إن نظرة مجردة لدوافع التطبيع التركية ومساراته المستقبلية تحصره في تحليلنا ضمن 10 نقاط بسيطة وفق الآتي:
- لا يجب التقليل من الانفتاح التركي على النظام لكن في ذات الوقت لا يجب المبالغة بتداعياته. لن تستطيع تركيا إنقاذ النظام أو إعادة شرعيته، حتى لو رغبت وسعت لذلك سياسيا أو اقتصاديا. الصورة أكثر تعقيدا.
- نجح حلفاء النظام، مثل روسيا وإيران، من خلال دعمهم المثابر في منع سقوط الأسد لكنهم فشلوا وجميع الدول المطبعة حديثا في إنقاذه من أزمته السياسية والاقتصادية. لن يخرج التطبيع التركي على هذا المسار، سيطيل في عمر النظام لكن لن يحل الأزمة.
- تركيا لاعب مهم في سوريا لكن هوامش تأثيرها، نتيجة ترددها وسياستها الخجولة، لا يتعدى أجسام المعارضة السورية المترهلة أصلا والشمال السوري بينما تفتقد التأثير في الصورة العامة للصراع أمام فاعليين آخرين.
- ما تزال الولايات المتحدة، رغم سياستها السلبية والمواربة أيضا، تمتلك اليد العليا في توجيه الصراع وضبط حركة الفاعلين فيها ضمن استراتيجيتها لتجميد الصراع وحصره ضمن حدوده التي اعتمدتها منذ عام 2014.
- المعارضة السورية مهددة بالاندثار رغم حاجة تركيا إليها ضمن محددات "الدور الضامن" في المسار السياسي مع موسكو وطهران. غياب الفعل قد يكون مفهوما ومبررا ضمن تعقيدات الصراع لكن غياب رد الفعل يعكس فقدان الشعور والإحساس.
- معارضة تركيا في خطواتها الأخيرة لا يعني العداء معها أو خصامها بقدر ما يعكس الاتساق مع الذات، المبادئ، المصالح، والأهم التضحيات الجسام للشعب السوري ضد الاستبداد. كان ومازال هناك الكثير من التقاطعات المصلحية والأخلاقية مع أنقرة التي يمكن البناء عليها حاضرا ومستقبلا.
- لن تحصل أنقرة على أي مكاسب استراتيجية أو اقتصادية من نظام مشلول ومسلوب الإرادة يفتقد أدنى مقومات الدولة الفاشلة. هذا رأي غالبية المراقبين بما فيهم الأتراك. قد تعزز علاقاتها مع موسكو في سياق المناكفة مع الغرب، لكنه مكسب قليل جدا
- قد يكون هناك مكاسب انتخابية لجهة الاستجابة لرغبات شريحة عريضة من الجمهور التركي تطالب بالانفتاح على الأسد لحل مسألة اللاجئين، لكنه ينطوي على مخاطر عكسية لجهة إثبات صوابية الرؤية والرواية التي تتبناها المعارضة التركية تجاه الصراع
- العلاقات الدولية معقدة كثيرا ولا مكان فيها للمقولات التبسيطية مثل صديق صديقي أو عدو عدوي أو العكس فيها. مشكلة الأطراف السورية في علاقاتها مع الحلفاء والخصوم أنها لم تطور علاقة ندية أو تبادلية في المصلحة، وانساقت إلى تبريرات مختلفة.
- ما تزال حاجة تركيا لأجسام وشخصيات، وتيارات المعارضة السورية كبيرة جدا لحماية أمنها القومي والدور الفاعل إقليميا في ملفات عدة. لا تلام تركيا بالتأكيد على نمط علاقاتها الفوقي، بل يلام من لا يدرك أهميته ووزنه.