icon
التغطية الحية

الرئيس التركي يؤدي صلاة الجمعة الأولى في "آيا صوفيا"

2020.07.24 | 14:58 دمشق

photo_2020-07-24_14-58-09.jpg
الرئيس التركي في آيا صوفيا (الأناضول)
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

بعد انقضاء ما يقرب من 86 عاماً على تعليق الصلاة فيه، أدّى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، صلاة الجمعة في مسجد "آيا صوفيا" برفقة زعيم الحزب القومي في تركيا، دولت بهتشلي، والعديد من الوزراء والنوّاب والشخصيات السياسية والدينية.

ويؤدي المسلمون الأتراك اليوم صلاة الجمعة داخل مسجد آيا صوفيا، أو "حَجّية صوفيا" بحسب التسمية التركية للجامع، وذلك لأول مرة منذ العام 1934 الذي شهد تحويله من مسجد لأداء الصلوات إلى متحف تاريخي.

فبدأت جموع المصلّين تتوافد إلى المسجد منذ ساعات الصباح الأولى، وشهدت الساحات والحدائق والحارات المحيطة بالمسجد اكتظاظاً هو الأول من نوعه على الإطلاق ، وأكد مصدر خاص لموقع "تلفزيون سوريا" أن دائرة صفوف المصطفين لأداء صلاة الجمعة قد وصل متوسط قُطرها إلى أكثر من 2 كم.

وكانت المحكمة الإدارية العليا بتركيا قد ألغت في 29 أيار الفائت العمل بقرار حكومي قضى بتحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف، في 24 تشرين الثاني 1934، وجاء ذلك بعد أن قدمت عدة منظمات تركية طلبات للمحكمة المذكورة تطلب منها إبطال ذلك القرار حكومي، الذي يعطي آيا صوفيا وضع المتحف.

واستندت المحكمة في قرارها على سندات ملكية حملت اسم مؤسسة السلطان محمد الفاتح، تؤكد بأن آيا صوفيا مسجّلة كمسجد بعد شرائها من القساوسة بحسب ما ذكرته السندات، وأشارت المحكمة إلى أن هذا التصنيف غير قابل للتعديل.

hagia-sofia-2.jpeg
سندات ملكية آيا صوفيا

وفي العاشر من تموز الجاري وقّع الرئيس التركي على مرسوم إعادة فتح مسجد آيا صوفيا أمام المسلمين للصلاة فيه.

آيا صوفيا والأهمية التاريخية والدينية

يقع المسجد على الجانب الأوروبي في مدينة إسطنبول، وعُرف في العصر العُثماني باسم "آيا صوفيا كبير جامع شريف"، وقبل ذلك كانت "آيا صوفيا" -وتعني في اللغة اللاتينية "الحكمة المقدّسة"- كنيسة وكاتدرائية مسيحية في العصر البيزنطي قبل أن يتمكّن السلطان محمد الثاني (الفاتح) من فتح عاصمة البيزنطيين، القسطنطينية، التي أطلق عليها تسمية (إسلامبول) وتعني "مدينة الإسلام"، قبل أن تتحول لاحقاً إلى (الأستانة) ثم إلى إسطنبول.

بُنيت كاتدرائية آيا صوفيا في عهد الإمبراطور الروماني جوستنيانوس عام 537م، وكانت درّة العمارة البيزنطية آنذاك وأكبر مبنى في العالم وأول مبنى استخدم فيه قبّة معلقة بالكامل. وتحتل مكانة عظيمة لدى المسيحيين بمختلف مذاهبهم إذ عدّها المؤرخون رمزًا ثقافيًا ومعماريًا وأيقونة للحضارة البيزنطية والحضارة المسيحيَّة الأرثوذكسيَّة.

في عام 1204، حوَّل الفرنجة القادمون من غرب أوروبا آيا صوفيا إلى كاتدرائية كاثوليكية، بعد أن نهبوها وسرقوا مقتنياتها وقتلوا الآلاف من أهالي القسطنطينية أثناء حملتهم الصليبية الرابعة، وصارت تتبع الإمبراطورية اللاتينية، قبل أن تعود مجدداً إلى كاتدرائية أرثوذكسية عند استرداد البيزنطيين أراضيها من الصليبيين عام 1261.

ويصف المؤرخ "ستيفن رونسيمان" في مؤلفه الشهير "تاريخ الحروب الصليبية"، تلك الحملة وما خلّفتها من دماء ودمار، فكتب: "لم تكن هناك جريمة ضد الإنسانية أكبر من الحملة الصليبية الرابعة".

حين فتح العثمانيون القسطنطينية 1453، أمر السلطان محمد الفاتح برفع الأذان في الكنيسة إيذاناً بجعلها مسجداً جامعاً، وانتقل مقر البطريركية في القسطنطينية إلى كنيسة "الرسل المقدسة" التي أصبحت كاتدرائية المدينة.

 السلطان محمد الفاتح لم يقم بإتلاف المقتنيات واللوحات والرموز المسيحية في الكاتدرائية، بل خصص أموالاً للحفاظ على مقتنياتها، حيث أمر بتغطية اللوحات الفسيفسائية الموجودة بداخل الكنيسة والتي تضمّ رسوماً مسيحية تصويرية للسيدة مريم العذراء والمسيح عليه السلام ويوحنا المعمدان، بطبقةٍ من الجص طيلة القرون التي تم استخدام المبنى فيها كمسجد، ومع الوقت أُضيفت السمات المعمارية الإسلامية مثل المنبر، وأربعة مآذن، والمحراب.

وفي عام 1847، كلف السلطان العثماني عبد المجيد معماريين سويسريين وفنانين إيطاليين بترميم آيا صوفيا واستعادة الزخرفة، وأكملوا الترميم في غضون عامين، مع توظيف مئات العمال لتوثيق مواقع الفسيفساء البيزنطية القديمة.

استمرت آيا صوفيا المسجد الرئيسي لإسطنبول مُنذ تحويلها حتى بناء جامع السلطان أحمد (المسجد الأزرق) القريب، في عام 1616، الذي استلهم مع العديد من المساجد العثمانية الأخرى، كمسجد سليمان القانوني وجامع رستم باشا وجامع قلج علي باشا، نمط العمارة لآيا صوفيا وخاصة شكل القبّة ومحيطها.

ظلّ المبنى مسجداً حتى عام 1931، عندما أغلق أمام المُصلين طيلة أربع سنوات. أعيد افتتاحه في عام 1935 كمتحف للجمهورية التركية الوليدة.