على مدار العقود الطويلة من عمر القضية الفلسطينية، اعتاد الشعب الفلسطيني على سماع مواقف الشجب والاستنكار التي تتكرر بشكل ممل في كل مرة يتعرض فيها لمأساة أو مجزرة جديدة.
هذه العبارات، التي تتردد على ألسنة الزعماء والقادة حول العالم، أصبحت جزءًا من البيانات الرسمية والتصريحات الصحفية، بينما تستمر القنابل في التساقط على رؤوس الأبرياء، وتواصل إسرائيل توسيع مستوطناتها وتهجير الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم في إطار مساعٍ ممنهجة للتطهير العرقي.
ورغم أن هذه المواقف قد تكون مقدرة أحيانًا، إلا أنها بعد عقود من الصراع والنكبات والنكسات، لم تعد تحمل أي تأثير يُذكر. فمواقف بلا قوة تنفيذية ما هي إلا وعود فارغة، لا تأتي إلا في سياق رفع العتب والتحلل من المسؤولية الأخلاقية تجاه شعب يعاني منذ أكثر من سبعة عقود، تخللتها مئات القرارات الأممية التي، لو تم تنفيذها، لكان الوضع مختلفًا تمامًا.
شهد العالم العديد من المجازر والاعتداءات على الشعب الفلسطيني، بدءًا من نكبة 1948 مرورًا بنكسة 1967، وصولًا إلى الحرب الحالية التي تستهدف الهوية الفلسطينية.
المفارقة تكمن في أن الشيكات الفارغة قد تجر أصحابها إلى الملاحقة القانونية في بعض المجتمعات، بينما تظل مواقف الشجب والاستنكار بلا قيمة فعلية ولا تخضع لأي مساءلة. هذه المواقف تحمل بعدًا معنويًا في التعاطف والتأييد، لكنها لا تضمن تحقيق العدالة ولا تشكل فعلاً حقيقيًا باتجاه إعلاء كلمة الحق، مما يجعلها مجرد كلام فارغ.
على مر السنين، شهد العالم العديد من المجازر والاعتداءات على الشعب الفلسطيني، بدءًا من نكبة 1948 مرورًا بنكسة 1967، وصولًا إلى الحرب الحالية التي تستهدف الهوية الفلسطينية. هذه الحرب جاءت نتيجة لكثافة الشجب والاستنكار وحالة اللافعل والعجز الدولي أمام أهداف إسرائيل.
الأمر الأكثر إزعاجًا هو ازدواجية المعايير الواضحة واستسلام المجتمع الدولي أمام واقع لا يتغير. ففي الوقت الذي تُفرض فيه عقوبات على دول أخرى لانتهاكها حقوق الإنسان، تُعامل إسرائيل بشكل مختلف تمامًا، ويتم التغاضي عن جرائمها تحت ذريعة "الدفاع عن النفس" أو "مكافحة الإرهاب"، في انتهاك واضح للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
فشل مجلس الأمن ومعه المؤسسات الدولية الأخرى في تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني يعود إلى اقتصار الجهد العالمي على الشجب والاستنكار والتعبير عن القلق.
هذه الازدواجية لا تقتصر على الدول الكبرى فقط، بل تشمل أيضًا المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن، الذي أصدر العديد من القرارات المتعلقة بفلسطين وإسرائيل، لكنها تبقى حبراً على ورق بسبب استخدام حق النقض (الفيتو) من قِبل بعض الدول العظمى، وخاصة الولايات المتحدة.
فشل مجلس الأمن ومعه المؤسسات الدولية الأخرى في تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني يعود إلى اقتصار الجهد العالمي على الشجب والاستنكار والتعبير عن القلق، دون وجود آليات فعالة لفرض هذه القرارات. أما المحكمة الجنائية الدولية، فقد أصبحت منصة للمماطلة والتسويف بفعل الضغوط السياسية الهائلة.
حتى البرلمانات العالمية، رغم إصدارها قرارات داعمة للقضية الفلسطينية، لم تتمكن من تحقيق تأثير يُذكر بسبب عدم قدرتها على التنفيذ.