icon
التغطية الحية

الفوضى الأمنية في الباب.. هل عجزت الفصائل والمؤسسات الأمنية؟

2021.01.07 | 08:51 دمشق

16099534481428567257.jpeg
مراسل تلفزيون سوريا في مدينة الباب بهاء الحلبي
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

أثارت محاولة اغتيال مراسل "تلفزيون سوريا" في مدينة الباب، بهاء الحلبي، جدلاً واسعاً بين الناشطين والإعلاميين في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، إذ اعتبرها فريق منهم بداية لحملة اغتيالات منظمة تستهدف الإعلاميين والناشطين، كالتي شهدتها مناطق المعارضة بين العامين 2013 و2014 بعد ظهور "تنظيم الدولة".

في حين يرى البعض أنها جزء من العمليات والحوادث التي تشهدها مدينة الباب وباقي مناطق المعارضة، والتي تكون عادة من تنفيذ خلايا وعملاء يتبعون لنظام الأسد و"قوات سوريا الديموقراطية"، على اعتبار أن الجهتين لهما مصلحة في استمرار الفوضى وحالة عدم الاستقرار.

أما الفريق الثالث من الإعلاميين فيرى بأن الوضع الأمني في الباب وعموم مناطق المعارضة معقد للغاية، وقد تكون هناك جهات أخرى متورطة ومستفيدة من الاغتيالات التي تطول الإعلاميين ومن حالة الفوضى العامة، ويمكن إدراج ما يحصل في إطار التنافس بين القوى المحلية على الزعامة والهيمنة في المنطقة.

 

مخاوف من توسع عمليات الاغتيال

نجا الحلبي لكن زميله الإعلامي حسين خطاب، والذي تعرض قبل أسابيع قليلة لحادثة مشابهة في الباب، لم ينجُ بعد أن استقرت خمس رصاصات في صدره ورأسه.

عمليتان بدا فيهما الفاعلون الملثمون يتحركون بحرية تامة أثناء عمليات رصد ومتابعة الضحية الهدف، ومن ثم التنفيذ وبوحشية والانسحاب من موقع الجريمة وبحرية نحو معاقلهم التي يخططون ويجهزون فيها لعملياتهم، وربما تكون هذه المعاقل في مكان ما قريبا من موقع الحادثتين داخل المدينة وفي ضواحيها القريبة.

هذا التصور المفترض للمشهد يعكس حالة العجز التي تعيشها مؤسسات المعارضة الأمنية والعسكرية، كما أنه مبرر منطقي لقلق الناشطين والإعلاميين ومخاوفهم المتزايدة من توسع العمليات ضدهم لاحقاً بسبب الفشل الأمني الذريع.

عضو اتحاد الإعلاميين السوريين، الصحفي جلال تلاوي، قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "الجيش الوطني وقوات الشرطة تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية ما يحصل في الباب، والفشل في إدارة الملف الأمني من سيئ إلى أسوأ، وفي حال بقي الحال على ما هو عليه الآن يمكن أن نشهد توسعاً لعمليات الاغتيال إلى خارج الباب خلال الفترة القادمة".

رئيس "اتحاد الإعلاميين السوريين"، سعد السعد، يرى أن "الإعلاميين مهددون بشكل مباشر، ويجب عليهم الدفاع عن أنفسهم بمختلف الوسائل المتاحة، وتكثيف الجهود للفت الأنظار للوضع الأمني المتردي التي تعيشه الباب وباقي مناطق المعارضة، والتركيز بشكل أكبر على نقاط الخلل والضعف الذي تعاني منه مؤسسات المعارضة الأمنية".

ووفق السعد يمكن ذلك عبر الاحتجاجات والمطالبات المستمرة بتحمل الجهات الأمنية والعسكرية لمسؤولياتها وتطهير صفوفها من الاختراق الأمني والفساد.

تصريحات السعد تتفق مع بعض ما جاء في بيان الاتحاد الذي حذر من أن الإعلاميين " لن يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون المناطق الآمنة تتحول إلى مرتع للإرهاب".

