فقدان صديق أو أخ عزيز أو زميل مفارق، لم يعد جديداً في ظل القيادة السورية الظالمة التي حكمت البلاد بالحديد والنار على مرّ السنوات الماضية، وما زالت عصاباتها، وأجندتها والمرتزقة التابعون لها يخرجون لنا ويومياً، بالإعلان عن وفاة عمرو وزيد من الناس نتيجة وضع صحّي قائم، أو مرض ألمّ به، وأقعده في السجن فترة من الزمن ـ حسب ادعاءاتهم ـ وهذه النهايات الدرامية لم تعد تنطلي على ابن سوريا الذي حفظ أمثال هذه الألاعيب عن ظهر قلب، وهو الذي عاشها ويعرفُ خباياها ومنذ سنوات، وإن كثيراً من الأسر السورية فقدت ـ وبدمٍ بارد ـ ابناً لها، صديقاً أو زميلاً، قريباً أخاً وهكذا دواليك، ولم يخلص من أيدي هذه الطغمة المجرمة الفاسدة أيّ كان!.
العجز الذي أصاب القيادة السورية الذليلة، وكل من والاها والتحق بها، وانضوى تحت أجنحتها، وما زلنا نتمنى زوالها مع تزايد أعداد الموتى والبطش بهم، والذين نسمع عنهم، وبصورة يومية، وتتسابق أجهزة الأمن القمعية بالإبلاغ عن هؤلاء المساكين الذين أودعوا السجون لسنوات ظلماً، ولم يعرف أحد عنهم شيئاً، أو يعلم أهلهم عن مصيرهم وعن التهمة التي جعلت منهم، وللأسف، كبش فداء كرمى لخاطر النظام السوري المجرم الذي لم يفرّق يوماً بين المجرم الذي يستحق العقاب، والآخر البريء الذي لا يقدر على تأمين قوت يومه!. كل ما يهمه الاقتصاص من هؤلاء الناس الأبرياء، وإلقاء التهم عليهم جزافاً، وبدون مبرر ولا يجرؤ أحد على التساؤل عن مصير ابنه أو أخيه.. وهذا ما حدث ويحدث للكثير من شباب سوريا اليوم الذي ظل مصير الأغلبية منهم مجهولاً، ومنهم من غيبوا في السجون، وعذّبوا وكان الموت مصيرهم المحتوم بدون من ضمير أو أخلاق تردعهم!.
وما دام النظام القاتل في سوريا يمارس أدوات القمع والتصفية العلنية، وبكل هذه القسوة، بعيداً عن أي أسلوب آخر، وهذه صفحته وما لمسناه لدى الأصدقاء والأقارب ممن مورس بحقهم أعتى ألوان القمع والعذاب، فكان مصير أغلبهم الموت الزؤام، فضلاً عن أن النظام يلجأ إلى إخفاء جثث المتوفين منهم، ولا يعلم أحد بموتهم إلّا بعد مضي زمن يتجاوز الشهرين والثلاثة أشهر!.
إنَّ الواقع الحالي في سوريا، وما يمارس بحق أهلنا الآن من قتل وتشريد وإقصاء وإذلال وعوز، فإن مصيرهم لا شك بات السجن هو مأواهم الأخير، وما يترافق مع ذلك من نهاية صار يعرفها الجميع. القتل أهونها، واستعمالهم ألواناً منوعة من الممارسات القمعية التي يتبعها النظام وأزلامه بهدف الحفاظ على مكانته، وكرسيه الذي لا بد أنّه إلى زوال طال الزمان أم قصر!
ليكن الله في عون أهلنا في سوريا الذين تحمّلوا، وعلى مضض، الفقر والجوع والخنوع والألم الذي لم يخلص منه أحد، في سبيل سوريا والحفاظ عليها، بعيداً عن بشار الأسد الحاكم الظالم الذي أوقع الكثير في أتون التخلف والعودة بهم إلى الوراء سنوات، وما زال الظلم يتكرّر يوماً بعد آخر، في ظل السجون المعتمة التي يقبع خلف قضبانها أناس أبرياء لا حول لهم ولا قوة.. والناس بانتظار مصيرها المجهول، فضلاً عن العوز الحقيقي، والغلاء المستشري الذي لم يعد يطاق!.