icon
التغطية الحية

دليلك لزيارة سوريا: فيش هجرة وجوازات وتسوية وضع وبطاقة أمنية قد لا تكفي

2024.04.30 | 07:14 دمشق

4555555555555555555
كل من يخدم في فرع أمني، ولو كان بواباً، يستطيع أن يعرض هذه الخدمة
دمشق - فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

هل أنت لاجئ، أو مغترب سافرت بشكل طبيعي، سواء عبر طريقة لم الشمل أو عقد عمل وما شابه، وتريد زيارة أهلك في سوريا (دمشق - حلب - حمص - حماة) لفترة معينة؟ لو كانت الإجابة نعم، إذن عليك البحث عن شخص ذي نفوذ أو وسيط واتباع الخطوات أدناه حتى تستطيع أن تضمن دخولا آمنا (نوعاً ما) إلى البلاد.

كثير ما دعا النظام السوري في دمشق "المهاجرين" للعودة إلى مناطق سيطرته، وكأن الأمر يسير بشكل طبيعي وآمن، لكن في الحقيقة كل من هو خارج سوريا ويريد زيارتها يريد ضمانات بعدم اعتقاله أو على الأقل مراجعة الفروع الأمنية، كون النظام لم يقدم أي ضمان ملموس لأحد في دعواته السابقة، لا بل تناقل ناشطون قصصا كثيرة عن مراجعة البعض للفروع الأمنية عند وصولهم إلى دمشق للتحقيق معهم أو اعتقال بعضهم الآخر، لذلك، ومن مجرد التفكير بزيارة الأراضي التي يسيطر عليها النظام ، تبدأ رحلة البحث عن جهة ضامنة لدخول آمن.

يجب على الراغب بدخول سوريا قبل كل شيء، أن "يضرب فيش"، والمقصود بالفيش هو التأكد من أن الشخص غير مطلوب لا بتهم جنائية، ولا بتهم أمنية، ولا مطلوب للتجنيد الإجباري، ويعد ضمان ذلك صعباً نوعاً ما لكنه ليس مستحيلاً.

من يستطيع ضرب الفيش؟

كل من يخدم في فرع أمني، ولو كان بواباً، يستطيع أن يعرض هذه الخدمة ويؤكد أنه قادر على ضرب الفيش بسهولة عبر زملائه في الفرع، فأغلب عناصر الدوريات الأمنية الذين لا يحملون أي رتبة تذكر لهم تواصل مباشر في غرفة الحاسوب التي يضرب فيها الفيش، ولهم الحرية بطلب الفيش لأي شخص يشكون فيه في أثناء تجوالهم في الشوارع، وهنا يمكنهم تمرير أي اسم يريدون.

وهناك عناصر غرفة الحاسب في الفرع الأمني، القادرون على ضرب الفيش لأي شخص ومتى يريدون، لذلك يكفي معرفة وسيط للوصل إلى الفيش الأمني، لكن هذه العملية ليست مجانية بالتأكيد.

ليس كل فيش هو فيش كاف يجعلك تدخل البلاد وأنت مطمئن، فهناك عدة أنواع تختلف تسعيرة كل منها حسب النوع والإثباتات المقدمة، لأن توثيق النتيجة أمر صعب للغاية ولا يرضى به أي عنصر، لأن تصوير المبنى الأمني ومعداته، وتسريب بيانات منه دون إذن رسمي يعتبر جريمة.

أنواع الفيش في سوريا

بحسب عدة عناصر أمن، وبعض الوسطاء الذين يعملون في خدمة التفييش، فإن الفيش الأمني في فرع ما، قد لا يعطي نتيجة سوى أن الشخص هذا مطلوب لهذا الفرع بالتحديد أو لشعبة المخابرات التي يتبع لها هذا الفرع في محافظة ما، أو أن الشخص مطلوب بجرم جنائي أو غيره بطلب من "وزارة الداخلية" التابعة للنظام، وهذا ما يفسر ما كان يحدث في خروج عدة دوريات من أكثر من فرع دون تنسيق بينهم لاعتقال شخص واحد، أو اعتقال شخص من قبل فرع ما، ثم قيام فرع آخر بالبحث عنه رغم أنه معتقل.

وهناك فيش يمكن الحصول عليه من أركان "وزارة الدفاع" التابعة للنظام، والهدف منه معرفة إن كان الشخص مطلوبا للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية أو عليه قضية ما في وزارة الدفاع، لكن هذا الفيش وحده أيضاً لا يكفي.

هناك فيش يدعى بالفيش الرباعي، وهو فيش يشمل ملف الشخص في 4 شعب مخابرات وقد يحل مشكلة القضية الأولى والثانية، وهو يشمل المخابرات "العسكرية"، و"الجوية"، و"المخابرات العامة"، و"السياسية"، وكل الفروع الأمنية التابعة لها، وبهذا الفيش يضمن الشخص أنه غير مطلوب أمنياً أو جنائياً أو هو مطلوب لـ"الجيش"، لأنه يشمل قضايا خدمة العلم، ويشمل أيضاً قضايا وزارة الداخلية.