 

لماذا الإعلاميون؟

واكب الإعلاميون عن قرب مراحل الفوضى الأمنية التي تعاني منها الباب خلال السنوات التي تلت تحريرها في إطار عملية "درع الفرات"، وعموم مناطق المعارضة، وكانوا دائماً يطلبون من الفصائل والمؤسسات الأمنية التعامل بجدية أكبر في موضوع الملف الأمني، ويبدو أن تحركات الإعلاميين ونشاطهم في هذا الاتجاه قد أزعج المسؤولين عن الفوضى والتفجيرات، لذا تم توجيه بوصلة العمليات الأمنية للخلايا ضد الإعلاميين لإسكاتهم.

من جهته يرى الناشط الإعلامي، أبو شادي السفراني، أن "العداء قديم ضد الإعلاميين وأول من حاربهم هو النظام المجرم ثم تنظيم الدولة وقسد والتنظيمات التي تخشى من فضح ممارساتها، وتجدد العداء مع الفلتان الأمني في المناطق المحررة مما سهل تحرك خلايا داعش والخلايا الأمنية التابعة للنظام وقسد، وزاد من جسارتهم لاغتيال كل صوت حر مسموع، فمنذ فترة وجيزة قاموا باغتيال الزميل حسين خطاب والآن محاولة اغتيال الزميل بهاء، وكانت طريقة الاغتيال واحدة ومتشابهة تماما".

السفراني حمل خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" مسؤولية أمن المنطقة للفصائل والمؤسسات الأمنية التابعة للمعارضة، وأضاف "المنطقة بحاجة لحملة أمنية حقيقية، وتنسيق متواصل بين الجهات الأمنية والعسكرية، فالأمر خطير وفي تصاعد، ولا يمكن التعامل معه كالسابق عبر الإجراءات والحملات الشكلية والدعائية".

الإعلامي عبد القادر يوسف، يعتبر أن الإعلاميين "أهداف مكشوفة وسهلة بالنسبة للجهات المسؤولة والفاعلة في الفوضى الأمنية التي تعاني منها الباب وعموم مناطق المعارضة، ويبدو أن الحملة ضدهم منظمة وقد تتصاعد إن لم يتم وضع حد للفلتان الأمني"، وأضاف يوسف لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "حماية الإعلاميين مسؤولية الفصائل وقوات الشرطة بعد أن أصبحوا هدفاً مباشراً للإرهابيين".

ويؤكد الناشط الإعلامي شريف الحلبي لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "عمليات الاغتيال التي طالت الإعلاميين في الباب أثارت الرعب بينهم، وهم الآن يعيشون في حالة ترقب وقلق، ولسان حالهم يقول، دور من؟ ترى من سيكون التالي؟"، وأضاف شريف لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "الوضع الأمني في الباب لم يعد يطاق".

 

من يقف وراء الاغتيالات؟

تتأخر المعارضة في تحديد الجهات التي تقف خلف كل تفجير إرهابي أو عملية اغتيال في مناطق سيطرتها، وكثيرة هي الحوادث التي قيدت ضد مجهول، ولم يعرف أهالي الضحايا هوية الفاعلين وانتماءهم.

الناشط السياسي، بلال صطوف، يرى "أن المسؤولية عن عمليات الاغتيال ضد الإعلاميين تتقاسمها عدة جهات لها مصلحة في إثارة الفوضى، ولكل جهة استراتيجيتها وطريقتها في العمليات، وعلى سبيل المثال تقوم استراتيجية تنظيم داعش في التعامل مع الإعلاميين على الخطف ثم تنفيذ الإعدام أو الاغتيال ومن المحتمل أن يمتلك التنظيم خلايا في المنطقة بسبب غياب العمليات الأمنية التي تستهدف هذه الخلايا، فضلاً عن البيئة العشائرية والعائلية لمنطقة الباب، وقد تعمل خلايا التنظيم على استغلال هذا الغطاء في تأمين الحماية والتخفي".

