المؤشّر العربي هو استطلاعٌ سنويّ ينفّذه المركز العربي في البلدان العربية التي يُتاح فيها تنفيذ الاستطلاع، وتتوافر فيها الأطر الإحصائية العامة لسحب العيّنات الممثّلة لمجتمعاتها؛ بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العامّ العربي نحو مجموعةٍ من المواضيع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ بما في ذلك اتجاهات الرأي العامّ نحو قضايا الديمقراطية، وقيم المواطنة والمساواة، والمشاركة المدنية والسياسية. كما يتضمن تقييم المواطنين لأوضاعهم العامة، والأوضاع العامة لبلدانهم، وكذلك تقييمهم المؤسسات الرئيسة الرسمية في هذه البلدان، والوقوف على مدى الثقة بهذه المؤسسات، ونحو المحيط العربي، والصراع العربي - الإسرائيلي.
جرى الإعداد لاستطلاع المؤشر العربي بالنسبة إلى عام 2017/ 2018 خلال عام 2017؛ وذلك بتصميم استمارة المؤشر وعرضها على مجموعة من الخبراء والأكاديميين العرب في العلوم السياسية والاجتماعية، وخبراء استطلاعات الرأي والمسوحات الاجتماعية. كما أُجريت استطلاعات قبْلية في خمس بلدانٍ عربية لاختبار أسئلة الاستمارة والتأكد من أنها مفهومة وواضحة. وقد أُنجز هذا الاستطلاع، كما أسلفنا، في 11 بلدًا عربيًا، هي: موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت.
الرأي العام العربي تجاه التدخلات الدولية في القضية السورية
وفي تقييم العرب للسياسة الخارجية التركية تجاه عدد من القضايا والأزمات العربية، فقد انقسم الرأي العام العربي في تقييم السياسة التركية تجاه الأزمة السورية، إذ وجد 43% أن السياسة الخارجية التركية تجاه سورية إيجابية، 11% منهم وصفوها بالإيجابية جدًا، بينما وجدها 23% منهم بأنها "جيدة". وفي المقابل، وجد 42% أنها سلبية (18% سلبية جدًا و24% سلبية إلى حد ما)، ولم يُجب 15% عن السؤال.
أما على صعيد تقييم السياسات الأميركية نحو قضايا بعينها، وجد العرب في هذا الاستطلاع أن السياسة الخارجية الأميركية تجاه القضية السورية سلبية بنسبة تصل إلى 81%، مقابل 8% قالوا إنها إيجابية.
وينظر العرب في هذا الاستطلاع نظرة سلبية إلى السياسة الخارجية الإيرانية تجاه القضية السورية بنسبة 60%.
أما على صعيد تقييم السياسات الروسية نحو قضايا المنطقة الأساسية، فيتسم هذا التقييم بالسلبية، إذ توافق أكثر من نصف الرأي العام على سلبية السياسات الروسية تجاه فلسطين، وسورية، والعراق، واليمن، وليبيا. وقُيّمت سياسات روسيا نحو فلسطين، وسورية بسلبية أعلى من سياساتها تجاه البلدان الأخرى. وبذلك فإن هنالك اتساقًا بين تقييم السياسات الروسية بصفة عامة وبين تقييم السياسات الروسية في موضوعات محددة.
أما على صعيد تقييم السياسات تجاه القضايا الرئيسة في المنطقة، فقد عبّر 30% من العرب عن تقييمهم الإيجابي للسياسة الخارجية الفرنسية تجاه القضية السورية في هذا الاستطلاع، بعد أن كانت 23% في عام 2016.
تنظيم الدولة
منذ منتصف عام 2014، مثّلت ظاهرة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ "داعش" ظاهرةً وتطورًا غريبًا في المنطقة العربية، وأصبحت هذه الظاهرة تحتل حيزًا كبيرًا من النقاش العام منذ بسط سيطرة التنظيم على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية والسورية. وفضلًا عن ذلك، تثير جميع طروحاته وممارساته العنيفة والدموية في المنطقة العربية وخارجها كثيرًا من الجدل والنقاش.
تضمّن المؤشر العربي منذ عام 2014 في قسم القضايا الراهنة مجموعةً من الأسئلة التي تتناول هذا الموضوع لمحاولة معرفة اتجاهات الرأي العامّ نحوها. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة شهدت انحسارًا مع تحرير الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم، فقد أخذ على عاتقه المؤشر العربي الاستمرار في طرح مجموعة من الأسئلة من أجل الوقوف على آراء المواطنين في المنطقة العربية نحوه، وللتعرف إلى آراء المواطنين نحو عناصر قوة هذه الظاهرة وأسباب نشوئها، وأفضل العوامل التي تساهم في القضاء على الإرهاب وعلى هذا التنظيم في المنطقة العربية؛ وذلك بالنظر إلى ما لهذه الأسئلة من أهمية في تعميق المعرفة في اتجاهات الرأي العام حول مثل هذه التنظيمات وحول الإرهاب بصفة عامة.
إنّ أغلبية المستجيبين في كلّ بلد من البلدان المستطلعة آراؤها عبّرت عن نظرتها السلبية أو السلبية إلى حدٍّ ما. وكانت أعلى هذه النسب في لبنان، والمغرب، والعراق، إذ عبّر 99% من تلك المجتمعات عن ذلك، مقابل 1% قالوا إنّ نظرتهم إيجابية جدًا أو إيجابية إلى حدّ ما، وفي الأردن (97%)، وتونس (94%)، وفلسطين (93%). أما أعلى النسب التي سجلت نظرة إيجابية، فكانت في مصر 12%، والكويت 9%، والسودان 7%، وموريتانيا 6% ويذكر أن 5% من المصريين أن لديهم نظرة إيجابية جدًا.
