حول تعديل النظام الداخلي في هيئة التفاوض السورية

2024.07.23 | 10:55 دمشق

آخر تحديث: 24.07.2024 | 06:23 دمشق

هيئة التفاوض السورية
+A
حجم الخط
-A

أنهت هيئة التفاوض السورية أمس اجتماعها بالاتفاق على تعديل النظام الداخلي الذي غير فترة رئاسة الهيئة من عام إلى عامين، بالإضافة إلى أن رئيس الهيئة يحق له بموجب التعديلات الجديدة على النظام الداخلي أن يترشح لفترة ثانية وسيكمل فترته الرئاسية لسنة أخرى، ما يعني أن الحد الأعلى لفترة الرئاسة الحالية ثلاث سنوات في حال تم انتخابه لفترة رئاسية ثانية.

هذا التحول في بنية مؤسسات المعارضة كان وما يزال السؤال الصعب الذي تخشاه مؤسسات المعارضة، بينما العديد من الدول طالما تسأل من يترأس المعارضة الآن؟ إذ كيف يمكن للدول أن تتعامل مع وجوه متنوعة ومتجددة في أقل من عام واحد؟ كان هذا تحدياً كبيراً لدى المعارضة السورية التي قيدت نفسها بفترة زمنية قصيرة لا يتمكن أي رئيس أن يحرز أي تقدم سياسي على مستوى العلاقات الدولية، أو حتى بناء مؤسسة متكاملة. وقد كانت هذه النقطة الحاجز الأول أمام توحيد السوريين حول قيادة واحدة متفق عليها، والعائق لبناء مؤسسة تؤدي دورها بكل مهنية وتقنية، لتكن هذه فرصة لهيئة التفاوض التي باتت في الآونة الأخيرة واجهة المعارضة السورية نظراً للحضور الدولي من نيويورك إلى أوروبا.

كيف يمكن للدول أن تتعامل مع وجوه متنوعة ومتجددة في أقل من عام واحد؟ كان هذا تحدياً كبيراً لدى المعارضة السورية التي قيدت نفسها بفترة زمنية قصيرة لا يتمكن أي رئيس أن يحرز أي تقدم سياسي على مستوى العلاقات الدولية، أو حتى بناء مؤسسة متكاملة.

صحيح أن البعض انتقد تعديل النظام الداخلي لهيئة التفاوض واعتبره (تفرداً بالقرار)، لكن الحقيقة غير ذلك على الإطلاق، ذلك أن القرار تم اتخاذه بالأغلبية الساحقة، وإذا شاهدنا خريطة المعترضين نجد منصة موسكو التي لا تعرف سوى الاعتراض على كل شيء، وعضو من المستقلين (عوض العلي)، في حين غاب عن الحضور عضوان من منصة القاهرة، على الرغم من تصويت جمال سليمان عضو منصة القاهرة على قرار تعديل النظام الداخلي، وبذلك فإن القفزة النوعية بإجماع المعارضة على تغيير النظام الداخلي تطور جديد في رغبة هيئة التفاوض في العمل على بناء معارضة متماسكة، في حين جرى أيضاً الحديث عن تطوير العمل الإداري والمكاتب التابعة للهيئة.

يحاجج البعض في أن مثل هذا الاتجاه في تعديل النظام الداخلي هو محاولة للتفرد في قرار الهيئة، لكن السؤال أيضاً: هل لدى رئيس الهيئة أو مجموعة داخل الهيئة التفرد بأي قرار سياسي؟ ثم إن وجود القرار 2254 هو من يحدد مسار هيئة التفاوض باعتبارها جسماً سياسياً من أجل العملية التفاوضية، وهذا ينفي المخاوف (المصطنعة)، في أن قرار تعديل النظام الداخلي محاولة للتفرد.

البدعة التي ابتدعها المجلس الوطني السوري في العام 2012 بتحديد الفترة الرئاسية إلى ستة أشهر ودرجت لاحقاً على مؤسسات المعارضة، كلفت المعارضة كثيرا من الخسائر السياسية، إذ لم يتمكن أي رئيس خلال الفترة الماضية من وضع خطة أو تنفيذها في حال كان لديه خطة سياسية أو برنامج عمل لوحدة السوريين أو حتى تقديم وعود. كيف يمكن لأي مؤسسة أن تبني كياناً لها في أقل من عام؟ وكيف لمعارضة أن تعمل على المستوى الدولي وهي في كل عام يرأسها وفد جديد ورئيس جديد؟ ثم تتم مطالبة المعارضة بالإنجاز السياسي والتحرك الدولي.

انتقاد أعمال المعارضة السورية وهيئة التفاوض مسألة لا نقاش فيها، لكن الهجوم عليها مسألة تحتاج إلى مراجعة، ذلك أن الهجوم للقضاء على آخر ما تبقى من مؤسسات المعارضة في ظل التوجه الدولي والإقليمي للتطبيع مع النظام السوري هو الرصاصة الأخيرة في جسد المعارضة السياسية، باعتبار أن هيئة التفاوض هي الجسم السياسي الوحيد المعترف به دولياً نداً للنظام المكلف بالعملية التفاوضية، وهذا ما يسعى النظام السوري للتخلص منه والقضاء على آخر أوراق المعارضة السورية.

أما مسألة الديمقراطية التي طالما كانت هدفاً وطموحاً وحلماً للسوريين، لتكن على أرض سوريا لا في دول الشتات والمهجر. المعركة طويلة مع نظام الأسد وتحتاج إلى أدوات وصمود ومؤسسات وتضافر كل الجهود، دون ذلك سيبقى السوريون يلعنون الظلام دون أن يشعلوا شمعة.