وأضاف صطوف في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، "تعتبر قسد واحدة من الجهات المسؤولة عن عمليات الاغتيال، والتفجيرات، وتساعد هذه الاستراتيجية قسد على الترويج لدعايتها بأن القوات التركية والجيش الوطني غير قادرين على ضبط الأمن في المناطق التي يسيطران عليها، وذلك لأن الصراع مع الحزب صراع لكسب الشرعية بالدرجة الأولى، وضبط الأمن هو أحد أهم أركان شرعية الوجود، واغتيال صحفي واحد قد يُحدث صدىً إعلامياً يفوق بصداه تفجيراً عشوائياً يستهدف سوقاً للمدنيين مثلاً".

وأشار صطوف إلى أن "ما ينطبق على قسد ينطبق على نظام الأسد فهو يسعى لضرب الأمن في الشمال السوري بهدف إحداث خلل في شرعية وجود القوات التركية والجيش الحر، والإبقاء على حالة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، باعتبارها مبررات لأي تحرك لاحق له بهدف السيطرة".

من جهته قال الصحفي ماجد عبد النور، إن "تنظيم الدولة تغلغل في مدينة الباب بشكل كثيف حتى باتت خلاياه لا تهاب أحداً، تغتال وتقتل ضحاياها جهاراً نهاراً دون مجرد الشعور بشيء من الخوف، المشكلة والكارثة أن هؤلاء المجرمين باتوا محميين فصائلياً وعشائرياً وبعضهم على وشك تسلم مناصب حساسة، إن لم تتدخل قوة أمنية من خارج المدينة وتبدأ عملية استئصال هذا الورم فإننا سنصحو قريباً جداً على حواجز للتنظيم وقوة جاهز للسيطرة على المناطق المحررة"

وفي حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" قال عبد النور، إن "طريقة تنفيذ عمليات الاغتيال تدل على الجهة المنفذة وهو داعش، وهو أكثر الخصوم قدرة على اختراق مناطقنا بسهولة، كل الجهات المعادية بما فيها قسد والنظام متورطون في العمليات الإرهابية التي يتم تنفيذها في المناطق المحررة، لكن العمليات من هذا النوع تحمل بصمات خلايا التنظيم".

لم تحدد قوات الشرطة والأمن العام حتى الآن الجهة المسؤولة عن محاولة اغتيال مراسل "تلفزيون سوريا" بهاء الحلبي، ويبدو أن الأهم في الوقت الراهن تطهير الباب من الخلايا الإرهابية (خلايا التفجيرات والاغتيالات)، وفرض حالة أمنية خاصة تستهدف جميع الجماعات والخلايا العاملة في المنطقة وعلى اختلاف انتماءاتها.

المحاضر في العلوم السياسية، محمد بقاعي، قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "مدينة الباب هشة بمؤشرات الاستقرار الأمني، ولو قمنا بمراجعة للفترة التي تلت تحريرها نرى بأنها تعرضت لعشرات الحوادث الأمنية المتمثلة بالتفجيرات والاغتيالات، وأعتقد أن هناك مؤشرا لا بد من التوقف عنده، وهو زيادة لافتة في عمليات استهداف الإعلاميين والناشطين، وهذا دليل على وجود خلايا داخل المدينة أحد أهدافها استهداف الإعلاميين"

وأضاف بقاعي، أن "الوضع الأمني الراهن في الباب يرجع لعدة أسباب، منها: فشل الخطط الأمنية لضبط الفوضى، وتعدد الجهات التي يهمها الوصول إلى حالة عدم الاستقرار، ومنها النظام وقسد وداعش، ولحل المشكلة الأمنية في الباب لا بد من تنفيذ استراتيجية أمنية واضحة، ووجود إجراءات احترازية كضبط السلاح، ووجود جهة أمنية واحدة ومتمكنة"

 

 

اقرأ أيضاً: اتحاد الإعلاميين السوريين يدين محاولة اغتيال مراسل تلفزيون سوريا