icon
التغطية الحية

ميليشيا إيران تعيد انتشارها في حلب وإدلب وتتكبّد خسائر كبيرة

2020.03.02 | 17:12 دمشق

erax-t6xkagveja.jpeg
تلفزيون سوريا - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

خسرت المليشيات الإيرانية مؤخراً العشرات من العناصر والقادة الميدانيين في جبهات إدلب وعدد من المواقع والثكنات العسكرية التابعة لها في ريف حلب والضواحي القريبة، وبسبب خسائرها الكبيرة والتطورات الميدانية التي بدت في صالح المعارضة السورية دفعت إلى اتخاذ عدة إجراءات عسكرية، تضمنت تعميماً لمختلف تشكيلاتها المسلحة شمال غربي سوريا لرفع الجاهزية الكاملة، وتنفيذ عمليات إعادة انتشار وتمركز متقدم في ريفي حلب وإدلب، وحشد المزيد من التعزيزات القادمة من مناطق مختلفة في سوريا.

انتشار المليشيات الإيرانية في جبهات شرقي إدلب، سبق التحول الميداني التدريجي لصالح المعارضة خلال الأسبوع الأخير من شهر شباط/فبراير، وكان الهدف من الانتشار بادئ الأمر، حماية الأطراف الغربية للطريق الدولي السريع M5 من الهجمات المحتملة التي قد تشنها المعارضة في خطوط التماس الممتدة من الشيخ عقيل شمال غربي حلب وحتى خان السبل في ريف إدلب جنوباً، في حين تتفرّغ مليشيات النظام الروسية و"الفرقة الرابعة" للعمليات الهجومية في سهل الغاب وجنوبي إدلب، وكان من المفترض أن تحقق المليشيات الإيرانية عدداً من الأهداف، أهمها توسيع نفوذها وانتشارها خارج حلب في الشمال، واستعادة بلدتي كفريا والفوعة شمال شرق مدينة إدلب، مستفيدة بذلك من انهيار مناطق المعارضة لحساب التوحش الروسي في ظل انكفاء الدور التركي في ذلك الوقت.

وكشفت التطورات الميدانية الأخيرة عن دور مركزي للمليشيات الإيرانية في العمليات العسكرية في محيط إدلب بعد أن كانت متمركزة بشكل أكبر في جبهات حلب، وبعيدة عن الأضواء، فالمشاركة غير المعلنة في المعارك هي سياسة اتبعتها منذ بداية العمليات العسكرية التي أطلقها نظام الأسد وحلفاؤه في أيار/مايو 2019، لكنها اليوم هي تعاني من انكشاف غطاء الحماية المفترض الذي كان يؤمن لها حرية الحركة والتنقل والتوسع بشكل سلس، أي أن الضربات الموجعة التي استهدفت مواقعها وقادتها بشكل مباشر قد تكون مقدمة لحرب أعنف ضدها وفي مواجهة مفتوحة مع جبهة عريضة لا تقتصر على جهتي المعارضة والجيش التركي.

ولم يكن متوقعاً بالنسبة للمليشيات الإيرانية، انتقال الفصائل المعارضة من الدفاع إلى الهجوم وانخراط الجيش التركي المباشر، الأمر الذي أجبر الميليشيات على تغيير خططها المفترضة، وتعمل اليوم على سد الفراغ الذي من المحتمل أن يخلّفه الانكفاء الروسي في الميدان لصالح تركيا، محاولة بذلك الدفاع عن المكاسب التي حققتها مليشيات النظام منذ بداية العمليات العسكرية وبشكل خاص في طوق حلب التي يعد مجالاً حيوياً لا تريد المليشيات التفريط به، وفي تصوّرها يكون الدفاع عن نفوذها بحلب والشمال السوري عامة من خلال الانخراط المباشر في عمليات إدلب ومنع انهيار دفاعات مليشيات النظام في مختلف جبهات القتال، وفي مرحلة لاحقة الدخول بشكل أكثر فعالية كطرف ثالث إلى جانب تركيا وروسيا منهية بذلك أكثر من عامين من التجاهل لمصالحها.

