icon
التغطية الحية

بشار الأسد يمنح "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" الاستقلال المالي والإداري

2024.01.07 | 08:09 دمشق

ما مصير "اتحاد طلبة سوريا" بعد إصدار بشار الأسد القانون الجديد؟
ما مصير "اتحاد طلبة سوريا" بعد إصدار بشار الأسد القانون الجديد؟
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس السبت، قانوناً جديداً لـ "تنظيم عمل الاتحاد الوطني لطلبة سوريا كمنظمة شعبية طلابية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري"، وفق ما ورد في مقدمة نص القانون.

وبحسب وكالة أنباء النظام (سانا)، فقد حددت مواد القانون الذي حمل رقم (1) لعام 2024: "مهام الاتحاد وأهدافه وهيكليته التنظيمية وممارسة أنشطته، بالإضافة إلى هيكلية مكتبه التنفيذي وفروعه، والوحدات الطلابية، والمهام الموكلة إليها ومختلف التفاصيل المرتبطة بآلية عملها".

وألغى القانون "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" المحدث بالمرسوم التشريعي رقم (130) لعام 1966 وأحلّ بدلاً عنه الاتحاد بموجب أحكام هذا القانون الجديد الصادر يوم أمس، وبذلك نصت المادة 47 من القانون الجديد على أنه "يلغى المرسوم التشريعي رقم (130) لعام 1966 وتعديلاته، والمرسوم رقم (429) لعام 1968، والمرسوم التشريعي رقم (87) لعام 2010".

وتم الإعلان عن تأسيس "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" عام 1963، ومن ثم قوننة وجوده وفق المرسوم رقم 130 في عام 1966، وأقرت القيادة القطرية لحزب البعث أن الاتحاد "الممثل الشرعي" الوحيد عن القطاع الطلابي داخل سوريا وخارجها، ثم قسّم مرسوم 23 لعام 1970 الطلاب إلى فئتين، الجامعيين في "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا"، و"اتحاد شبيبة الثورة" لشريحة الطلاب ما دون الجامعيين.

وقالت دراسة لمركز "عمران" إنه ومنذ ذلك الحين ارتبط "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" (قانونياً ووظيفياً وهيكلياً) بشكل واضح بالقيادة المركزية لحزب البعث، على الرغم من صدور قانون الأحزاب عام 2011 الذي سمح بتأسيس الأحزاب والممارسة الحزبية في سورية، وتبعه لاحقاً التعديل الدستوري عام 2012 الذي ألغى مادة أن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع.

وجاء في المادة الثانية للقانون الجديد: "الاتحاد منظمة شعبية طلابية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري مقرها دمشق، وتعد الممثل الوحيد للطلبة داخل سوريا وخارجها، ويجوز إحداث فروع للاتحاد في الجامعات والمحافظات وفي البلدان العربية والأجنبية التي يدرس فيها الطلبة السوريون".

أما المواد اللاحقة من القانون، فاشتملت على تفاصيل وجوانب توحي للقارئ بأن النظام السوري يسعى من خلالها إلى توفير بيئة أكثر انفتاحاً للطلاب الجامعيين، ومساحة أوسع لممارسة "حرية التعبير". حيث ورد في المادة الرابعة أنه –الاتحاد- يتولى "مهام توفير بيئة مؤسساتية وتنظيمية يستطيع الطلبة من خلالها التعبير عن آرائهم وأفكارهم، والدفاع عن حقوق الطلبة والعمل على حل المشكلات التي تواجههم في حياتهم...".

إيرادات مالية مستقلة لاتحاد الطلبة!

ونصت المادة 42  على أن "تكون للاتحاد موازنة سنوية مستقلة يقرها المجلس المركزي، وتصدر بقرار من رئيس الاتحاد، يدخل فيها كامل إيراداته ونفقاته".

وفي المادة 43: "يمكن للاتحاد فتح حساب بالليرة السورية وبالقطع الأجنبي في المصارف العاملة في سوريا، حيث تتكون إيرادات الاتحاد من بدلات الانتساب للاتحاد، وبدلات الاشتراك في أندية الاتحاد ونشاطاته، والأموال والإعانات التي تخصصها الدولة للاتحاد، وبدلات استثمار وإيجار المرافق المملوكة للاتحاد، وعوائد استثمار الأندية التي يشرف عليها الاتحاد، وحصة الاتحاد من النسبة المحددة في اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالمرسوم رقم (250) لعام 2006 وتعديلاته من بدلات الاستثمار بالمطاعم والمنتديات والمقاصف والأكشاك في الجامعات، والنسبة المحددة في القوانين والأنظمة من رسوم التسجيل المحصلة سنوياً من طلبة الجامعات والمعاهد وما في حكمها في التعليم الحكومي (العام والموازي والمفتوح والافتراضي).

إضافة إلى نسبة واحد بالمئة تقتطع سنوياً من مجمل الرسوم والأقساط المستحقة على الطلبة في المؤسسات التعليمية الخاصة، ونسبة لا تزيد على 1.5 بالمئة من بعض الموارد الذاتية للجامعات الحكومية والمعاهد العليا والمعاهد التقانية، وتحدد الموارد ونسبتها بقرار من مجلس التعليم العالي والمجلس الأعلى للتعليم التقاني، كل فيما يخصه، ناهيك عن الهبات والهدايا والتبرعات والمساعدات التي يقبلها المكتب التنفيذي للاتحاد وفق القوانين والأنظمة النافذة، وريع الحفلات والنشاطات التي يقوم بها الاتحاد، والوفر المدور من السنة المالية السابقة، وفوائد أموال الاتحاد المودعة لدى المصارف، وأي إيرادات أخرى تسمح بها القوانين والأنظمة النافذة".

