icon
التغطية الحية

"انتصارات الأسد" بلا قيمة مع انهيار الاقتصاد والعقوبات الأميركية

2020.06.25 | 17:00 دمشق

af-yasasi-mi-asker-toplama-yasasi-mi-55ba394d.jpg
 تلفزيون سوريا ـ وكالات
+A
حجم الخط
-A

سارع نظام الأسد ومن خلفه روسيا العام الفائت إلى استغلال المكاسب الميدانية على حساب المعارضة وآلاف المدنيين القتلى في مناطق سيطرتها، لتخفيف عزلته الدبلوماسية وإعادة وجود النظام في شمال شرق سوريا عبر تفاهمات مع "قوات سوريا الديمقراطية"، إلى أن جاء قانون قيصر ومعه العقوبات الأميركية بدفعتها الأولى لتؤكد على أن هذه "الانتصارات" بلا قيمة.

ولم يقتصر الأمر على دعوة "قسد" المتحالفة مع الولايات المتحدة، نظام الأسد وقواته للعودة إلى شمال شرق سوريا، بل زار رجال أعمال من الإمارات دمشق لاستكشاف فرص الاستثمار كما بدأت التجارة الإقليمية في الانتعاش.

ونظراً للدعم الروسي والإيراني من كل النواحي وخاصة العسكرية منها، سيطر النظام في السنوات الماضية على كل المناطق التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة السورية وفصائل الجيش الحر، باستثناء شمال غرب سوريا مع الحدود التركية.

 ومع ذلك أصبح المزاج العام في دمشق هذه الأيام كئيباً، فآمال الأسد في إعادة الأمور إلى نصابها تبددها العقوبات الأميركية الجديدة التي تخيف الجميع على الأرجح، باستثناء مجموعة من الأصدقاء المقربين، وتعيق الاستثمار الذي يحتاجه لتحقيق إعادة الإعمار المنشودة.

ويعاني الاقتصاد في سوريا من مشكلات كبيرة ليس بسبب العقوبات فحسب ولكن أيضاً نتيجة تداعيات الانهيار المالي في لبنان المجاور الذي يعاني من شُح الدولار، وسيطرة أركان النظام العسكرية والأمنية على المفاصل الاقتصادية، وعملهم في تجارة الحرب التي تعود بالأموال الهائلة عليهم دون أي فتات للشعب السوري.

وليس من المرجح أن تؤدي العقوبات وحدها إلى إسقاط الأسد، لكن الخبراء يقولون إنها ستزيد الأمور صعوبة بالنسبة له فيما يتعلق بتعزيز المكاسب وإعادة بناء شبكات المحسوبية في المناطق الموالية التي دفعت ثمناً باهظاً في المعركة.

ومع انقسام سوريا إلى ثلاثة مناطق سيطرة، وخضوعها لعقوبات صارمة وحكم منبوذ، فإن وضعها يقارن بالعراق في السنوات بين غزو صدام حسين للكويت عام 1990 والغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003 والذي أطاح به.

وقال ديفيد ليش، خبير الشؤون السورية وأستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ترينيتي في ولاية تكساس الأميركية، لوكالة رويترز، "التأثير المتتالي للعقوبات يمكن أن يقوض قدرة الأسد على إعادة بسط أو إحكام السيطرة على جزء كبير من البلاد. لا أعتقد أن ذلك سيطيح به على المدى القريب، لكنه سيحد من قدرته على الاحتفاظ بالسيطرة".

لا عصا سحرية

بعد سيطرة النظام على مناطق واسعة بشكل مُطّرد، كان السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرته يأملون في أن تتحسن الأوضاع. لكن قدراتهم الشرائية، الضعيفة بالفعل، قُضي أمرها تقريباً هذا العام بسبب انهيار الليرة السورية. وبدأت الليرة، التي كان سعرها مستقراً عند نحو 500 ليرة مقابل الدولار لعدة سنوات، تتراجع العام الماضي لتبلغ أدنى مستوى لها عند ثلاثة آلاف ليرة للدولار الشهر الجاري.

ويُعّول الأسد على الحليفتين اللتين أنقذتاه في ساحات القتال، روسيا وإيران، بأن تساعداه مجدداً. لكن مع خضوع الدولتين نفسيهما لعقوبات، فليس لدى أي منهما ما تقدمه من مال للاستثمار الذي كان يأمله النظام في سوريا، في أن يتدفق من دول مثل الإمارات والصين والهند التي تواجه حالياً احتمال التعرض لعقوبات أمريكية لو تعاملت مع سوريا.

وضمن سياسة النظام في تحوير قانون قيصر الذي لا يضر المدنيين بشيء، ادعى وزير خارجية النظام وليد المعلم في مؤتمر صحفي بدمشق أول أمس الثلاثاء بأن هدف العقوبات الأمريكية الجديدة التي فُرضت بقانون يسمى قيصر "هو نشر الجوع وعدم الاستقرار".

وأضاف أن بوسع النظام الاعتماد على أصدقائه وحلفائه، قائلاً "بقول شوية صبر. من أسبوع صدر قانون قيصر ما حد بيملك عصا سحرية يقول على روسيا تقدم هيك أو على إيران".

وقال مسؤول إقليمي لرويترز إن حلفاء سوريا في تحالف مدعوم من إيران يُطلق عليه اسم "محور المقاومة" يبحثون عن سبل للالتفاف على العقوبات. وأمدت إيران سوريا بخطوط ائتمان وبترول أثناء الحرب. وقال المسؤول "سيأتي محور المقاومة يشتغل على فتح ثغرات".

تحت الضغط

تقول واشنطن، التي قدمت السلاح ذات يوم لفصائل المعارضة العسكرية، إن الهدف هو محاسبة النظام على جرائم الحرب وردعها عن مواصلة الحرب. وتستثني العقوبات المساعدات الإنسانية.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا جويل ريبورن إن واشنطن ستمارس هذا الصيف "ضغطاً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق على نظام الأسد كي يعود للعملية السياسية". والعقوبات ليست أداة واشنطن الوحيدة.

وعلى الرغم من إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الماضي أمراً بسحب القوات الأمريكية فإنها ما زالت موجودة في الشرق حيث تحرم الأسد من السيطرة على حقول النفط والمزارع وتوفر مظلة أمنية لمنطقة حكم ذاتي بقيادة كردية. كما أن القوات التركية في الشمال الغربي تمنع استعادة الأسد لآخر معاقل مسلحي المعارضة.

وقبضة الأسد هشة على بعض المناطق التي استعادها من فصائل المعارضة بما في ذلك الجنوب الذي لا يزال مضطرباً بعد مرور عامين على اتفاق التسوية في تموز 2018.

كما تسبب الوضع الاقتصادي المتدهور في إثارة احتجاجات بالسويداء، ودفعت المشكلات المالية الدولة للاستيلاء على أصول ضخمة لابن خال الأسد، رامي مخلوف.

وقال أرون لوند، زميل مؤسسة سنشرى فاونديشن، "استراتيجية الأسد والوعد الذي يروجه لأنصاره على الدوام هو أنه يتعين علينا أن نكسب هذه الحرب عسكرياً... لنتحلى بالصبر وفي نهاية المطاف سيتعب الأمريكيون والأوروبيون وستُرفع العقوبات أو تُخفف".

وأضاف "لو تحول الفقر إلى فقر مدقع والجوع إلى مجاعة مع مرور الوقت وبدأت شبكة المحسوبية... تضعف وتتلاشى، فقد يتسنى لنا البدء في رؤية تهديدات جديدة مختلفة تتصاعد والتي قد تكون قاسية جداً بالنسبة للأسد".