وتوزعت خسائر المليشيات الإيرانية خلال الأيام الثلاثة الماضية على أكثر من منطقة شمال غربي سوريا، وكانت بشكل أكبر في ريف حلب والضواحي، القصف التركي الجوي عبر طائرات "بيرقدار" المسيرة استهدف عمق مناطق نفوذ المليشيات الإيرانية جنوبي حلب، واستهدفت الغارات ثكنات ومقار عسكرية للمليشيات المدعومة من "الحرس الثوري الإيراني"، أهمها، "حزب الله اللبناني" و "لواء الباقر" و"فوج ذو الفقار" و "فيلق المدافعين عن حلب" "حركة النجباء" "لواء الإمام علي" و "لواء فاطميون" و "لواء زينبيون"، والنقاط الأبرز التي تم استهدافها، مواقع المليشيات في أطراف الحاضر وتل حدية والواحة وعزان جنوباً، وجمعية الزهراء وأطراف نبل وتل رفعت ومطار منغ والشيخ عيسى شمالاً، ومطاري كويرس والنيرب شرقي حلب، وشاركت المدفعية التركية وراجمات الصواريخ بقصف الأهداف بشكل متكرر وعلى مدى الأيام الأخيرة من شهر شباط/فبراير وتواصلت الضربات مع بداية العملية العسكرية المعلن عنها "درع الربيع" في الأول من آذار/مارس.

وشهدت بلدة نبل شمالي حلب، ليل السبت/الأحد، تشييع عدد من عناصر وقادة المليشيات الإيرانية الذين قتلوا في جبهات شرقي إدلب، وعدد القتلى المعلن عنهم حتى الآن وصل إلى 11 عنصراً ينحدرون من بلدتي نبل والزهراء وعناصر من الفوعة وكفريا، وينتمون لأفواج "فوج جنود المهدي" و "فوج الإمام الحجة" وهي تشكيلات صغيرة يشرف على تدريبها وإدارتها "حزب الله اللبناني"، قتلوا إلى جانب عدد من عناصر "حزب الله اللبناني" في قرية الشيخ أحمد شمالي سراقب بقصف صاروخي استهدف موقعهم.

والموقع المستهدف في الشيخ أحمد عبارة عن غرفة عمليات محدثة تديرها "قوات الرضوان" التابعة لحزب الله، وتشرف على العمليات الهجومية في محور الطلحية غرباً والذي كان المفترض أن يستهدف مطار تفتناز وإشغال المعارضة المتقدمة في محيط سراقب وتشتيت قوتها الهجومية، وقتل عدد آخر من عناصر الحزب والمليشيات الإيرانية في المواجهات مع المعارضة في محيط سراقب، وخلال القصف الذي استهدف مواقع وغرفة عمليات مشتركة لمليشيات النظام جنوبي حلب والتي قتل فيها أيضاَ قادة وضباط من "الحرس الجمهوري" وتشكيلات أخرى.

ولم تعلن الأفواج التابعة لـ "فيلق المدافعين عن حلب"، عن حجم الخسائر في صفوفها برغم مشاركتها الكبيرة في معارك سراقب، وتعرضت مواقعها القريبة من منطقة العمليات للقصف البري والجوي مؤخراً، وأهمها "فوج السفيرة" و "كتيبة النيرب للمهام الخاصة"، الأمر نفسه لدى مليشيا "لواء الباقر" والتي استنفرت عدداً كبيراً من العناصر للمشاركة في معارك شرقي إدلب بقيادة قائدها العسكري، خالد المرعي، الملقب، "حاج باقر". وبحسب المعلومات القليلة المتوفرة، يزيد عن 30 عدد العناصر الذين قتلوا من التشكيلين في المواجهات الأخيرة في محيط سراقب وفي القصف الذي استهدف مواقعهم.

