المناطق المحررة.. مناطق ثورية أم مشاريع فصائلية؟

2024.07.22 | 06:14 دمشق

آخر تحديث: 22.07.2024 | 06:14 دمشق

إدلب
+A
حجم الخط
-A

من وجهة النظر الثورية، المناطق المحررة هي نتيجة لجهود الثوار والمقاتلين الذين ضحوا من أجل تحرير أراضيهم من سيطرة النظام. هذه المناطق تمثل تجسيدًا للآمال والأهداف الثورية التي انطلقت منها الثورة السورية في البداية.

ومن منظور الفصائل العسكرية، أصبحت المناطق المحررة مشاريع تسعى هذه الفصائل لتأكيد سيطرتها والحصول على مكاسب سياسية وعسكرية. وقد تكون هناك منافسات وصراعات بين الفصائل على السيطرة على هذه المناطق.

يتسم الوضع بانقسام سياسي وإداري واضح، حيث تسيطر جماعة تحرير الشام على إدلب وجزء من ريف حلب الغربي، بينما تسيطر الفصائل الأخرى المدعومة من تركيا على المناطق الأخرى. هذا الانقسام أضعف القدرات الإدارية والخدمية في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الفصائل العسكرية بنفوذ كبير في المنطقة وتتحكم بقراراتها السياسية والاجتماعية. وهذا أدى إلى تراجع دور المؤسسات المدنية. كما أن الحكومات المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الفصائل تعاني من ضعف السلطة والموارد مما حد من قدرتها على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين.

كما لعب الدعم بشكل عام دورًا في تعزيز نفوذ بعض الفصائل على حساب الأخرى، مما أضعف الترابط الداخلي في المنطقة. هذا الوضع يطرح تحديات كبيرة أمام استقرار المنطقة وتطلع أهلها للاستقرار والتنمية. ويتطلب إعادة بناء المؤسسات المدنية والحكومية المحلية.

أدى ذلك إلى توسع الهوة بين الحاضنة الشعبية الثورية والفصائل العسكرية في شمال غربي سوريا إلى إشكالية خطيرة تواجه الثورة السورية. ويمكن ملاحظة بعض الأسباب الرئيسية لذلك:

أولاً، هناك تباين في الأهداف والأولويات، حيث تطمح الحاضنة الشعبية لتحقيق أهداف الثورة السياسية والاجتماعية، بينما أصبحت الفصائل أكثر انشغالاً بتعزيز نفوذها وسيطرتها العسكرية وعدم التفكير الجاد بالتوحد.

ثانياً، ممارسات بعض الفصائل كالفساد والانتهاكات أضعفت ثقة الناس بها وأبعدتهم عن التفاعل معها، في ظل الفقر الشديد للمجتمع الذي زاد من النظرة السلبية للفصائل.

ثالثاً، الحاضنة الشعبية تشعر بأن الفصائل لا تمثلها بشكل حقيقي وأن قراراتها لا تنبع من احتياجات الناس، مما خلق شعوراً بغياب التمثيل الحقيقي حيث تعاني الحاضنة الشعبية الثورية من عدم الاعتراف الكامل من قبل الفصائل العسكرية كشريك حقيقي في الثورة. يعتبر العديد من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الحاضنة الشعبية أنهم لم يتم تمثيلهم بشكل كافٍ في العملية السياسية واتخاذ القرارات. هذا يؤثر على الثقة والتعاون بين الأطراف المختلفة ويقوض استقرار المنطقة.

رابعاً، تأثير الداعمين الإقليميين والدوليين للفصائل أدى إلى ابتعادها عن التوجهات الشعبية الثورية.

هذا التباعد يشكل خطرًا كبيرًا على مستقبل الثورة السورية وتحقيق أهدافها ويظهر هذا الخطر بشكل واضح بما تشهده المناطق المحررة في شمال غربي سوريا عموما، مظاهرات ضد حكوماتها، حيث تطالب المظاهرات في حل هذه الحكومات والسلطات الناشئة التي باتت مشاريع فصائلية خاصة ابتعدت بشكل كبير عن أهداف الثورة أو حتى نسيانها، حيث تشغل الفصائل نفسها في تحالفات أو معارك جانبية بهدف المحافظة على وضعها الراهن وبقاء سيطرتها على مناطق نفوذها في شمال غربي سوريا.

ويتطلب إعادة بناء الثقة وتوحيد الرؤى والأولويات بين الحاضنة الشعبية والفصائل العسكرية للوصول إلى مجتمع ثوري أكثر تماسكا وقادرا على مواجهة التحديات المستقبلية كون الحرب لمّا تنته بعد، ومستقبل المنطقة مجهول.