يضاف إلى ما سبق، فيش الهجرة والجوازات وهو الفيش الأشمل على الإطلاق، لأنه يشمل أيضاً القضايا من خارج الحدود، وهذا الأخير هو الأكثر طلباً من قبل الراغبين في زيارة سوريا.

لا ضمانات

وفقاً لأحد الوسطاء، الذي يعمل في "ضرب الفيش" مفضلاً عدم ذكر اسمه، فإن كلفة فيش الهجرة والجوازات والتي يتم استخراجها من دوائر الهجرة أو منافذ الحدود، تصل إلى 100 دولار، ويضع الوسيط عليه ربحه 50 دولار لتصل الكلفة إلى 150 دولارا، بينما فيش خدمة العلم والفرع الأمني 50 – 75 دولارا.

وعن الضمانات، أشار إلى أن الضامن الوحيد هو ما يشاهده بأم عينه، فلا يمكنه تصوير الحاسب أو سحب وثيقة، بينما الضامن الوحيد هو أنه "يحلف يمين" للزبون أنه شاهد ملفه، مع حفظه لبعض البيانات الشخصية شفهياً كدليل لتقديمها له.

في أثناء البحث عن وسطاء، قدم لنا أحدهم عرضاً، بالحصول على لقطة شاشة من الحاسب تظهر فقط الاسم الثلاثي والخانة التي تؤكد أنه غير مطلوب، من دون أي تفاصيل أخرى، لكن السعر ارتفع إلى 200 دولار، وفي ذات الوقت أكد بعض من لجؤوا لهذه الطريقة أنهم لم يحصلوا على اللقطة رغم دفعهم للمبالغ.

لا يتواصل الراغبون بالحصول على الفيش مع رجل الحاسب أو رجل أمني بشكل مباشر، والقضية حصراً تتم عبر وسطاء، وهذا ما يجعل الضمانات محصورة بالوسيط الذي لا يعرفونه شخصياً في أغلب الأحيان، ويستدلون عليه عبر معارفهم.

ابتزاز لعدم وجود ضمانات

أبو سليم (اسم مستعار) 51 عاماً، طليقته وابنه في ألمانيا، الأم خرجت بطريقة غير شرعية، وابنه عبر لم الشمل بطريقة شرعية، يروي أبو سليم قصته بأنه تواصل مع أحد الوسطاء ذوي العلاقات الأمنية، للحصول على فيش لابنه الذي يرغب بزيارة سوريا لرؤية والده وعقد قرانه، وكان من المفترض أن يحصل على ضمانات بعد دفعه مبلغ 150 دولارا.

الجواب الذي جاء له، بأن على ابنه قضية تجارة مخدرات، وعندما استفسر عن استطاعة ابنه الخروج بشكل نظامي من البلد رغم وجود القضية، وطالب بتاريخ الواقعة، جاءه الجواب بأن تاريخ الواقعة يلي خروجه من سوريا بعامين.

طلب الشخص 300 دولار إضافية لإزالة اسمه من نشرة البحث وحل القضية وبعدها يمكن أن يحصل على لقطة الشاشة. شكك أبو سليم بصدق الوسيط، واستفسر ليتبين أن هكذا قضية لا تحل عبر الوسيط وبحاجة لمحامي عبر القضاء، ثم بحث عن وسيط آخر، ليحصل على الفيش دون ضمانات أيضاً، لكن هذه المرة ظهر ملفه من دون قضية المخدرات.

طلب أبو سليم من ابنه إلغاء فكرة العودة إلى سوريا نتيجة عدم قدرته على ضمان مصيره نتيجة تضارب النتائج.

حيل أخرى

استطاع البعض الوصول إلى حيل أخرى للتأكد من الملف النظيف لأبنائهم، وبعض هذه الطرق مضمونة 100% وكلفتها أقل، ومنها، استخراج بطاقة أمنية للشخص الراغب في العودة عبر وسطاء أيضاً، وبهذه الحالة إن كان الشخص مطلوبا لجهة ما، لا يمكن أن يحصل على البطاقة الأمنية التي يصل سعرها إلى 1.5 مليون ليرة، ويمكن استخراجها خلال أقل من شهر.

ومن الحلول التي يمكن أن تعطي مؤشراً على وجود مشكلة ما في ملف الشخص الراغب بالزيارة، هي قيام أحد أقاربه من الدرجة الأولى باستخراج ورقة غير محكوم، وفي حال عدم حصوله عليها وطلب حضور صاحبها شخصياً أو مراجعة فرع من الفروع، يكون هناك شيء ما في ملف الراغب بالزيارة.

