icon
التغطية الحية

الكنديون يدعمون فكرة استقبال مزيد من اللاجئين ولكن بشروط

2022.07.18 | 18:16 دمشق

لاجئون في كندا
لاجئون في كندا
غولف ميركوري تريبيون - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أعلنت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الدولي الأخير حول النزعات والتوجهات العالمية أنه اعتباراً من أواخر عام 2021، أجبر 89.3 مليون شخص من مختلف بقاع العالم على النزوح، وفي الوقت الذي فتحت فيه الدول المجاورة لأوكرانيا ذارعيها للهاربين من الحرب الدائرة فيها، قامت في الوقت ذاته بتقليص المزايا المخصصة للأوكرانيين بمجرد أن غصت المدن بهم.

إلا أن كندا تواصل بذل الجهد في تلك الأثناء لإنشاء جسر جوي من أجل جلب عدد غير محدود من الأوكرانيين، وتقديم الدعم لهم من خلال مبلغ يعادل ثلاثة آلاف دولار يدفع لمرة واحدة، وقد وجد البعض في ذلك موئلاً للأمل، في حين اعتبر آخرون تلك العملية مؤقتة لأنها لا يمكن أن تستمر على الدوام.

بالرغم من حاجة الأوكرانيين للسفر بحثاً عن الأمان، وبالرغم من إطلاق صفة لاجئ عليهم في أماكن أخرى، إلا أنهم لم يصلوا إلى كندا كلاجئين ستجري عملية إعادة توطينهم هناك، بل أوجدت لهم الحكومة الكندية برنامجاً، يعرف باسم التفويض الكندي-الأوكراني للسفر في حالة الطوارئ، والذي يعمل على التعقب السريع لحالات الهجرة المؤقتة بالنسبة للشعب الأوكراني.

وقد أظهرت نتائج تصويت شعبي أجري مؤخراً أن الشعب الكندي يدعم فكرة قدوم مزيد من الأوكرانيين، بالإضافة إلى دعمه لاستقدام السوريين والأفغان. ولهذا يرى الباحثون في مجال الهجرة أن ذلك إن دل على شيء، فإنما يدل على الدعم المستمر لسياسة اللجوء في كندا والبرامج المنبثقة عنها والتي تدار بعمل دؤوب يحدوه العقل والقلب في آن معاً.

حقوق الإنسان والنمو الاقتصادي والدافع الإنساني

وضعت اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين وقانون الهجرة وحماية اللاجئين في كندا إطار النهج القائم على الحقوق بالنسبة لحماية اللاجئين، إذ تلتزم كندا قانونياً بالتشجيع على حق التقدم بطلب لجوء وحمايته، إلى جانب مبدأ عدم التمييز.

إذ بصرف النظر عن البلد الأصلي أو وضع الهجرة، يحق للشخص الموجود على الأراضي الكندية أن يتمتع بالحماية بموجب الدستور الكندي. كما تسعى سياسة الهجرة في كندا لأن تصبح قائمة على الأدلة، إذ تظهر الأبحاث أن المهاجرين واللاجئين يدفعون بعجلة النمو الاقتصادي ويسهمون في الاقتصاد الكندي بطرق مختلفة، أي إن هنالك العديد من الأسباب الوجيهة لحمايتهم سواء من الناحية القانونية أو الاقتصادية.

هذا من ناحية المنطق، أما من ناحية التعاطف، فقد صيغت سياسة اللجوء وبرامج القادمين الجدد في كندا بدافع إنساني، إذ يشير المسؤولون الكنديون مراراً إلى فكرة "الترحيب" و"الملاذ الآمن" بالنسبة "للفئات المستضعفة" و"المحتاجين".

بشر يساعدون بشراً

إن صور المعاناة الإنسانية، بدءاً من فتاة النابالم وصولاً إلى آلان الكردي، شجعت على ظهور حالة دعم شعبية للاجئين بين صفوف الشعب الكندي.

