يبدو الأسد فرحا مبتهجا وهو ينزل من الطائرة الصينية التابعة لشركة الصين للطيران في مدينة هانغتشو بشرقي الصين لحضور افتتاح الألعاب الآسيوية ولقاء الرئيس الصيني، تبدو زيارة غريبة فحتى وسائل الإعلام الرسمية الصينية وصفت الزيارة بأنها "زادت من أجواء الغموض"، في إشارة إلى رحلات الأسد النادرة إلى الخارج منذ عام 2011، وهي أول زيارة له للصين منذ عام 2004 وهي محاولة منه إلى فك وإنهاء أكثر من عقد من العزلة الدبلوماسية في ظل العقوبات الغربية.
ربما يتوقع الأسد كثيرا من الزيارة والصورة له مع الرئيس الصيني ربما تكفيه الآن بعد أن أعلن العرب فشل المبادرة في الانفتاح على الأسد، وإغلاق باب المساعدات الاقتصادية التي تأمل أن يحصل عليها من الإمارات والسعودية.
وفي مواجهة اقتصاد مصاب بالشلل التام وعدم تحمس أي دولة عربية للمساهمة في إعادة الإعمار بسبب العقوبات الأميركية وقانون قيصر، فإن الأسد حريص على الحصول على الدعم المالي من الصين. لكن أي استثمار صيني أو أي استثمار آخر في سوريا يخاطر بتورط المستثمر في العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر لعام 2020 الذي يمكن أن يجمد أصول أي شخص يتعامل مع سوريا.
ربما تحمل سوريا أهمية استراتيجية بالنسبة للصين. فهي تقع بين العراق، وهو مورد رئيسي للنفط إلى الصين، وتركيا، وهي نهاية الممرات الاقتصادية الممتدة عبر آسيا إلى أوروبا. ولكن تكلفة التعامل مع الأسد تفوق هذه المزايا بكل تأكيد
ربما ترغب الصين والرئيس شي جينغ تحدي الولايات المتحدة علنا من خلال استضافة الأسد والإعلان عن ما يسمى الشراكة الاستراتيجية بعد أن كانت الصين تكتفي في دعمها الأسد عبر الفيتو حيث استخدمت الصين حق النقض ثماني مرات على الأقل على قرارات الأمم المتحدة التي تدين حكومة الأسد. ومع ذلك، لم تدعم الصين بشكل مباشر جهود النظام لاستعادة السيطرة على البلاد.
ربما تحمل سوريا أهمية استراتيجية بالنسبة للصين. فهي تقع بين العراق، وهو مورد رئيسي للنفط إلى الصين، وتركيا، وهي نهاية الممرات الاقتصادية الممتدة عبر آسيا إلى أوروبا. ولكن تكلفة التعامل مع الأسد تفوق هذه المزايا بكل تأكيد. وفي عامي 2008 و2009، استثمرت شركات الطاقة الصينية الحكومية سينوبك كورب وسينوكيم وسي إن بي سي ما مجموعه 3 مليارات دولار في سوريا، مدفوعة بدعوة بكين للاستحواذ على أصول النفط والغاز العالمية.
أما الاستثمارات فقد شملت شراء شركة سينوكيم لشركة إيميرالد إنرجي ومقرها لندن بقيمة 900 مليون دولار، والتي لها أصول سورية، على الرغم من توقف عملياتها في سوريا في عام 2011. توقفت شركة النفط الوطنية الصينية، التي شاركت في إنتاج النفط في عدة كتل صغيرة، عن الإنتاج في عام 2014 تقريبًا. ولذلك لا أعتقد أن الشركات الصينية تفكر في العودة إلى سوريا، نظرا لضعف الأمن والوضع المالي لنظام الأسد. وبكل تأكيد لن تضع الصين شروطاً سياسية للمشاركة في إعادة الإعمار في سوريا.
الصين تدرك في النهاية انعدام الأفق السياسي والاقتصادي للأسد ولن يكون هناك أمل بالنسبة للصين بالحصول على عوائد من استثماراتها في سوريا
ربما يتمنى الأسد أن يبيع الوهم للصين عبر إعطائهم استثمارات تضخ في اقتصاد محطم، أما الصين فتمثل الزيارة فرصة لبكين لإظهار قوتها الدبلوماسية في وقت تواجه فيه الصين منافسة متزايدة مع الولايات المتحدة على النفوذ الجيوسياسي، بما في ذلك في الشرق الأوسط.
السؤال هل تستطيع الصين ضخ الأموال في الاقتصاد السوري، أشك في ذلك لأن الصين تدرك في النهاية انعدام الأفق السياسي والاقتصادي للأسد ولن يكون هناك أمل بالنسبة للصين بالحصول على عوائد من استثماراتها في سوريا، لكن المهم بالنسبة للأسد الصورة التي تظهره دوما مبتسما على حساب دماء الملايين من السوريين.