icon
التغطية الحية

السويداء.. جيل جديد يتظاهر والحل إسقاط النظام

2020.06.11 | 21:00 دمشق

img_20200608_124256_009.jpg
تلفزيون سوريا - سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

في كانون الثاني من العام الجاري انطلقت سلسلة متتالية من الاعتصامات السلمية في مدينتي السويداء وشهبا تحت عنوان "بدنا نعيش" حمل خلالها المعتصمون مجموعة من المطالب المتعلقة بالوضع السوري العام والسويداء خاصة، كان أهمها أن الاعتصام حق دستوري يكفله القانون وتحسين الوضع المعيشي اقتصاديا وأمنيا، وبعد توقفها لشهور عدة عادت المظاهرات من جديد حاملة مطلبا سياسيا أعلنه السوريون منذ عام 2011 وهو إسقاط نظام الأسد.

السويداء اختناق سياسي ومعيشي

قال الكاتب والباحث في الشأن السوري جمال الشوفي لـ موقع تلفزيون سوريا، إن احتجاجات "بدنا نعيش" والمظاهرات الحالية رفعت مطالبها لتحقيقها في كل سوريا، دون تمييز لدين أو انتماء قومي أو سياسي. مؤكدين، قولاً وممارسة، على سلمية الاعتصامات وأحقية مطالبها وأنها بعيدة كل البعد عن التجيير السياسي المعارض أو الموالي، كما أنها تنبذ العنف والتخريب أو العبث في الممتلكات العامة.

وأضاف قائلا "منذ بداية العام الحالي والسويداء تعبر عن الاختناق السياسي والاقتصادي المترافق مع فوضى الميليشيات وانتشار السلاح العشوائي وعمليات الخطف المتكررة، خاصة في مواجهة الشباب، الذي كبر خلال الأعوام الماضية على حين غفلة في ظل أوضاع سياسية واقتصادية وعسكرية تعم  كل سوريا، وما لها من انعكاسات على حياتهم ومستقبلهم المسدود الأفق".

وتابع "فمنذ منتصف كانون الثاني لأسبوعين تقريبا وبشكل متتالٍ، كان رغيف الخبز المدون عليه جملة بدنا نعيش بكرامة عنواناً عاماً، ترافق مع التأييد من كل محافظات القطر، ودون أن تستطيع السلطة أن توجه له أية تهمة من التهم المحفوظة سلفاً في أجنداتها الخلفية، كما وعجزها عن تأمين أدنى المطالب السياسية والأمنية مع تحسين بسيط في بعض الشروط الاقتصادية المتعلقة بزيادة كميات البنزين والمازوت التي تدخل المحافظة".

ويشير "الشوفي" إلى أنه خلال الأشهر الماضية دخلت محافظة السويداء مثل معظم المناطق السورية، في مقدمات الحجر المنزلي عقب انتشار كوفيد 19، والذي أدى لارتفاع الأسعار وازدياد الاختناق الاقتصادي المترافق مع الاستعصاء السياسي العام في الملف السوري، حيث توقفت أعمال اللجنة الدستورية، وتم تجميد الحل السوري عامة.

لا حل اقتصادي بدون تغيير سياسي

في بدايات الصيف عادت الاعتصامات السلمية في السويداء، لأسبوعين متتالين كل يوم أحد اعتبارا من 23 من أيار الماضي وذلك على خلفية حريق المحاصيل الزراعية وحراش الضمنة (احتراق حوالي 2500 دونم من الحراش الزراعي بين منطقتي قنوات والسويداء)، وبحسب المؤشرات فإن افتعاله تم للتضيق على الشباب في السويداء وعموم السكان.

وأوضح "الشوفي" أنه وفي "الأسبوع الثالث وبدءا من 6 من حزيران، تصاعدت حركة الاحتجاجات عبر مظاهرات مدنية سلمية بشكل يومي ولمدة أربعة أيام متتالية، تحت عناوين عدة بدءاً من بدنا نعيش بكرامة، إلى نحنا بدنا سوريا، والتي عبرت عن احتقان وانسداد الأفق أمام جيل الشباب بشكل رئيسي من أن لا حلول اقتصادية أو أمنية لدى السلطة القائمة يمكن أن تقدمها، هذا مع ارتفاع جنوني بالأسعار وانخفاض سعر الدولار لأرقام غير مسبوقة، وما من حل يمكن طرحه في هذا سوى التغيير السياسي في سلطة النظام القائمة والتي تتلخص بالانتقال السياسي من الدولة التسلطية الى دولة الحق والقانون وفق توصيات قرار مجلس الأمن 2254، فكانت شعارات الشارع تتناسب كلية مع هذه الرؤية السياسية وضرورة تفعليها".

