icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: بايدن عرقل مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد

2024.04.30 | 15:39 دمشق

الأسد في استقبال وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني في دمشق
الأسد في استقبال وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني في دمشق
واشنطن بوست - بقلم جوش روجين | ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

حالياً، أصبح العالم يلقن كل الحكام الديكتاتوريين درساً بشأن طريقة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من دون أن يتعرضوا للمحاسبة، وبالتالي سيعمل المجتمع السياسي على عودتهم إليه من جديد، كما أن إدارة بايدن تسهم في كتابة دليل العمل هذا، وذلك عبر موافقتها بصورة ضمنية على التطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.

مرت ثلاث عشرة سنة على بداية الثورة السورية، لتخرج سوريا في نهاية الأمر من الإعلام الغربي ويحل محل قضيتها أزمات جديدة، لكن الأسد ما يزال يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تشمل قصف الآلاف من المدنيين وحبسهم وتعذيبهم، مع العمل بشكل حثيث لزعزعة استقرار الشرق الأوسط من خلال شراكاته مع أسياده في روسيا وإيران.

ومع تصاعد التوتر مع محور الاستبداد هذا، كان الأجدر بالولايات المتحدة وحلفائها أن يبقوا على موقفهم تجاه سوريا، ولكن عوضاً عن ذلك، زاد عدد الدول التي ترحب بعودة الأسد إلى الحظيرة الدبلوماسية، لا سيما تلك الدول الشريكة للولايات المتحدة في الخليج العربي، التي سارعت لذلك وفي عيونها شهوة لتوقيع عقود مربحة هدفها إعادة إعمار المدن التي دمرها الأسد.

سياسة في السر وأخرى في العلن

تقوم السياسة الرسمية لإدارة بايدن على الوقوف ضد التطبيع مع الأسد، من خلال العقوبات بصورة رئيسية، وذلك حتى يكف إجرامه، ولكن في الكواليس، تخفف الإدارة الأميركية بهدوء وعن عمد من ضغطها عليه، وذلك بحسب ما ذكره نواب من كلا الحزبين ومنظمات سورية أميركية.

تعقيباً على ذلك، يقول النائب بريندان بويل أحد مؤسسي منظمة تكتل سوريا في الكونغرس: "إن الحرب المنسية لهذا الجيل هي سوريا، إذ أحس بالاشمئزاز وأنا أرى كثيرين في العالم الغربي قد نسوا تماماً الفظائع التي حدثت هناك".

يعتبر بويل أحد من رعوا قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد، والذي يمثل الجهود التي بذلت في الكونغرس لتمديد العقوبات وتوسيعها ضد كل من يسهم في إعادة تأهيل النظام، وخاصة في دول الخليج العربي، فضلاً عن فرض عقوبات على برلمان الأسد وعلى الأمانة السورية للتنمية التي تترأسها عقيلة الأسد، بما أن هاتين الجهتين متهمتان بفساد مستشر وبسرقة المساعدات الدولية، ولهذا أقرَّ مجلس النواب هذا القانون في شهر شباط الماضي بأغلبية تعادل 389 صوتاً مقابل رفض 32 صوتاً له.

كانت رغبة مايك جونسون رئيس مجلس النواب تنصب على إدراج مشروع هذا القانون ضمن حزمة داعمة مكملة من القوانين التي أقرها الكونغرس خلال الأسبوع الماضي، ولكن في أثناء المفاوضات، اعترض البيت الأبيض على ذلك، بحسب ما ذكره عدد من النواب والمعاونين في الكونغرس، على الرغم من أن البيت الأبيض لم يعترض على إدراج مشروع يضم قوانين تقضي بفرض عقوبات أخرى بعضها يستهدف إيران.

وعن ذلك يعلق النائب جو ويلسون الذي طرح مشروع القانون هذا بالقول: "لا يمكن تفسير القرار القاضي بإزالة هذا القانون الذي وافق عليه الحزبان من حزمة القوانين المكملة، إذ إن عدم محاسبة إدارة بايدن لبشار الأسد بعد ارتكابه لمجازر يقوي بوتين والنظام الإيراني".