وأكد الناشط الإعلامي مالك طربوش، لموقع تلفزيون سوريا، أن المليشيات الإيرانية كان لها الدور الأكبر في فشل الهجمات الأولى للمعارضة في بلدة النيرب، وبحسب طربوش، وجدت المعارضة بعد تحريرها لبلدة النيرب غربي سراقب الكثير من الكتابات الطائفية على جدران المنازل التي حولتها المليشيات إلى مقار عسكرية.

ونقلت المليشيات الإيرانية مؤخراً جزءاً كبيراً من أعدادها وعتادها الحربي من مواقعها الخلفية جنوبي حلب إلى جبهات شرقي إدلب بهدف تكثيف العمليات الهجومية نحو سراقب واستعادة أطراف الطريق الدولي M5 وافتتاحه من جديد، ووقف زحف المعارضة الذي يستهدف الوصول إلى أطراف المعرة ومنعها من مواصلة الهجوم وإبعاد الخطر عن مناطق شرقي الطريق، ويدير العمليات الهجومية والدفاعية في جبهات شرق إدلب قادة من "حزب الله اللبناني" و "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري.

ووصل انتشار المليشيات الإيرانية إلى ريف حلب الشمالي بالتعاون مع "وحدات حماية الشعب الكردية" العمود الفقري لـ "قوات سوريا الديموقراطية"، ويمثل الانتشار في منطقة تل رفعت وصولاً إلى مطار منغ شمالاً بالقرب من إعزاز تهديداً واضحاَ للقواعد والنقاط التركية المنتشرة في مناطق ريف حلب، وهو تكتيك لمح له "حزب الله اللبناني" من خلال فيديو مسجل تداوله أنصاره يظهر فيه نقطة عسكرية تركية هي في الغالب نقطة العيس جنوبي حلب، تهديدات أنصار المليشيات الإيرانية خلال الأيام الأخيرة ترافقت تداول مقاطع مصورة تثبت مشاركة المليشيات الإيرانية في المعارك منذ بدايتها، وانخراطها الفعلي في مختلف جبهات القتال، وهي معلومات ومقاطع يتم تداولها لأول مرة بين أنصارها في مواقع التواصل الاجتماعي والهدف منها امتصاص صدمة الخسائر الكبيرة بين مؤيديها ورسالة تصعيدية ضد المعارضة وحلفائها.

وأوضح الناشط الإعلامي سيراج علي، لموقع تلفزيون سوريا، أن الزج بالمليشيات الإيرانية التي يديرها "فيلق القدس" في معارك إدلب ومختلف جبهات القتال، هو مصلحة روسية أيضاَ، وتوقّع علي، خسارة المليشيات الإيرانية لغطاء الحماية الذي كان يوفره لها التوحش الروسي جواً وإدارة العمليات والتسليح العالي خلال الفترة القادمة التي ستشهد تصعيداً أكبر، وفق علي.

لم يتوقف القصف الروسي مع بداية العملية العسكرية "درع الربيع"، وقدمت الطائرات الروسية الدعم للمليشيات عموماً، وبشكل أكثر في جبهات سراقب والأطراف الغربية للطريق الدولي السريع M5، وبدت العمليات الهجومية لقوات النظام والمليشيات الإيرانية في المنطقة مؤخراً أكثر حدة في محاولة منها لاستعادة مواقعها وإعادة افتتاح الطريق الدولي، وإغلاق الجيب الخطر الذي تنوي المعارضة الاحتفاظ به كمحور عمليات ثاني يمكن إشغاله وتكثيف الهجمات فيه مستهدفة من خلاله منطقتي معرة النعمان في الجنوب الشرقي وريف حلب الجنوبي في الشمال الشرقي.

وتثبت التحركات الأخيرة للمليشيات الإيرانية وحشدها المزيد من التعزيزات العسكرية أنها ماضية في التصعيد، وهذا بخلاف ما يتم تداوله من معلومات حول نيتها بتخفيف التصعيد والانكفاء تنفيذاً للرغبة المفترضة للقيادة الإيرانية والتي عبر عنها مؤخراً ما يسمى "المركز الإيراني في سوريا".