استعادة للحراك الثوري

مواقف متباينة استقبل بها السوريون ومعارضون لحراك السويداء، حيث اعتبر البعض أنه جاء متأخرا، في حين وصفه آخرون بـأنه "ثورة جوع" بشكل يفصل الحراك عن سياقه السياسي، لكن هذه المظاهرات لقيت تضامنا في إدلب ودرعا ومناطق أخرى، وحول ذلك أوضح الشوفي أن" المتابعة السياسية لحراك السويداء اليوم أتت متباينة، كما هو الحالة السورية عامة، فمن بث الروح في أوساط السوريين عامة بإمكانية استعادة الأمل في ثورتهم السلمية الموءودة منذ 2011، إلى استعادة الأمل بإمكانية تحريك الملف السياسي السوري وعدم الاستفراد الدولي به، بحيث يمكن للشعب السوري أن يعبر عن نفسه وعن أحقية وجوده في استعادة دولته وخروجه من النفق المعتم للحرب الطويلة المتباينة الأجندات الإقليمية والدولية خاصة الروسية والإيرانية".

وتابع "بينما بادر بعض القائمين على ملفات المعارضة السورية سياسياً بالاستخفاف والتقليل من شأن مظاهرات السويداء، ووصفها بأنها ثورة جياع، في رؤية فوقية للمقارنة بثورة الحرية والكرامة، متناسين تماماً، أن أبناء السويداء شاركوا أقرانهم السوريين ومنذ بدء الثورة في تنظيم المظاهرات والاعتصامات، لكن دخول عوامل متعددة بالحالة السورية أهمها التوجه للعسكرة والتدخل الإقليمي وانكشافه الطائفي بدءا من 2013، ونمو التطرف بشقيه الإسلامي والشيعي، إضافة لسلسلة من التباينات الأيديولوجية السياسية المعارضة في قراءة المشهد السوري، كلها عوامل جعلت حراك الأقليات عامة والسويداء خاصة يخبو مع الزمن، لكنه أبدا لم يمُت".

جيل جديد يتظاهر

يشدد المتظاهرون في مدينة السويداء على الربط بين المطالب السياسية والاقتصادية داعين لاستمرار المظاهرات الأسبوع المقبل، وأوضح ريان معروف مسؤول التحرير في شبكة السويداء 24 لـ موقع تلفزيون سوريا، أن الشارع لم يفصل منذ اليوم الأول للمظاهرات بين السياسي والمعيشي  لافتا أن المظاهرات ليست بسبب الجوع فقط وهي لم تقتصر على هذ الشعار، وتابع "لو كان ذلك صحيحا لكنا استطعنا استقطاب أعداد أكبر لأن الجوع يحاصر جميع السوريين مؤيدين ومعارضين، لكن تراكم الأسباب في السويداء مثل الفشل السياسي والأمني والاقتصادي والنظام هو المسؤول عن ذلك".

ويؤكد "معروف" على أن مظاهرات السويداء حملت شعارات الثورة عام 2011، واللافت أن من خرج يتظاهر اليوم هم شريحة جديدة من الشباب أعمارهم بين 18 و25 عاما وهم كانوا أطفالا عند انطلاق الثورة، وجميعهم على قناعة أن المشكلة في سوريا تكمن في النظام، لذلك كان شعار إسقاط النظام أول شعار هتف به المتظاهرون، وأضاف " هناك رضا شعبي عن المتظاهرين، مع وجود فئات أرادت التركيز فقط على المطالب المعيشية، وهي ليست المرة الأولى التي نطالب فيها بإسقاط النظام، ولكن في السنوات الماضية لم يكن الشعار يلقى قبولا اجتماعيا".

وأشار إلى أن المظاهرات انطلقت في الساحات الرئيسية للمدينة وقرب المربع الأمني، وكانت أكبرها يوم الإثنين الماضي حيث جاب المئات الشوارع، لكن حشد النظام يوم الأربعاء الماضي لمسيرة في ساحة المحافظة دفع بالمتظاهرين لتغيير المكان إلى "ساحة الفخار"، ما أدى إلى قلة عدد المتظاهرين إضافة إلى استنفار أفرع النظام الذي بدأ بقمع الحراك. وذكر معروف أن مجموعة مسلحة بلباس مدني اعتقلت رائد الخطيب الأسبوع الجاري، وحملت السلاح على الموجودين، دون أن تذكر الجهة التي تنتمي لها.