الذي فرض عليه من قبل إدارة بايدن.

هذا الحدث ترافق مع صدور استطلاع رأي أُجري عبر القناة 12 الإسرائيلية، تبين من خلاله أن أكثر من 75% من الإسرائيليين يفضلون رحيل نتنياهو عن المشهد السياسي الإسرائيلي بسبب مسؤوليته عن تعاظم دور حماس وما أنتجته عملية "طوفان الأقصى". وظهر أن الغالبية العظمى من هؤلاء يؤيدون رحيله فورًا، بينما الأقلية تفضل الانتظار لما بعد انتهاء المعركة على الجبهتين الغزية واللبنانية.

الحرب مع حزب الله

لذا بات لدى نتنياهو وفريقه من رئيس الموساد إلى ضباط الجيش أن الأمل الوحيد بإبعاد مقصلة العقاب عنهم ليس بإطالة أمد الحرب في غزة مع حماس، بل أيضًا بالذهاب إلى حرب فاصلة وواسعة ضد حزب الله في لبنان، وهذا ما يعارضه بايدن وفريقه بشكل لافت.

ويروج نتنياهو أن الحرب ضد حزب الله تحظى بشبه إجماع داخلي بعكس ما بات عليه الوضع في غزة، ولكن هذه الحرب بحاجة ماسة لدعم أميركي بالسلاح والذخائر والتقنيات الاستخبارية والعسكرية، وإلا فستنال مصيرًا يكاد يكون مشابهًا لما حصل في السابع من أكتوبر.

وخلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، طرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالنت مشروع توسيع دائرة الحرب في لبنان والاستعدادات العسكرية الإسرائيلية، ورفع لائحة مفصلة للأسلحة وأنواع القنابل التي يحتاجها، إضافة إلى المساعدة التقنية من قبل أجهزة الرصد الأميركية المتطورة. لكن الموقف الأميركي كان معارضًا لأن ما تعمل عليه الإدارة عبر آموس هوكشتاين هو اتفاق أمني طويل الأمد وليس الدخول في حرب واسعة ستكون مصيدة، وخاصة أن قدرات حزب الله ما تزال مجهولة.

على المستوى الأميركي، بدا أن الدولة والإدارة الفعلية في الولايات المتحدة تستفيد من هذه الأحداث الكبرى. فهي تريد استكمال مشروع تعزيز حلف شمال الأطلسي ومواجهة التمدد الروسي على حدود أوروبا

ثانيًا: مع التخوف الإيراني اللافت من عودة ترامب، اندفعت طهران لترتيب أي أرضية إقليمية تساعد بايدن على التقدم في المنطقة، من خلال تجدد المفاوضات الأميركية – الإيرانية التي تجري في أكثر من عاصمة في المنطقة للبحث في ملفات صراعية في المنطقة، في ظل رغبة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في إعطاء صورة جديدة تحت عباءة خامنئي والحرس الثوري.

ثالثًا: على المستوى الأميركي، بدا أن الدولة والإدارة الفعلية في الولايات المتحدة تستفيد من هذه الأحداث الكبرى. فهي تريد استكمال مشروع تعزيز حلف شمال الأطلسي ومواجهة التمدد الروسي على حدود أوروبا، وهو ما ظهر في نتائج مؤتمر الناتو منذ أيام في واشنطن. وهنا تصبح الخيوط متشابكة. فهي لا تتماشى مع المشروع الذي يحمله ترامب للتعاطي مع الحلفاء التاريخيين لواشنطن، وفي الوقت نفسه في ظل الضغوط الجارية لإزاحة بايدن من السباق وفتح الطريق أمام مرشح آخر قادر على هزيمة ترامب يدعم ملامح المشروع نفسه.

وعليه، فإن هذه التصورات المثيرة للقلق على المستوى اللبناني والسوري والفلسطيني لم تعد مستبعدة في ضوء ما يجري اليوم بين واشنطن والشرق الأوسط.

لذا فإن زيارة نتنياهو الأميركية، بعد أسبوع، ولقاءاته ستكون توطئة للاتفاقات التي سيتم إبرامها بين إسرائيل والإدارة الأميركية الآتية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية.