نجمة الأفلام الإباحية ويتني رايت في ضيافة النظام السوري

2024.06.22 | 06:24 دمشق

آخر تحديث: 22.06.2024 | 06:24 دمشق

Whitney Wright
+A
حجم الخط
-A

لن تكون نجمة الأفلام الإباحية الشهيرة ميا خليفة آخر ممثلة تهتم بالسياسة. فمنذ فترة انضمت ممثلة الأفلام الإباحية الأميركية ويتني رايت إلى المحور الإيراني وزارت طهران. ولأن المواد الإباحية غير قانونية في إيران، وكان من الممكن أن تعرض حياة رايت لخطر عقوبة الإعدام، فقد نفى الحرس الثوري الإسلامي في إيران علمه بتورط رايت في المواد الإباحية في وقت إصدار تأشيرتها السياحية. وبالمثل، فإن سلطات النظام السوري الأمنية، المسؤولة عن دخول جميع الزوار، ستنفي هي الأخرى علمها بحقيقة رايت، وستضيف لنا على الأرجح تصريحات تحتوي على المزيد من ادعاءات الوطنية والتصدي.

ويتني رايت (مواليد 1991) لديها حساب على إنستغرام يتابعه 1.3 مليون شخص، وكانت قد نشرت صورًا من رحلة إلى إيران في 5 فبراير/شباط 2024. وفي أول مشاركة لها، أشارت إلى أن رحلتها "لم تكن تأييدًا للحكومة" الإيرانية، لكنها حذفت هذا التعليق لاحقًا. وتضمنت زيارتها جولة في المبنى الذي كان يضم سابقًا السفارة الأميركية في طهران، والذي تم تحويله إلى متحف مناهض لأميركا. ثم زارت شيراز وأصفهان.

ولاحقًا نشرت رايت صورها من بصرى الشام وقلعة الحصن والشاطئ الأزرق، وبذلك تنضم إلى "الكتيبة الأممية" من المؤثرين الغربيين الذين يعملون في خدمة الدعاية الرسمية لنظام الأسد.

إذا كانت الطرق التقليدية باستخدام البروباغندا (أساليب الدعاية) أصبحت مكشوفة وثقيلة وساذجة، مثل بث أغانٍ "وطنية" وفيديوهات ينتجها الإعلام الحربي وبرامج "حوارية" سياسية وفيديوهات ترفيهية توحي بأن "سوريا بخير"، فإن خطورة "القوة الناعمة" على النقيض تعمل بطريقة ماكرة وغير مباشرة وتدريجية، حيث إنها تتسلل إلى كل بيت تقريبًا. هدفها التأثير على كافة الفئات العمرية لتغيير اتجاهات وميول الشباب وصناعة الرأي العام وبالتالي السيطرة والهيمنة على العقول وتبديل وجهات النظر حول أي قضية.

وهكذا، فإن سوريا، مثل كوريا الشمالية، بدأت تحتاج إلى أساليب جديدة لتلميع صورتها. في الوقت نفسه، كان العديد من مدوني الفيديو بحاجة إلى القيام بشيء مختلف للظهور والتباهي لدعم حياتهم المهنية، لذلك سافروا إلى سوريا

وهكذا، فإن سوريا، مثل كوريا الشمالية، بدأت تحتاج إلى أساليب جديدة لتلميع صورتها. في الوقت نفسه، كان العديد من مدوني الفيديو بحاجة إلى القيام بشيء مختلف للظهور والتباهي لدعم حياتهم المهنية، لذلك سافروا إلى سوريا. وقد نجحوا هناك بطريقة ما، حيث ارتفع عدد متابعي بعض المؤثرين من حوالي 700 إلى 50 ألفًا بعد أن ذهبوا إلى سوريا.

بعد رفع القيود عن السفر بسبب انحسار وباء كورونا، استقبلت سوريا نحو 700 ألف زائر خلال النصف الأول من عام 2022، بحسب أرقام وزارة السياحة في حكومة دمشق. ثم بدأ المؤثرون أو صناع المحتوى (اليوتيوبرز) بالتوافد بأعداد كبيرة، ليقدموا لمعجبيهم نظرة من الداخل عن البلد الذي يعيش حالة حرب منذ عام 2011.

