ظهر بشار الأسد من قصر المهاجرين فيما يسمى خطاب القسم مكرساً لحكم الجريمة المنظمة وفي إعادة تعريف لمفاهيم الإجرام والمجرم، لكي يتلاءم مع صفات هذا المخلوق فلا يمكن لأي معجم لغوي الإحاطة بوصف وضاعة بشار الأسد فالرجل قتل وعذب الملايين وسجن واعتقل وهجّر السوريين وجلب الاحتلال من كل حدب وصوب وفتح البلد للجوع والخراب والدمار بطائراته وطائرات الاحتلال الروسي وميليشياته وميليشيات إيران وحزب الله وقصف السوريين بالكيماوي ليحصل على مجتمعه المتجانس، والآن يقف ليقسم على حماية الشعب وحدود الدولة والقانون فأي مجزرة أخلاقية وسياسية ودستورية تم بثها على الهواء مباشرة.
بشار والشعب علاقة احتقار واحتكار
على عكس ما يقوله الدستور _وإن كان شكليا_ بأن يقوم الرئيس بأداء القسم أمام نواب الشعب - فقد جلب الأسد شركاءه الذين قاسموه الخراب وبرروا له ومهدوا له فبدا أكثر استهانةً وإمعاناً في تكريس مبدأ صفرية الشعب لدى نظام الأسد وشخص بشار نفسه المأزوم فعلياً، والذي ظهرت أزمته اليوم أكثر مما مضى مستعيناً بمنطق المعجزات ومعمماً خطاباً خشبياً عن تحرير الأرض التي طالما خطب في تحريرها من إسرائيل منذ أكثر من 50 عاماً، والذي يوجد على الأرض الذي أدى القسم لحكمها خمسة جيوش لدول ومنافذ حدودية خارج سيطرته ونفط وغاز وقمح وقطن خارج ميزانيته ومع ذلك جلب شركاءه بالخراب لكي يقسم لهم على إتمام المهمة ومع احتقاره للشعب يضيف إليه احتكاراً، فالشعب -رغم كل احتقاره له- هو ذلك الذي لم يغرر به وهو الذي لم يراهن على سقوط الوطن/الأسد ويدعو من أصابتهم لوثة الثورة والحرية وكفروا بالأسد ودولته للتوبة على هذا الذنب والعودة لأرض الوطن لكي يتنعموا باحتكاره واحتقاره وليس مهماً إن لم يكن هنا ماء وكهرباء ومحروقات وخبز وأدوية، وليس مهماً إن كان بيتك محتلاً من ميليشيات الأسد وليس مهماً إن اعتقلتك أجهزة الأمن لأن تصفيقك لم يكن حاراً ودبكتك في مسيرات الوطن وسيده لم تكن على ما يرام فالمهم أن تعود لزريبة الأسد وتشعر بالفوز لأنك تحت حكمه.
خطاب الذي لا يملك لمن لا يستطيع
خطب الأسد بالناس واعداً بما لا يملك له حلاً لأنه ببساطة الماء هو بذاته المشكلة وليس جزءاً منها بل كلها وجوهرها فلا يملك من وعوده سوى أن يطلقها سيما أن شركاءه بالخراب ـالذين ظهروا اليوم قديمهم وجديدهم مهرجهم وعمامتهم التي أفتى بقتل الشعب وباركته ـ لم يعودوا قادرين على تبرير الخراب والموت والجوع والبرد والحر والفساد الذي أصبح دولة قائمة بحد ذاتها على أن بعض المهرجين جاهروا بتذمرهم من الأوضاع المعاشية مع الأخذ بالاعتبار أن هذا التذمر لم يتجاوز في انتقاداتهم حدود الوزير الفاسد والحكومة الفاشلة ولم تصل إلى من وضع ذلك الوزير ومن عين تلك الحكومة وحمى فسادها ولكن بالنهاية لا يستطيعون أن يقولوا للناس أكثر مما قالوه فهم الآن في حضرة الخراب ويباركون القسم عليه وعلى متابعة كل ما يعاني الشعب تحت حكم هذه العصابة.
أوهام وفصام أصبح طبعاً وليس مرضاً
يحاول الأسد أن يظهر بمظهر القريب من الشعب ففي حي الميدان هو وعائلته يتناول ما أصبح حلماً للسوريين (شاورما) بمشهد أراد مخرجه أن يمثل التقرب من الشعب ولكنه عكس حالة من الاستهانة بكل ما يقاسيه الشعب السوري تحت حكم عصابته، وكان قبل ساعات في خطاب قسمه يحاول أن يظهر منتصراً وأن قبل الانتخابات ليس كما بعدها وعلى من يسمعه أن ينسى أن القرارات أصبح يتخذها الروسي والإيراني وأن مسؤولاً روسياً بمستوى سفير أصبح يقرر أن حكومة جديدة ستكون بعد القسم، وأن لافروف هو من يقرر وبوتين هو الذي يأمر وخامنئي يوجه كل ذلك يجب عليك شطبه والاستمتاع بوصلة من الفصام، فالفصام أصبح طبعاً وليس مرضاً بهذا المعنى فأمام ما يعانيه النظام ورأسه من كارثة يقول بشار الأسد كلاماً أشبه بمن يعيش غوما سياسية كاملة.
إن وضع دستور جديد هو لوضع سوريا “تحت رحمة القوى الأجنبية ويحول شعبها إلى مجموعة من العبيد والمطايا”، لا أدري ماذا تعني هذه الجملة وسوريا فيها خمسة جيوش أجنبية وأكثر من 70 ميليشيا أجنبية طائفية نصفهم إيرانيون وأفغان وباكستانيون في حالة من الفصام المرضي الذي وصل إلى حد القطيعة مع الواقع وتشكيل واقع افتراضي يلائم تفكير هذا الشخص.
الأسد والأربعون ملياراً وحرامياً…
بكل صفاقة وتبجح يقر الأسد بوجود أكثر من 40 مليار دولار مجمدة في بنوك لبنان وإذا علمنا أن آخر موازنة لعام 2021 كانت أقل من 3 مليار دولار بقليل هذا يعني وجود عشرين ضعفاً من ميزانية الدولة في مصارف لبنان فكيف خرجت هذه الأموال؟ لمن تعود هذه الأموال والأهم من أين مصدرها أسئلة كلها أثبت وبالدليل القاطع أن هذا ليس إلا رئيس عصابة، فالأكيد أن مع الـ 40 مليار دولار يوجد أكثر من أربعين حرامياً مع علي بابا ولكن للأسف مغارة علي بابا فرغت من كنوزها ولم يعد فيها سوى الخراب وشركاء الخراب يتقاسمونه ويقسمون على استمراره.