icon
التغطية الحية

14 معلومة لـ فهم ما سيجري في يوم انتخاب الرئيس الأميركي

2020.11.03 | 09:19 دمشق

alantkhabat_alamyrkyt.jpg
الانتخابات الأميركية 2020 (BBC)
واشنطن - محمد علاء غانم
+A
حجم الخط
-A

ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاقة ماراثون الانتخابات الرّئاسيّة الأميركية، اليوم الثلاثاء (3 تشرين الثّاني 2020)، فما هي السّيناريوهات المحتملة وكيف نفهم الأحداث التي قد ينطوي عليها هذا اليوم المشهود؟

حتّى نستطيع فهم ما سيجري اليوم علينا أن نتعرّف على بعض سمات النّظام السّياسيّ في الولايات المتحّدة الأميركيّة، وأهمّها أنّ:

1. نظام الحكم في الولايات المتّحدة هو نظام جمهوريّ، لا ديمقراطي، ولذا فالرّئيس لا يُنتخبُ مباشرة من قبل الشعب، بل يُنتخبُ الرّئيس عبر "مجمع انتخابيّ". هذا هو السبب الذي جعل هيلاري كلنتون تخسر الانتخابات عام 2016 رغم حصولها على أغلبيّة أصوات النّاخبين (قرابة الـ 66 مليون صوت) في حين فاز دونالد ترمب بكرسيّ الرّئاسة مع أنّه لم يحصل إلّا على ما يقرب من 63 مليون صوت فقط.

2. اعتمد نظام الحكم في الولايات المتّحدة منذ تأسيسه على هذه الطّريقة غير المباشرة في اختيار الرّئيس لأنّ معظم الآباء المؤسّسين للولايات المتّحدة، وبعكس الاعتقاد السّائد، كانوا يخشون الدّيمقراطية، فقد انتمى معظمهم إلى الطبقة الأرستقراطية الثّريّة التي كانت ترى في الدّيمقراطية حُكْمَ "الرّعاع" و"السّوقة". تحرّكت بوصلة البلد منذ ذلك الحين أكثر فأكثر باتّجاه تحقيق المزيد من الدّيمقراطيّة وتغيّرت أشياء كثيرة، لكنّ النّظام السّياسيّ ما زال محافظاً على خصائصه الرّئيسيّة الأصليّة ومنها المجمع الانتخابيّ.

3. لذا فحين يُدلي الأميركيّون بأصواتهم لهذا المرشّح الرّئاسيّ أو ذاك فإنّهم حقيقة لا ينتخبون المرشّح ذاته، بل ينتخبون النّاخبين الذين سيختارون واحداً من بين المرشّحين، وعدد هؤلاء النّاخبين في المجمع 538 ناخباً وهم من يصوّت للرئيس نيابة عن الشعب.. ناخبو كلّ ولاية يصوّتون للرئيس نيابة عن أهل الولاية.

4. لذا فالولايات، لا عدد الأصوات الكليّ، هي من تحدّد الفائز في الانتخابات الأميركيّة.

5. لكلّ ولاية عدد معيّن من النّاخبين في المجمع ينوبون عن الولاية، ويعتمد عدد ناخبي كلّ ولاية على عدد الدّوائر الانتخابيّة فيها في علاقة طرديّة. فمثلاً لكاليفورنيا 55 صوتاً في المجمع، في حين أنّ ولاية داكوتا الشّمالية تملك 3 أصوات فقط. وهذا طبيعيّ فعدد سكّان داكوتا الشمالية هو 800 ألف تقريباً، في حين يربو عدد سكّان كاليفورنيا على الأربعين مليوناً.

6. حتّى يفوز المرشّح بكرسي الرّئاسة فعليه أن يحصل على 270 صوتاً في المجمع الانتخابيّ. 

من أين أتى هذا الرّقم السحريّ؟ هو حاصل قسمة ٥٣٨ (عدد النّاخبين في المجمع) على 2 = ٢٦٩،  + 1 = 270 حتّى تتحقّق الأغلبيّة البسيطة. أي أنّ المرشّح بحاجة لأغلبية بسيطة من أصوات النّاخبين في المجمع للفوز، وتتحقّق هذه الأغلبية البسيطة ب 270 صوتا.

