مع فرحة السوريين بسقوط بشار الأسد وانتهاء نظامه، تعالت الآمال بعودة أبناء سوريا من المهجر والمشاركة في بناء وطن جديد، واستقام ظهر ملايين السوريين بعد أن كسرته الغربة واللجوء والتهجير.
إلا أنّه رغم الأمل ما يزال الطريق للعودة محفوفاً بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، حيث تختلف الآراء حول إمكانية العودة وظروفها بين السوريين المنتشرين في أوروبا وأماكن أخرى.
تحديات العودة: إقامة اللجوء والمعيشة الاقتصادية
يواجه كثير من السوريين في المهجر عوائق قانونية تمنعهم من زيارة بلدهم الأم، أبرزها ارتباط إقامات اللجوء بشروط تمنع العودة إلى سوريا، يقول يزن المقيم في فرنسا، لـ "موقع تلفزيون سوريا": إن "العودة قد تؤدي إلى إلغاء إقامته، مشيراً إلى أن الاستقرار في سوريا يحتاج إلى رأس مال لبناء مشروع يساعده على العيش". كما يرى "أن الوقت لا يزال مبكراً على العودة بسبب حداثة وجوده في فرنسا وظروفه الاقتصادية الحالية".
القلق من المستقبل: مخاوف من القمع والتمثيل المجتمعي
حنان، شابة سورية مقيمة في هولندا، عبّرت عن تطلعها للعودة إلى سوريا بمجرد حصولها على جنسية البلد المضيف، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى مخاوف من استمرار القمع أو ظهور أنظمة جديدة تحمل الأيديولوجيات القديمة.
وأكدّت حنان لـ"موقع تلفزيون سوريا" أن "سوريا لا يمكن أن تكون آمنة أو ديمقراطية من دون مشاركة حقيقية للنساء والشباب وضمان حقوق الأفراد".
الأطفال والاندماج: عائق التعليم والتأقلم
من جهتها، ترى علا، المقيمة في ألمانيا، أن عودة السوريين مع أطفالهم تشكل تحدياً كبيراً بسبب نظام التعليم المختلف، وتقول لـ "موقع تلفزيون سوريا" إنّ "أطفالها الذين ترعرعوا في ألمانيا، يحتاجون إلى بيئة تعليمية تضمن لهم الاستمرارية والاندماج".
وأضافت علا بأنها "تقترح وجود مشاريع تعليمية تدعم تعليم اللغات الأجنبية في المدارس السورية لتسهيل اندماج الأطفال العائدين".
كذلك الأمر لدى قصي الذي قضى قرابة 10 سنوات في فرنسا ، ويقول لـ"موقع تلفزيون سوريا" "الموضوع ليس قراري الشخصي، فأولادي لا يجدون معنى للعودة خاصة وأنهم تربّوا وعاشوا في فرنسا، بالطبع يعرفون سوريا ولكنها مجرّد فكرة في خيالهم، لم يعيشوا ما نحنّ نحن إليه، أو عشناه في بلدنا".
ويضيف قصي: "لذا أجد في قرار الحكومة الفرنسية السماح لحاملي إقامات اللجوء العودة لزيارة سوريا خطوة مهمّة تسمح لنا لتعريف أطفالنا على البلد، بطريقة سلسة ومريحة".
الآمال والفرص: إعادة الإعمار والاستقرار
يعبر البعض عن حذرهم تجاه العودة، يرى الصحفي مختار الإبراهيم أن الأسباب السياسية لم تعد العائق الأكبر أمام السوريين، وإنما الاقتصادية والاجتماعية.
ويؤكد لـ"موقع تلفزيون سوريا" أن تسريع عملية إعادة الإعمار وتوفير استقرار نسبي سيكونان مفتاحاً لعودة اللاجئين بشكل كبير، كما يدعو من جهته إلى تطوير مشاريع تعليمية تشمل اللغات الأجنبية إلى جانب اللغة العربية، لتسهيل اندماج أبناء اللاجئين في المجتمع السوري.
نظرة نحو المستقبل
في ظل سقوط نظام الأسد وبداية مرحلة جديدة، يرى السوريون فرصة لبناء وطن يحقق أحلامهم ويحتضن أبناءهم، ومع ذلك، يبقى العمل على إزالة العوائق الاقتصادية والاجتماعية شرطاً أساسياً لضمان عودة كريمة ومستدامة.
وفي الوقت نفسه، بدأت الدول الأوروبية التحرك نحو إعادة ترتيب سياساتها المتعلقة باللاجئين السوريين الذين فروا إلى القارة خلال السنوات الماضية هرباً من الحرب.
ومع تحسن الأوضاع الأمنية في بعض المناطق السورية، تتزايد الضغوط على الحكومات الأوروبية للنظر في إمكانية إعادة هؤلاء اللاجئين إلى وطنهم، ما يثير جدلاً واسعاً حول الجوانب القانونية والإنسانية والاجتماعية المرتبطة بهذا الملف.