لكن العديد من هؤلاء المشاهير، بدورهم وبطريقة مقصودة أو غير مقصودة، كانوا يرددون سردية النظام عن "الحرب الأهلية". وخلال تلك الفترة، وصل إلى سوريا ما لا يقل عن 12 شخصية مشهورة، يتابعهم عشرات الملايين من المتابعين، مثل المدون البريطاني بنجامين ريتش، والأميركي درو بينسكي، والبولندية إيفا زو بيك، والفرنسي توماس براغ، والمدون الدانماركي غوستاف روس. ولكن أسوأهم كان الإسباني جوان توريس والأيرلندية جانيت نيونهام. توريس كان ينظم رحلات استكشافية إلى سوريا بمبلغ 1600 يورو منذ عام 2018، ولكن عندما سألته صحيفة الغارديان لماذا لا تقول الحقيقة، أجاب: "لن أقول أي شيء سيئ عن الحكومة، بالطبع، لأنني أخاطر بالاعتقال"، واستمر ينشر رواية النظام الرسمية. أما نيونهام، ففي معظم فيديوهاتها كانت تكرر كلمة "الإرهابيون" وكانت تقصد الشعب السوري المطرود من أرضه.

تشير صوفي فوليرتون، وهي أكاديمية أميركية مختصة في العلوم السياسية وباحثة في مجال حقوق الإنسان، في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بتاريخ 8 أغسطس/آب 2022، إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبينما كانت غارة روسية تحصد أرواح 5 أفراد من عائلة واحدة في شمال غربي سوريا من بينهم 3 أطفال، كانت مدونة أيرلندية شهيرة تصوّر مقاطع فيديو مبهجة لجولات تقوم بها في مدينتي دمشق وحلب. وتكمل فوليرتون: "إنه لا أحد من متابعي قناة المدونة الأيرلندية الشهيرة جانيت نيونهام في موقع "يوتيوب"، الذين يتجاوز عددهم 170 ألف مشترك، يمكنه أن يعرف ما حلّ بالعائلة السورية المكلومة، حيث توحي مقاطع الفيديو المبهجة التي تنشرها بأن سوريا بلد آمن".

في السنوات الأخيرة، يبدو أن "السلطات العليا" في سوريا مولعة بوسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة أن أسماء الأسد اختارت مديرة مكتبها الحالي من نمط "يوتيوبر"، واسمها دانا بشكور، وهي شركسية من مواليد دمشق. حاصلة على شهادة في الصحافة ولديها قناة سياحية على اليوتيوب تنشط فيها وتروج لجمال سوريا وأمانها قبل أن تستلم منصبها خلفًا للسورية-اللبنانية لينا الكناية، التي ظلت مديرة مكتب أسماء لسنوات طويلة، ومن بعدها انتقلت لتصبح مستشارًا خاصًا لبشار الأسد.

ومن الواضح أن المشرف الرئيسي على جهود تلميع النظام هو بلا شك "الأمانة السورية للتنمية"، لكنها بالتعاون مع الجهات الأمنية التي تمنح التأشيرات للمؤثرين الغربيين بسهولة أكبر مقارنة بتلك التي يطلبها الصحفيون استطاعوا أن يتوزعوا العمل ويضعوا في الواجهة شركات سياحية مثل:

شركة ماروتا للسياحة والسفر

Golden Team Tourism

وكالة "غولدن تارغت تورز"

ولأنه لا توجد شفافية في سوريا وكل شيء يدار عبر شبكات معقدة، فلكل وكالة علاقاتها الخاصة وفريق مدرب من "المرشدين" السياحيين للتواصل مع الضيوف وتأمين جولاتهم قدر الإمكان، بعيدًا عن واقع الجوع الحقيقي والفقر والدمار والطغيان. في بعض الأحيان، يتم إرسال دعوات مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهير الشبكة العنكبوتية لزيارة سوريا مجانًا مع الإقامة، للاستمتاع بشوارع دمشق القديمة وحماماتها وباراتها، لكن لا شيء من قبيل الصدفة. لدى نظام الأسد وكلاء كثر من العملاء المخلصين الذين يرتدون أقنعة "مدنية متحضرة" ويعرفون كيف يديرون علاقاته.

وبالعودة إلى نجمة الأفلام الإباحية ويتني رايت في دمشق، حين كتب لها أحدهم معلقًا على صورة لها في سوريا: "ما في عدالة. أنت في سوريا وأنا لا أستطيع زيارتها". فأجابت بحركة ضاحكة: "كيف تقنعني بأنك لست عميلًا فيدراليًا معاديًا لسوريا؟".. يبدو أن ويتني تعلمت درسها بسرعة كبيرة.

كلمات مفتاحية