ومن العناصر الأساسية ضمن استجابة إعادة التوطين الكندية برنامج التمويل الخاص باللاجئين، الذي يربط بين بشر وبشر آخرين، ويغذي حالة التعاطف بينهم، ويدفع للخروج بقوائم انتظار يتدخل فيها مواطنون كنديون لمد يد العون لغيرهم.

إلا أن الدعم الشعبي للاجئين لا يقتصر على الممولين فحسب، إذ في استطلاع للرأي أجري في 18 أيار 2022 سئل الكنديون عن مدى تقبلهم للقادمين من أفغانستان وسوريا وأوكرانيا، بما أن هؤلاء الواصلين يمثلون آخر من قدموا إلى كندا من المهاجرين، فتبين أن 35% من الكنديين يدعمون فكرة قبول المزيد من اللاجئين القادمين من أفغانستان، و31% منهم يؤيدون فكرة قبول المزيد من اللاجئين القادمين من سوريا، في حين يرى 56% من الكنديين بأن على كندا استقبال المزيد من الأوكرانيين، و14% فقط يعتقدون بأن على البلاد ألا تستقبل كل هذا العدد من اللاجئين.

ثمة دعم تبديه الأحزاب الكندية لفكرة استقدام اللاجئين الأوكرانيين يعكس الرأي العام بين عموم الشعب الكندي، إذ من خلال تعبير غير معهود عن وحدة الشعب والبلاد، طالب معظم النواب المعارضين في البرلمان الكندي حكومة بلدهم بإلغاء شروط سمة الدخول بالنسبة للأوكرانيين وذلك في شهر آذار الماضي.

نجم عن ردة الفعل العاطفية والسياسية تجاه الظروف الدولية المختلفة طريقة تعامل متباينة مع المهاجرين الفارين من العنف، إذ في الوقت الذي سمحت فيه كندا باستقبال عدد غير محدود من الأوكرانيين ويشمل ذلك الواصلين عبر جسور جوية مباشرة، يتعرض الأفغان لحالة تشكيك وارتياب بوضعهم، إلى جانب تأخير أوراقهم لفترات طويلة، مع وصول سقف عدد المقبولين منهم إلى 40 ألف شخص.

ولضمان وجود نهج عادل بصورة أكبر وقائم على الحقوق بنسبة أعلى، ينبغي على الحكومة الكندية أن تتذكر الدروس التي تعلمتها طوال عقود من تطبيقها لسياسة اللاجئين، ومن ممارسة تلك السياسة وبرامجها.

الدرس الأول

يجب على كندا أن تزيد من الآليات الخاصة بعملية إعادة التوطين، ويشمل ذلك التمويل الخاص، إذ ينبغي على الحكومة أن تعالج طلبات اللجوء الموجودة حالياً بسرعة، إلى جانب فتح مجالات جديدة، واحترام مبدأ الإضافة الذي يرى أن المجالات الجديدة يجب ألا تستبعد الأشخاص الذين مايزالون ينتظرون أوراقهم التي أصبحت قيد المعالجة.

الدرس الثاني

يجب إلغاء بعض الإجراءات الخاصة بسمة الدخول، والتي تشمل القياسات الحيوية البيومترية، في الحالات الطارئة وذلك أمام كل الجنسيات.

الدرس الثالث

أسوة بالتوصيات التي خرجت بها اللجنة الخاصة بأفغانستان لدى مجلس العموم مؤخراً، ينبغي على كندا أن تؤسس آلية للطوارئ لتتعامل بطريقة عادلة وعاجلة مع كل حالات النزوح، وليس فقط تلك التي تستقطب اهتماماً إعلامياً وسياسياً.

تتمتع كندا بتاريخ عريق في مجال استقبال اللاجئين، كما يدعم الشعب الكندي ذلك الموروث عبر دعم فكرة قبول المزيد من اللاجئين، وبالرغم من ذلك، تحتاج كندا لمنهجية أكثر عدلاً حتى تبقى متربعة على عرش الريادة في هذا المجال.

  

المصدر: غولف ميركوري تريبيون