طرق "الحكومة" غير المجدية

في عام 2020 تم تفعيل خدمة جديدة على الموقع الإلكتروني لـ"وزارة الدفاع" في حكومة النظام، من المفترض أن تتيح لأي شخص، الاطلاع اسمه إن كان مطلوباً للخدمة الإلزامية والاحتياطية، واعتبرت الوزارة حينها أن هذه الخدمة بمثابة تبليغ رسمي للمدعوين من أجل مراجعة شعب تجنيدهم لتدقيق اعدادات السوق.

حاول موقع تلفزيون سوريا التأكد من عمل هذه الخدمة، لكن تبين أن الموقع لا يعمل، وبمتابعة التعليقات، تبين أنها منذ 3 سنوات على الأقل وهي لا تعمل، وبالتالي بقي الباب مفتوحاً للابتزاز.

في ذات العام، نشرت صفحة القنصلية السورية في دبي، بحسب ما نقله عنها موقع جسر، منشوراً قالت فيه إن إدارة الهجرة والجوازات أعلنت، أن المواطنين السوريين المقيمين في الخارج، والذين يرغبون بالعودة إلى البلاد عبر معبري نصيب مع الأردن، وجديدة يابوس مع لبنان، سيبلّغون بوضعهم القانوني على الحدود، ومن حقهم أن يعرفوا إذا ما كان بحقهم بلاغات قانونية، وأضافت حينها أن المغتربين في هذه الحالة أمام خيارين، أولهما إجراء تسوية لأوضاعهم في حال وجود بلاغ بحقهم، والخيار الثاني فهو أنْ يعودوا من حيث جاؤوا، بعد تكبدهم عناء السفر.

بحثنا عن المنشور ولم نجده على صفحة القنصلية، حتى إن رابط منشور القنصلية الذي أوردته جسر يبين أن البوست قد تم حذفه.

لكن القائم بأعمال السفارة السورية في السويد، يامن ماضي، قال في بداية العام الحالي ضمن لقاء أجراه معه موقع الكومبس السويدي المعني بشؤون اللاجئين والجاليات العربية هناك، إنه "يتم إعلام المواطن الذي يزور سوريا بأي إجراء متخذ بحقه عند النقطة الحدودية ويعود له القرار بالدخول أو العودة".

تسوية الوضع لا تعفي من زيارة الفروع

في النهاية، من لم يستطع العودة بسبب مشكلة ما في ملفه سواء علم عنها عبر الفيش أو طرق أخرى، فهو وحتى من لا يوجد شيء مريب في ملفه لكنه خرج عبر منافذ لا يسيطر عليها النظام، فهو بحاجة معالجة وضعه قبل العودة بطريقة "التسوية" كما يسميها النظام في دمشق، كي لا يراجع الفروع الأمنية فور وصوله، حيث نشرت "وزارة الخارجية والمغتربين" في عام 2018، نصاً قالت فيه إنه "حرصاً على معالجة أوضاع السوريين الذين غادروا القطر بطريقة غير مشروعة، بسبب الظروف الراهنة، ورغبة من القيادة بتشجيع المواطنين ولاسيما المكلفين بالعودة إلى الوطن وتسوية أوضاعهم التجنيدية والأمنية، بغض النظر عن الظروف التي اضطرتهم للمغادرة، فإنه يمكن للمواطنين أعلاه، مراجعة السفارة السورية في بلد الإقامة أو أقرب سفارة سورية، وذلك لتقديم طلبات تسوية أوضاعهم لديها أصولاً".

لكن تقديم هذه الطلبات أو حتى معالجتها في الخارج قبل الوصول إلى البلاد، لم يعف كثيرين من اعتقالهم أو طلب مراجعتهم الفروع الأمنية رغم تسوية وضعهم، وهذا ما أكده موقع الكومبس بلقائه مع القائم بأعمال السفارة السورية بالسويد، حيث أكد له بأنه رغم الحديث عن تسوية الوضع في "السفارات السورية" إلا أنه هناك مخاوف من زيارة سوريا لعدم فاعلية ذلك، حيث يضطر كثيرون لمراجعة الجهات الأمنية فور دخولهم سوريا رغم التسوية.

رد القائم بالأعمال، كان ليس النفي المطلق، لكنه أشار إلى أن عدد تلك الحالات قليل على حد زعمه ولا تتجاوز الـ2%، مبرراً ذلك بأنه استكمال للتسوية.

استناداً إلى ما ذكر أعلاه، فإنه يترتب على الراغب بزيارة سورية، تسوية وضعه في "السفارات السورية" إن كان قد خرج من منافذ حدودية لا يسيطر عليها النظام، ثم أن يضرب فيش هجرة وجوازات ويحاول الحصول على بطاقة أمنية ولا حكم عليه قبل وصوله إلى البلاد، وعلى الحدود، يجب عليه أن يستعلم عن وضعه للتأكد أكثر، ثم يدخل، لكن كل ذلك قد لا يعفيه من زيارة أحد الفروع الأمنية خاصةً إن كان من الـ2% الذين تحدث عنهم القائم بالأعمال في السويد.