كانت تلك أحدث عقبة تعترض طريق مؤيدي العقوبات، فقد تقدم النائب جيمس ريش من الحزب الجمهوري وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ بمشروع قانون وملحقاته أمام مجلس الشيوخ خلال شهر أيلول الماضي، وعن ذلك ذكر أن الإدارة الأميركية ومكتب رئيس اللجنة بين كاردين لم يعملا على المضي قدماً لإقرار هذا القانون، وما لم يقر هذا القانون قبل نهاية هذا العام، سينقضي أمد العقوبات الحالية المفروضة على النظام والتي أقرها قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين في عام 2020، وسينتهي الضغط على كل من يسهم بالتطبيع مع الأسد.

يعلق ريش على ذلك بقوله: "إن الكونغرس ملزم بتحريك هذا القانون، ولكن على الرغم من المطالبات المتكررة للقيام بذلك، عرقلت الإدارة الأميركية وشركاؤها في الكونغرس عملية محاسبة الأسد مرات متكررة".

ذكر مسؤول في البيت الأبيض أن الإدارة الأميركية تعتقد بأن لديها من الأدوات ما يساعدها على ملاحقة الأسد وشركائه، وتحدث عن مخاوف بعض المنظمات الإنسانية الدولية والخبراء في هذا المجال والذين يرون بأن العقوبات الجديدة يمكن أن تزيد الوضع الإنساني سوءاً في الداخل السوري، في حين عارض عدد من المنظمات الإغاثية السورية تلك المزاعم.

ورفض مكتب كاردين عدة مرات التعليق على الموضوع، ولكن في فيديو مسجل لمؤتمر عقدته يوم الأربعاء الماضي منظمة مواطنون من أجل أمن أميركا وسلامتها وهي منظمة مناصرة أميركية سورية رائدة، نسمع كاردين وهو يقول: "يجب علينا ألا نسمح للأسد بمسح جرائم الحرب التي ارتكبها وتطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي".

استاء الأميركيون السوريون الذين عملوا على هذا القانون بما رأوه من البيت الأبيض ومكتب كاردين عندما عرقلا تقدم مشروع القانون من دون الاعتراف بذلك أمام الملأ، إذ ترى تلك المنظمات بأن هذا القانون يمثل أفضل ضغط متاح لتأمين بعض الحماية للمدنيين السوريين.

يقول محمد علاء غانم وهو رئيس قسم السياسات لدى الائتلاف الأميركي من أجل سوريا، وهي منظمة مظلة تجمع تحتها منظمات سورية ناشطة: "إننا في التجمع الأميركي السوري نشعر بفزع كبير وإحباط عميق بسبب تصرفات البيت الأبيض والسيناتور كاردين والتي قاموا من خلالها بعرقلة مشروع قانون مهم يعنى بحقوق الإنسان، وإننا في التجمع سنتذكر ذلك عندما نتوجه للتصويت خلال شهر تشرين الثاني المقبل".

رئيسان أميركيان أحلاهما مر!

بل إن تلك المجموعة من الأميركيين الذين تعود أصولهم لسوريا باتت تفكر بالتصويت لصالح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وفي ذلك ما يعبر عن مدى إحساسهم بالخذلان، فقد أعلن ترامب مرتين عن سحبه لما تبقى من قوات أميركية في سوريا ثم تراجع عن ذلك، كما أنه لم يخف احتقاره لسوريا، ولهذا لا يمكن لأحد أن يتوقع ما يمكن لترامب أن يفعله إن فاز بولاية ثانية.

ليست العقوبات حلاً ناجعاً، إذ لا بد لها أن تترافق مع استراتيجية شاملة تعمل على التفاوض من أجل حل دبلوماسي في سوريا، إلا أن من يدافعون عن فكرة انقضاء أمد فترة العقوبات المفروضة على الأسد يجب أن يتعاملوا مع العواقب المتوقعة لهذا القرار، وذلك لأن الأسد وشركاءه سيصبحون أشد ثراء وأمضى سلطة، وهذا ما سيزيد من جرأتهم على المضي بانتهاكاتهم التي يمارسونها بحق المدنيين من أبناء جلدتهم، ناهيك عن انتشار التطرف وانعدام الاستقرار في عموم المنطقة.

ثم إن عدداً كبيراً من الحكام الديكتاتوريين والعصابات التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية في أماكن مثل روسيا والصين وماينمار والسودان لا بد لهم أن يدرسوا دليل العمل الذي يدونه الأسد ويساعده الغرب على كتابته والذي يقوم على تجاهل الانتقادات والتريث إلى أن يضعف اهتمام العالم بالقضية، وفي نهاية الأمر لا بد حتى للولايات المتحدة أن تغض الطرف على الجرائم التي يرتكبها الديكتاتور.

 

المصدر: The Washington Post