عند مقارنة آراء المستجيبين في استطلاع 2017/ 2018 بنتائج استطلاعات 2016 و2015 و2014 بشأن نظرة المستجيبين نحو داعش، تُظهر النتائج على نحوٍ جليّ ارتفاعًا في نسبة الذين أفادوا أنّ نظرتهم سلبية تجاهه من 82% في استطلاع 2014 إلى 89% في استطلاعَي 2016 و2015، لتصل إلى 92% في هذا الاستطلاع. ويلاحظ في المقابل انخفاض موازٍ بالنسبة بنسب الذين أفادوا أنّ لديهم نظرةً إيجابيةً أو إيجابيةً إلى حدٍّ ما، فقد سجلت 11% في استطلاع 2014 (4% إيجابية جدًا، و7% إيجابية إلى حدٍ ما)، وانخفضت إلى 5% في استطلاع 2017/ 2018 (2% إيجابية جدًا، و3% إيجابية إلى حدٍ ما).
إنّ مقارنة نتائج استطلاع 2017/ 2018 بالاستطلاعات السابقة في المجتمعات المدروسة تُظهر ارتفاع نسبة الذين قالوا إنّ نظرتهم إلى داعش هي نظرة سلبية في هذا الاستطلاع؛ وذلك في كل مجتمع من المجتمعات (باستثناء الكويت)، وهي أعلى من النسبة التي سجلت في استطلاعات 2016 و2015 و2014، ويتّضح هذا الأمر، على نحوٍ جليّ، في معظم البلدان المستطلعة. الجدير بالملاحظة هو ثبات الذين لديهم نظرة إيجابية نحو داعش في المجتمع المصري؛ ففي هذا الاستطلاع سُجلت نسبة 12%.
إنّ هذه التغيرات في نظرة المستجيبين نحو داعش توضح بأنّ مواقف المواطنين الإيجابية نحو داعش في استطلاع 2014 لم تكن ناتجةً من موقف قيمي أو موقف يتقاطع مع مواقف داعش أو ما يدعو إليه، وإنما كانت ناتجةً، على الأرجح، من موقف سياسي متعلّق بتطورات الأحداث في العراق وسورية آنذاك، وسرعان ما تغير هذا الموقف بتغير التطورات في المنطقة، مقترنًا بمزيد من المعرفة بهذا التنظيم وآرائه.
ولمزيد من التعمق في التعرف إلى اتجاهات الرأي العام نحو هذه الظاهرة، والتي يمكن أن تساعد على فهم ظاهرة تنظيم الدولة (داعش)، طُرح سؤالٌ على المستجيبين حول تفسيرهم لأهم سبب دفع بعض المقاتلين العرب إلى الانضمام إلى داعش والذهاب إلى العراق، وسورية، وليبيا، للقتال مع التنظيم.
تشير الإجابات التي جمعت من المستجيبين إلى أن هنالك تعدد في الآراء التي تفسر انضمام أفراد من البلدان العربية ليقاتلوا مع هذا التنظيم، ويمكن تصنيف هذه الإجابات إلى خمسة محاور رئيسة، وهي كما يلي:
أولًا: عوامل وأسباب داخلية مرتبطة ببلدان هؤلاء المقاتلين؛ هنا أكدت إجابات المستطلعة آراؤهم أن العوامل التي دفعت هؤلاء الأفراد إلى الانضمام إلى داعش هي من العوامل السائدة في بلدانهم؛ مثل الأوضاع الاقتصادية من فقر وبطالة في بلدانهم، أو السياسات الداخلية المتبعة من الأنظمة السياسية في بلدانهم أو العوامل الاجتماعية؛ لقد حازت هذه العوامل على النسبة الأكبر من آراء المستجيبين؛ إذ أكد ذلك 42% من المستجيبين على هذه العوامل أكثر من غيرهم.
ثانيًا: الدعاية الداعشية؛ جاء في المرتبة الثانية، إذ يعزو 18% من إجمالي المستجيبين سبب هذا الانضمام إلى تعرّض هؤلاء الأفراد لغسيل دماغ، أو وقوعهم تحت تأثير الدعاية الداعشية.
ثالثًا: أسباب وعوامل دينية؛ جاء ذلك في المرتبة الثالثة بنسبة 16% من المستجيبين.
رابعًا: أسباب ذاتية وخاصة بهؤلاء الأفراد؛ ذلك أن 7% من المستجيبين عزوا انضمام أفراد إلى داعش إلى عوامل وأسباب ذاتية دفعتهم إلى ذلك، بعضها أسباب شخصية ونفسية؛ مثل النزوع إلى التطرف أو المغامرة، أو القيام بأعمال خطيرة.
خامسًا: محاربة جهات خارجية؛ انحاز 6% من المستجيبين إلى أن أهم دافع لانضمام هؤلاء الأفراد إلى داعش والانخراط معه في القتال هو رغبتهم في مواجهة أطراف خارجية تتدخل في هذه البلدان (سورية، والعراق، وليبيا)، أو لمحاربة أنظمة ومليشيات موجودة هناك.
للاطلاع على رابط الدراسة كاملة، يرجى زيارة الرابط