7.  حتّى نفهم السّيناريوهات المحتملة علينا أن نعلم أيضاً أنّ الولايات في أميركا تنقسم لقسمين: ولايات ثابتة، وأخرى متأرجحة. الولايات الثّابتة هي التي عادة ما تصوّت لحزب معيّن دوناً عن سواه. فمثلاً صوّتت ولاية تكساس بشكل دائم للجمهوريّين منذ عام 1980 في حين صوّتت كاليفورنيا للديمقراطيين وبفارق كبير بشكل دائم منذ عام 1992.

على عكس الولايات الثّابتة هناك بعض الولايات التي تصوّت تارة لهذا الحزب وأخرى لذاك وتسمّى هذه الولايات بالولايات المتأرجحة. ولاية ميشيغان مثلاً صوّتت لباراك أوباما (ديمقراطي) في 2008 و2012، في حين أنّها صوّتت لدونالد ترامب (جمهوري) في 2016.

8. يكون التّنافس في هذه الولايات حامي الوطيس جداً ما يعني أنّ بضع مئات أو بضعة آلاف من الأصوات قد تغيّر نتيجة الانتخابات فيها بشكل كامل.

9. هذا يعني أنّ الولايات المتأرجحة هي من ستحدّد مصير الانتخابات اليوم.

هناك عدّة ولايات تنطبق عليها هذه الصّفة هذا العام ومنها فلوريدا، وكارولينا الشّمالية، وبنسلفانيا، وميشغن، ووسكانسن، وأريزونا. ولذا فستكون الولايات هذه محطّ الأنظار لأنّها بمثابة "بيضة القبّان" وهي التي سترجّح كفة بايدن أو كفّة ترامب، في حين أنّ التركيز سيكون أقلّ على ولاية فيرمونت مثلاً لأنّنا نعلم أنّها ولاية ديمقراطيّة زرقاء ولا نتوقّع حصول أيّة مفاجئات فيها.

10. هل من الممكن أن يفوز دونالد ترامب بولاية ثانية؟ نعم، من الممكن أن يفوز ترامب بالانتخابات اليوم لكنّ طريقه "سالك بصعوبة" أي أنّ خسارة ولاية واحدة من الولايات التي يحتاجها ترامب للفوز قد تقضي على آماله مباشرة.

للتوضيح، في 2016 فاز ترامب بـ 304 أصوات في المجمع الانتخابي. لولاية فلوريدا 29 ناخباً في المجمع، فإن خسر ترامب فلوريدا يكون 304-29 = 275 صوتا، وهو بحاجة لـ 270 صوتا حتّى يفوز أي أنّ أيّة خسارة أخرى لستّة أصوات فقط في أيّ مكان آخر ستجعله خارج السّباق مباشرة. لذا فطريق ترامب للبيت الأبيض موجود لكنّه أشبه بزقاق ضيّق، في حين أنّ طريق بايدن أشبه بطريق سريع عريض فيه عدّة حواري.

طبعاً عليّ أن أشير إلى أنّ هذه التوقّعات مبنيّة على جميع استطلاعات الرأي التي أجريت حتّى عشيّة يوم الانتخابات وهي بالمئات، ولكنّ الاستطلاعات قد أخطأت من قبل في الـ 2016 وقد تخطئ مرّة أخرى مُهدية ترامب فوزاً دراماتيكيّاً آخر يقيم الدّنيا ولا يقعدها.

11. هل سنعرف الفائز مساء الغد؟

إذا كان بايدن هو الفائز فسنعرف ذلك - على الأغلب - اليوم، لأنّ بايدن بحاجة لانتزاع بضعة من الولايات التي فاز بها ترامب عام 2016 فقط حتّى ينهي السّباق. فمثلاً إذا فاز بايدن بأريزونا وفلوريدا وميشيغان فسيكون من شبه المحال على ترامب أن يصمد في السباق. أمّا إن فاز ترامب بفلوريدا مثلاً فإنّ ذلك لن يحسم السّباق لصالحه بل سيعني أنّه لم يخسر وأنّ المنافسة مستمرّة، وسنضطرّ حينها للانتظار ريثما تنتهي ولايات أخرى من فرز أصواتها، الأمر الذي سيتطلّب مزيداً من الوقت.