ما مصير الاتحاد؟

تفتح المادتان الأخيرتان الأبواب أمام احتمالات عديدة، خاصة أنهما تشيران إلى "استقلالية الاتحاد" وخروجه من حسابات ومصاريف حكومة النظام -بصورة غير مباشرة- ما يرجّح أن يُضَمّ لاحقاً –وبصورة مباشرة- إلى جهات داخلية خاصة (كالأمانة السورية للتنمية مثلاً) لاستثماره في جلب أموال المنظمات الأممية.

وفي أيار 2022 أكدت أسماء الأسد خلال زيارتها الملتقى الاستثماري الريادي الأول "فرصة 2022" الذي يقيمه الاتحاد الوطني لطلبة سوريا وجمعية رواد الأعمال الشباب، على "أهمية دخول طلبة الجامعات إلى سوق العمل والإنتاج عبر المشاريع الريادية التي تشكل أحد حوامل الاقتصاد الصغير وذلك من خلال دعم البيئة المطلوبة لهذه المشاريع سواء لجهة التدريب على الإدارة ودراسة الجدوى الاقتصادية أو التمويل من قبل المؤسسات المالية المعنية".

وتأتي المادتان 45- 46 لتزيد من نسبة تلك الترجيحات، حيث نصت الأولى منها على "إعفاء أموال الاتحاد وممتلكاته ومؤسساته من كل الضرائب والرسوم والتكاليف المالية الأخرى، كما تعفى الجوائز التي يمنحها الاتحاد من كل الضرائب والرسوم والتكاليف العامة على اختلاف أنواعها".

بينما نصت الثانية (46) على "انتخاب لجنة رقابية من المؤتمر العام للاتحاد تسمى لجنة الرقابة والتفتيش مؤلفة من خمسة أعضاء من أصحاب الخبرة والكفاءة، وتمارس هذه اللجنة الرقابة والتفتيش على الأعمال المالية للهيئات الطلابية وفروع الاتحاد والمكتب التنفيذي وفق الأصول الواردة في النظام المالي للاتحاد"، ما يعني أن الاتحاد وكل ما يرتبط به سيكون خارج إدارة ما تسمى "مؤسسات الدولة الرسمية" لدى النظام السوري.

ويعد القانون الحالي الوحيدَ الذي ينظّم عمل "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا"، إذ ألغت الـمادة (47) والأخيرة منه، جميع المراسيم والقوانين المرتبطة سابقاً بالاتحاد: "(وفق المادة 47) يحل الاتحاد بموجب أحكام هذا القانون محل الاتحاد المحدث بالمرسوم التشريعي رقم (130) لعام 1966، ويلغى المرسوم التشريعي رقم (130) لعام 1966 وتعديلاته، والمرسوم رقم (429) لعام 1968، والمرسوم التشريعي رقم (87) لعام 2010".

حقيقة "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا"

استخدم نظام الأسد –الأب والابن- اتحاد الطلبة في تسييس وتدمير العملية التعليمية في سوريا، إلى أن أصبحت الجامعات بيئة خصبة تعج بالمخبرين وكُتّاب التقارير. كما تحول هذا الاتحاد إلى جهاز أمني رديف لبقية الأجهزة الأمنية، من خلال التجسس على الطلاب والكوادر التدريسية والهيئات التعليمية في سوريا، وفق ما ورد في دراسة أعدها مركز "عمران" منتصف العام الماضي، وحملت عنوان: "أدوات الأسد الناعمة- الاتحاد الوطني لطلبة سوريا أنموذجاً".

أما في الخارج، فقد شكلت فروع الاتحاد في جامعات الدول الأخرى، ذراعاً أمنياً مهمته مراقبة تحركات ونشاطات الطلاب السوريين الموفدين إلى الخارج، والتضييق عليهم، وملاحقتهم أمنياً بعد عودتهم إلى البلد أيضاً.

وخلال سنوات الثورة السورية، ارتكب "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" انتهاكات جسيمة بحق الطلبة والكوادر التدريسية المناهضة لنظام الأسد، سواء داخل الحرم الجامعي أو خارجه، وكان له دورٌ بارزٌ في ملاحقتهم واعتقالهم وتغييبهم وتعرضهم للتعذيب.

وأُصدِرت ثلاث قوانين لتنظيم الجامعات في سوريا، أولها: في عام 1958، إذ أهمَل بشكل كامل أي تمثيل طلابي ضمن العملية التعليمية الجامعية، ثانيها: في عام 1975، الذي أضاف فكرة وجود الاتحاد الوطني لطلبة سورية إلى الكيانات المُشرفة على العملية التعليمية الجامعية، وآخرها: قانون 2006، الذي حَصَرَ التمثيل الطلابي بالطلاب المُعيَنين من قِبل الاتحاد في مجالس الكليات ومجالس الشؤون العلمية في الجامعة، وقد شهد هذا القانون تعديلات عدة أضافت شرائحَ جديدة إلى مستحقي المنح، إرضاءً للفئات الملتحقة بالجيش خلال سنوات ما بعد 2011، بحسب دراسة "مركز عمران".