icon
التغطية الحية

رحيل اليوناني "أرفانيتاكيس".. خبّاز اللاجئين وصديقهم

2019.02.20 | 14:02 دمشق

وفاة الخبّاز اليوناني "ديونيسيز أرفانيتاكيس" المعروف بـ خبّاز اللاجئين (إنترنت)
تلفزيون سوريا - متابعات
+A
حجم الخط
-A

توفي قبل أيام، الخبّاز اليوناني (ديونيسيز أرفانيتاكيس)، الذي اشتهر بعمله الخيري في توزيع الخبز والمعجنات على مئات اللاجئين في جزيرة كوس اليونانية.

رئيس المفوضية الأوروبية (جان كلود يونكر) أصدر بياناً، أعرب فيه عن عزائه بوفاة "مواطن أوروبي مثالي"، أظهر "سخاءً وحساسية نادرة تجاه مئات المهاجرين التعساء". قائلاً "أوروبا خاصتي هي التي مثّلها ديونيس أرفانيتاكيس".

وأثارت وفاة "أرفانيتاكيس" عن عمر يناهز الـ 77 عاماً، يوم الأحد الفائت، مشاعر الحزن ليس في بلده اليونان فحسب، إنما في جموع اللاجئين الذين عرفوه، خلال رحلة لجوئهم إلى أوروبا مروراً بجزيرة كوس.

 

 

كان "أرفانيتاكيس"، يوزّع على اللاجئين الواصلين إلى جزيرة كوس عام 2015، أكثر مِن مئة كغ مِن المخبوزات يومياً وعلى مدار أشهر، بعد أن يصل بشاحنته مقترباً مِن الشاطئ الذي يصل إليه اللاجئون بقوارب مطاطية مكتظّة (البلم)، والتي كانت سبباً بفقدان مئات اللاجئين حياتهم "غرقاً" قبل وصولها.

وندد الخبّاز اليوناني حينها في تصريحات إعلامية، بما قال إنه "خطأ الدولة اليونانية" تجاه هذه الحالة الإنسانية، مضيفاً "ما الديمقراطية، حين نشاهد الناس يسقطون من الجوع؟"، لافتاً إلى أن "نصف مواطني جزيرة كوس لديهم المال، لماذا يتخلون عن واجبهم في التخفيف عن اللاجئين؟".

وحين رأى "أرفانيتاكيس" الأطفال الجائعين في جزيرة كوس قال إنه رأى المشهد ذاته في بلاده حين كان طفلاً، مردفاً "نحن وهم (اللاجئون) في نفس الجزيرة، أي نعيش معاً حياة متوازية نتلاقى فيها بالإنسانية"، مؤكّداً في كلمته لدى تسلمه جائزة أوروبية عام 2016 "سأواصل إطعام هؤلاء الأطفال.. هذا وعد قطعته على نفسي".

ونال الخبّاز اليوناني (ديونيسيز أرفانيتاكيس)، تقديراً أوروبياً بمنحه جائزة المجتمع المدني لـ عام 2016، مِن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، بوصفه أحد وجوه التضامن الإنساني التطوعي، وقال رئيس المفوضية الأوروبية خلال تكريمه "إن أوروبا هي هذا الخباز في جزيرة كوس، الذي يقدم خبزه إلى الأرواح الجائعة المرهقة".

 

مَن هو اليوناني "أرفانيتاكيس" الذي عُرف بـ خبّاز اللاجئين؟

نشأ "أرفانيتاكيس" في أسرة فقيرة مؤلفة مِن 10 أفراد، وهاجر إلى أستراليا في سنّ الـ 16، وعاد في النهاية إلى اليونان واستقر في جزيرة كوس عام 1970 وفتح مخبزاً بمدخّراته، وحين وصول اللاجئين إلى الجزيرة ساعدهم ووزّع عليهم الخبز مجاناً، ما دفع رئيس الجمهورية اليونانية (بروكوبيس بافلوبولوس) إلى الإشادة بـ إنسانيته وتضامنه مع اللاجئين.

وكتبت عنه صحيفة "هافبوست" عام 2017، تقريراً ذكرت فيه أن الخباز (ديونيس أرفانيتاكيس) كان يقترب مِن طوابير اللاجئين القادمين مِن سوريا والعراق وإريتريا وأفغانستان في جزيرة كوس، المنتظرين لـ أخذ حصصهم مِن الطعام، ويسألهم أولاً عن الأطفال، وكان يقسّم أرغفة الخبز الكبيرة بينهم.

الجدير بالذكر، أن سخط "أرفانيتاكيس" على بعض سكّان جزيرة كوس لـ عدم مساعدتهم اللاجئين، كأنه يذكّرهم بهروب آلاف اللاجئين اليونانين إلى الشرق الأوسط، هرباً مِن هجمات الجنود الألمان والإيطاليين لـ اليونان إبّان الحرب العالمية الثانية، وكانت سوريا مِن أبرز الدول التي استضافت اللاجئين اليونانيين ومدّت لهم يد العون والمساعدة.

وتُظهر الصورة الشهيرة التي يتداولها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، مهاجرين يونانيين لجؤوا إلى مدينة حلب هرباً مِن ويلات الحرب العالمية الثانية، ما جعل بعضهم يصف الصورة بأنها "مفارقة القرن" في ظل لجوء آلاف السوريين إلى أوروبا عبر اليونان، هرباً مِن جحيم "نظام الأسد" وحلفائه، الذي يشنَّ حرباً على السوريين ما تزال مستمرة منذ ثماني سنوات.
 

اللاجئون اليونانيون ومعهم صغارهم في انتظار المعونات والطعام بمدينة حلب - 1944 (إنترنت)