السّبب الآخر هو أنّ بعض الولايات فد ألزمت نفسها قانوناً بفرز وعدّ أصوات النّاخبين في ذات يوم الانتخابات ومنها ولاية فلوريدا. إذا فاز بايدن بفلوريدا فإننا سنعرف ذلك في ذات اليوم وسنعرف أيضاً أنّ السّباق قد صار شبه محسوم، لكن فوز ترامب بلفوريدا كما أسلفت لا يكفي لضمان فوزه بالانتخابات. حتى يفوز ترمب عليه أن ينتظر مثلاً انتهاء ولاية بنسلفانيا من عدّ أصواتها وبنسلفانيا لن تنهي فرز وعدّ الأصوات اليوم.

أضف إلى ذاك أنّ هذه الانتخابات مختلفة عن كلّ سابقاتها فقد صوّت عدد غير مسبوق من الأميركيّين باكراً عن طريق البريد. فرزُ وعدُّ كلّ هذه البطاقات سيستغرق زمناً، لا سيّما وأنّ بعضها سيصل إلى مراكز الاقتراع بعد نهاية اليوم الثلاثاء.

12. إذا خسر ترامب فهل سيعترف بالهزيمة ويقبل نتيجة الانتخابات؟

الجواب أننّا لا ندري، وهذا سبب آخر يدفعنا للاعتقاد بأنّ الأمور قد لا تُحسم اليوم. إن كانت نتيجة التّصويت متقاربة فقد يطعن ترامب في التّصويت في ولاية ما أو دائرة انتخابية ما أو أكثر، وقد يطلب إعادة عدّ الأصوات فيها، وقد يرفع هو ومحاموه الطّعن للمحكمة الدّستوريّة العليا، الأمر الذي سيستغرق أسابيع أو حتّى أشهراً للبتّ فيه. وقد يتعرّض بايدن لضغط مماثل من حزبه إذا كان الفارق بسيطاً لصالح ترامب ويطعن هو الآخر بالنتيجة. أمّا إن فاز أحدهما فوزاً ساحقاً أي أنّ الفارق كان ضخماً فسيصبح الطّعن في الانتخابات أمراً صعباً.

13. هل هناك سيناريوهات أخرى؟

نعم نظرياً من الممكن أن تكون نتيجة التّصويت هي التّعادل بحيث لا يحصل أيّ من المرشّحين على الـ ٢٧٠ صوتاً اللازمة، وحينها وبحسب الدّستور تحال القضية إلى مجلس النوّاب الأميركيّ لاختيار الرّئيس، لكنّ ذلك احتمال بعيد.

14. اليوم وإن طغت الانتخابات الرّئاسيّة عليه فإنّه ليس لانتخاب الرّئيس فحسب، بل سينتخب الأميركيّون أيضاً ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وكامل أعضاء مجلس النوّاب، و 13 حاكم ولاية، وعدداً كبيراً أيضاً من المسؤولين المحليّين.

أخيراً، يتخوّف الكثير من الأميركيين من احتمال وقوع أحداث عنف وشغب واقتتال أهليّ اليوم أو في الأيّام القادمة لأنّ الانتخابات هذه تختلف عن سابقاتها كما ذكرت آنفاً والشّحن الحزبيّ على أشدّه. فقد ارتفعت مبيعات الأسلحة بشكل كبير جدّاً وأغلقت الكثير من المحالّ التّجاريّة أبوابها ونوافذها كليّاً بالألواح الخشبيّة تحسّباً لما قد سيجري نهار الغدّ. لم أرَ هذه المناظر من قبل في حياتي قبيل الانتخابات في أميركا لكنّي أراها اليوم حين أتجوّل في شوارع واشنطن.

بغضّ النّظر عن النتيجة فإنّنا نأمل أن يمرّ اليوم على سلام وأن تحتفظ الولايات المتّحدة بأهمّ سماتها على الإطلاق ألا وهي التّداول السّلميّ للسلطة. لقد حضرت حفل تنصيب الرّئيس باراك أوباما كما حضرت حفل تنصيب الرّئيس دونالد ترامب وليس هناك منظر في الدّنيا كلّها أجمل وأرقى من استلام وتسليم السّلطة دون إراقة للدماء، وهو ما أتمنّى أن أراه يوماً في جميع بلدان منطقتنا.